الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
باب الهداية ومفتاح القلوب...

بواسطة azzaman

باب الهداية ومفتاح القلوب...

نوري جاسم 

 

في الذكرى الخامسة لرحيله، لا يُمكن للقلوب أن تنسى، ولا للأرواح أن تنكر عبير النور الذي ظل يشعُّ من حضرة السيد الشيخ السلطان الخليفة محمد المحمد الكسنزان الحسيني ( 1938م _ 2020م ) قدست أسراره. لقد كان رجلًا، بل مقامًا، فريدًا في عالم الرجال، وسرًّا صوفيًّا من أسرار العرفان، تجسدت فيه صفات الإنسان الكامل، وبه التقت انوار السماء بالأرض في لحظة إشراق روحي محمدي خالد،

وكان حضرة السيد الشيخ محمد المحمد الكسنزان قدس الله سره آيةً من آيات الكرم، لا يردُّ سائلاً، ولا يُقصي محتاجًا، قلبه بحرٌ من النور لا سواحل له، يُغيث الأرواح التائهة، ويحنو على الجراح النازفة، ومن لقيه أحسَّ أنه أمام رجلٍ من زمن النبوة، بل أمام نور محمدي متجسد في هيئة بشرية، تحمله هموم الأمة وتسكنه أوجاع العالم، وشجاعته لم تكن في صوته ولا في سيفه، بل في مواقفه، في صموده على طريق الحق رغم العواصف، وفي ثباته على نشر قيم الاعتدال والتسامح والسلام في زمن طغت عليه رياح الغلو والتكفير، وكان صوفيًّا في زمن السياسة، وسياسيًّا بروح العارف، لا يناور ولكن يشير بإصبعه النورانية إلى طريق الفلاح، ولقد كان بحراً من العلوم اللدنية، لا تُقاس معرفته بسنوات دراسة، بل بتجليات الفتح الإلهي، وتوارث الأسرار من سلاسل النور المتصلة قلبًا بقلب، ونورًا بنور، ويد بيد حتى حضرة المصطفى سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، موسوعته “الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان” لم تكن مجرد كتاب، بل خريطة روحانية تُعيد ترتيب الوعي البشري على نهج الولاية الحقة، وكان أبًا روحيًّا، مرشدًا، هاديًا، مفتاحًا من مفاتيح الهداية، صامتًا أحيانًا، لكنه في صمته ناطق بالحكمة، وكان إذا تكلم، نطق بالحُجّة، وإذا سكت، نطقت هالته بالسكينة والإشارات الروحية، أسّس، وبنى، وسافر، وبذل، وأسس كليةً جامعة وروّج لفكرة، وأحيا ذكراً، ونقح تراثًا، وأطلق تقويمًا محمديًّا، ليعلّم الأجيال أن الزمن الروحي لا يُقاس بالتقويمات الأرضية، بل بنبض النور وصرخة المعنى، وكان وفاؤه نسيجًا من الصدق، لا ينكسر ولا يتكسر، يحفظ العهد، ويكرّم السالك، ويبكي على قلبٍ ضلّ، ويسأل عن الغائب كأنه يسأل عن نفسه، وفي كل هذا، كان عنوانًا شامخًا للأخلاق المحمدية، وشرف آل البيت، وغيرة أبناء الحسين عليهم السلام، أيها السالك، إن ذكرى رحيله ليست ذكرى غياب، بل حفل بالحضور السرمدي، فالنور لا يغيب، بل يسطع في القلوب الصادقة، والفيوض لا تنقطع، بل تستمر على هيئة كرامات، وبصمات في الأرواح، خمسة أعوام مضت، ومرقده في السلطانية المقدسة، صار قبلةً للأرواح، ونقطة التقاء بين الأرض والسماء، وبوابةً مفتوحةً على عوالم الذكر والمحبة والسلام، لكنه لا يُختزل في مقام أو مرقد، بل في قلب وروح كل سالكٍ يتنفس بهديه، وكل محبٍّ يتخلق بأخلاقه، وكل إنسانٍ يحمل نور الاعتدال في قلبه، انت باب رحمة من رحمة الرسول سيدنا محمد  صلى  الله  تعالى  عليه  وآله  وسلم، يا سيدي الشيخ محمد المحمد الكسنزان، لقد كنت أعجوبة، بل الإبداع نفسه لو تجسّد، وكنت الرسالة، والمرشد، والطريق... وها نحن مع وريثك والشيخ من بعدك السيد الشيخ  شمس الدين  محمد نهرو الكسنزان القادري الحسيني قدست اسراره نحمل معه النداء، ونمضي على دربك، نحمل نورك وننثره على عتمات الطريق في هذا العالم، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ...

 


مشاهدات 146
أضيف 2025/10/04 - 1:39 AM
آخر تحديث 2025/10/05 - 10:13 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 665 الشهر 3365 الكلي 12043220
الوقت الآن
الأحد 2025/10/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير