مكافحة الارهاب ومحاربة الفكر المتطرف
وليد عبدالحسين
هكذا كان عنوان الندوة التي أقامها البيت الثقافي في الصويرة بالتعاون مع منتدى الشباب وبرعاية السيد القائم مقام، وذلك يوم الاثنين الموافق ١٣ / ١٠ / ٢٠٢٥، والتي دُعيت لإلقاء محاضرة فيها، بينت في بدايتها دقة عنوان الندوة وشموليته، لأن الفكر المتطرف هو البيئة الخصبة للإرهاب والمنبع القوي له، وإن اشتركت معه عوامل أخرى بعضها اقتصادية ربما، وبعضها سياسية، وبعضها حتى قبلية، ولكن يبقى الفكر الديني المتطرف هو السبب الرئيسي لنشوء جرائم الإرهاب وانتشارها في العراق خاصة بعد عام ٢٠٠٣، ربما يأتي من يقول لنا: هل قبل ٢٠٠٣ لم تكن هناك جرائم إرهابية بالمعنى القانوني لها في العراق؟ أقول إن جميع الجرائم التي ارتكبها النظام البائد بحق الشعب هي جرائم إرهابية بلا شك، ولكنها كانت تُمارس ضمن إطار الدولة ومؤسساتها، لذلك لا يمكن اعتبارها جرائم إرهابية تشبه ما حصل بعد ٢٠٠٣ لا سيما في الأعوام ٢٠٠٥ و٢٠٠٦ وما بعدهما حتى أحداث عام ٢٠١٤ وقصة داعش وما تلاها.
أقول خمود هذه الظاهرة، أعني الجرائم الإرهابية، في بعض الأوقات وقوتها في أوقات أخرى يدلل على دقة اعتبار أن الفكر الديني المتطرف القابع في كثير من مأثوراتنا وكتبنا، أعني الكتب الإسلامية طبعا سنة وشيعة، هو السبب الرئيسي لبقاء ظاهرة الإرهاب حية قائمة يمكن أن تصيبنا بضررها وشررها في أي وقت، لا سيما وأن هناك انتهاكا فضيعا للتخصص في العلم الديني، فكل من دخل مدرسة دينية أو معهدا أو حوزة ولو لبضعة أيام صار يفتي ويشرع ويحلل ويصدر أحكاما وآراء في ظل حرية ارتقاء المنابر والمواقع والقنوات، وبالتالي ربما ينشر فكرا دينيا متطرفا يكون سببا لظهور حركات إرهابية نعاني منها، وما لم تعالج هذه المسألة، سنبقى نكتوي بنيران الإرهاب دائما وأبدا، لا سامح الله. ولا أريد الإطالة في هذا الموضوع، فهذه مقدمة للدخول في موقف القانون العراقي من ظاهرة أو جرائم الإرهاب.
حيث ابتدأت ببيان موقف قانون العقوبات رقم ( ١١١) الصادر عام ١٩٦٩ ، والذي كُتب واستنادا الى المادة الاخيرة منه ( 506) ببغداد في اليوم الخامس من شهر جمادى الاولى لسنة 1389 المصادف لليوم التاسع عشر من شهر تموز لسنة 1969 ، إذ اشار ، الى الجرائم الارهابية في المادة 21 حينما تحدث عن الجرائم السياسية بالقول ( ا – الجريمة السياسية هي الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي او تقع على الحقوق السياسية العامة او الفردية وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية....ومع ذلك لا تعتبر الجرائم التالية سياسية لو كانت قد ارتكبت بباعث سياسي: 5 – الجرائم الارهابية)
كما اشار في المادة 365 منه بالقول : يعاقب بالحبس وبالغرامة او بأحدى هاتين العقوبتين من اعتدى او شرع في الاعتداء على حق الموظفين او المكلفين بخدمة عامة في العمل باستعمال القوة او العنف او الارهاب او التهديد او اية وسيلة اخرى غير مشروعة.
و كذلك المادة 366 :
في غير الحالة المبينة في المادة السابقة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على مائة دينار من استعمال القوة او العنف او الارهاب او التهديد او اية وسيلة اخرى غير مشروعة ضد حق الغير في العمل او على حقه في ان يستخدم او يمتنع عن استخدام اي شخص.
الا انه لم يعّرف ماهية الجرائم الارهابية او بيان انواعها وافعالها واركانها . حتى صدر قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة ٢٠٠٥ المتكون من ( ٦) مواد فقط بينت المادة( 1 ) منه بيان الجريمة الارهابية بأنها :
كل فعل اجرامي يقوم به فرد او جماعة منظمة استهدف فردا او مجموعة افراد او جماعات او مؤسسات رسمية او غير رسمية اوقع الاضرار بالممتلكات العامة او الخاصة بغية الاخلال بالوضع الامني او الاستقرار والوحدة الوطنية او ادخال الرعب او الخوف والفزع بين الناس او اثارة الفوضى تحقيقا لغايات ارهابية.
ثم بينت المادة 2 الى تعداد الافعال الارهابية :
تعد الافعال الاتية من الافعال الارهابية :
1 . العنف او التهديد الذي يهدف الى القاء الرعب بين الناس او تعرض حياتهم وحرياتهم وامنهم للخطر وتعريض اموالهم وممتلكاتهم للتلف أيا كانت بواعثه واغراضه يقع تنفيذا لمشروع ارهابي منظم فردي او جماعي .
2 . العمل بالعنف والتهديد على تخريب او هدم او اتلاف او اضرار عن عمد مباني او املاك عامة او مصالح حكومية او مؤسسات او هيئات حكومية او دوائر الدولة والقطاع الخاص او المرافق العامة والاماكن العامة المعدة للاستخدام العام او الاجتماعات العامة لارتياد الجمهور او مال عام ومحاولة احتلال او الاستيلاء عليه او تعريضه للخطر او الحيلولة دون استعماله للغرض المعد له بباعث زعزعة الامن والاستقرار .
3 . من نظم او تراس او تولى قيادة عصابة مسلحة ارهابية تمارس وتخطط له وكذلك الاسهام والاشتراك في هذا العمل .
4 . العمل بالعنف والتهديد على اثارة فتنة طائفية او حرب اهلية او اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين او حملهم على تسليح بعضهم بعضا وبالتحريض او التمويل .
5 . الاعتداء بالأسلحة النارية على دوائر الجيش او الشرطة او مراكز التطوع او الدوائر الامنية او الاعتداء على القطاعات العسكرية الوطنية او امداداتها او خطوط اتصالاتها او معسكراتها او قواعدها بدافع ارهابي .
6 . الاعتداء بالأسلحة النارية وبدافع ارهابي على السفارات والهيئات الدبلوماسية في العراق كافة وكذلك المؤسسات العراقية كافة والمؤسسات والشركات العربية والاجنبية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في العراق وفق اتفاق نافذ .
7 . استخدام بدوافع ارهابية اجهزة متفجرة او حارقة مصممة لإزهاق الارواح وتمتلك القدرة على ذلك او بث الرعب بين الناس او عن طريق التفجير او اطلاقة او نشر او زرع او تفخيخ اليات او اجسام أيا كان شكلها او بتأثير المواد الكيماوية السامة او العوامل البايلوجية او المواد المماثلة او المواد المشعة او التوكسنات .
8 . خطف او تقييد حريات الافراد او احتجازهم او للابتزاز المالي لأغراض ذات طابع سياسي او طائفي او قومي او ديني او عنصر نفعي من شانه تهديد الامن والوحدة الوطنية والتشجيع على الارهاب.
لتشير المادة 4 الى عقوبة الجرائم الارهابية بالقول :
1 - يعاقب بالإعدام كل من ارتكب – بصفته فاعلا اصليا او شريك عمل أيا من الاعمال الارهابية الواردة بالمادة الثانية والثالثة من هذا القانون، يعاقب المحرض والمخطط والممول وكل من مكن الارهابيين من القيام بالجرائم الواردة في هذا القانون بعقوبة الفاعل الاصلي .
2 - يعاقب بالسجن المؤبد من اخفى عن عمد اي عمل ارهابي او اوى شخص ارهابي بهدف التستر.
ومن اجل فسح المجال امام من غُرر بهم او تورطوا في هكذا جرائم خطيرة فأن المادة( 5) قررت :
1 - يعفى من العقوبات الواردة في هذا القانون كل من قام بأخبار السلطات المختصة قبل اكتشاف الجريمة او عند التخطيط لها وساهم اخباره في القبض على الجناة او حال دون تنفيذ العمل .
2 - يعد عذرا مخففا من العقوبة للجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون للشخص اذا قدم معلومات بصورة طوعية للسلطات المختصة بعد وقوع او اكتشاف الجريمة من قبل السلطات وقبل القبض عليه وادت المعلومات الى التمكن من القبض على المساهمين الاخرين وتكون العقوبة بالسجن.
علما ان الجرائم الارهابية ووفقا الى المادة( 6)
1 . تعد الجرائم الواردة في هذا القانون من الجرائم العادية المخلة بالشرف .
2 . تصادر كافة الاموال والمواد المضبوطة والمبرزات الجرمية او المهيئة لتنفيذ العمل الاجرامي .
3 . تطبق احكام قانون العقوبات النافذ بكل ما لم يرد به نص في هذا القانون .
واختتمت الكلام حول قوانين العفو الصادرة عام ٢٠٠٨ و٢٠١٦ و٢٠١٧ و٢٠٢٥ ، وقلت بأن المشرع العراقي حاول ان يتشدد في عدم اعفاء المحكومين بجرائم الارهاب من عقوباتهم تارة وتوسيع شمول احكامه لهم تارة اخرى ، فأستثنى مثلا في قانون العفو رقم 19 لسنة ٢٠٠٨ من الشمول بأحكامه بموجب المادة ( ٢) منه في الفقرة ب ( جرائم الارهاب اذا نشا عنها قتل او عاهة مستديمة )
اما قانون العفو رقم ( ٢٧) لسنة ٢٠١٦ فأنه في المادة ( ٤) بموجب البند (ثانيا) استثنى من الشمول بأحكامه :
الجريمة الإرهابية التي نشأت عنها قتل او عاهة مستديمة وجريمة تخريب مؤسسات الدولة وجريمة محاربة القوات المسلحة العراقية وكل جريمة ارهابية ساهم بارتكابها بالمساعدة او التحريض او الاتفاق.
الا ان هذه الفقرة عدلت بموجب التعديل الاول لقانون العفو رقم ٨٠ لسنة ٢٠١٧ اذ جاء فيها :
المادة – ٢ – يلغى نص البندين (ثانيا وسادسا من المادة (٤) من قانون العفو العام ويحل محله الاتي :
ثانيا : (۱) الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الارهاب رقم (۱۳) لسنة ۲۰۰٥ المرتكبة بعد ١٠/٦/٢٠١٤
(۲) الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الارهاب رقم (۱۳) لسنة ٢٠٠٥ المرتكبة قبل ١٠/٦/٢٠١٤ التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة .
وعدلت ايضا بموجب التعديل الثاني لعام ۲۰۲٥ والغيت بموجب
المادة (۲) من التعديل الثاني البنود (ثانيا ، سادسا، عاشرا ) من المادة (۱) من قانون العفو العام رقم ۲۷ لسنة ۲۰۱٦ المعدل ويحل محلهم الآتي:
ثانيا : - الجريمة الإرهابية التي نشأ عنها قتل أية مستديمة وجريمة
تخريب مؤسسات الدولة وجريمة محاربة القوات المسلحة العراقية وكل جريمة ارهابية ساهم بارتكابها بالمساعدة أو التحريض او الاتفاق وكل من قام بتجنيد العناصر الإرهابية ومن انتمي اليها بإرادته.
يعني في اخر تعديل لقانون العفو اصبح الانتماء للتنظيمات الارهابية ليس جريمة مستثناة من الشمول بأحكام قانون العفو اذا كانت ليست بإرادة الشخص !
: محام / الصويرة