الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التحرّش جريمة أم ظاهرة إجتماعية ؟

بواسطة azzaman

التحرّش جريمة أم ظاهرة إجتماعية ؟

نوال الجراح

 

برنامج شباب وبنات الذي يُعرض على قناة محليّة في مدينة الموصل، شاركتُ في إحدى الحلقات قبل فترة قصيرة كان موضوع الحلقة (التّحرش جريمة أم ظاهرة إجتماعية) وأثناء حديثي تبادر إلى ذهني عدّة قصص لنساء تعرّضن لهذه الجريمة ومنها

قصة إمرأة، في عام 2023 وأنا أتصفح الفيس بوك وأقرأ بوست لكاتبة عراقية مُغتربة وحنينها لبيت العائلة الكبير، أحببتُ أن أترك تعليق لها واذ أستوقفني تعليق لإحدى النساء، كتبت في أسطُر قليلة أنّها لاتحنُّ لذلك البيت الكبير الذي تعرضت فيه للتحرش من أَخيها وهي  بعمر المراهقة ورُغم مرور أربعين عاماً على الحادثة لكنّها مازالت تتجرّع ألم ومرارة ماحدث ،وتَذكر إِنّها الآن بعمر ٥٧ عاماً ، كلماتها كان لها أثر كبير في نفسي خاصّة إني مُهتمة في قضايا المرأة والوعي الأُسري وقد أطلعتُ على عدة حالات مماثلة لها.

واجبي الإنساني يُحتّم عليّ أن أكتب وأتحدّث ولا ألتزم الصمت أمام ما يحدث من جرائم بحق النساء والفتيات ومساعدتُهنّ، وأن تُدرك كل إمرأة أهمية ما عليها أن تقوم به من تشافي بإتباع خطوات وأساليب تمكنها من التخلص من آثار تلك المعاناة بخطوات فعّالة، وكثير من الحالات إستطاعت بفضل الله ثم بإرادتها أن تتعافى تدريجياً من أثر هذه الصدمة

لذا قررتُ أن أكتب عن التحرش لزيادة وعي المجتمع لهذه الجريمة والتصدي لها وأساليب تجاوزها كي نعيش في مجتمع آمن.

التحرش : هو أيُّ صيغة من الكلمات غير المرغوب بها أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الإرتياح أو التهديد أو الخوف أو عدم الأحترام أو الأنتهاك أو أنه مُجرد جسد، سواء كان إمرأة أو طفل.

ظاهرة التحرش ومنها التحرش بالمحارم ظاهرة خطيرة تفتك بالمجتمعات ولها أسباب عدة منها.

أولاً. أسباب أجتماعية :

وتشمل غياب  التنشئة السّليمة  منذُ الطفولة، غياب الوازع الديني والقدوة الحسنة، عدم وجود وعي كافي للأبوين في أُسس التربية  السليمة، عدم إِتباع الطُرق الصحيحة في تعليم الطفل عن كيفية التعامل مع الآخر وكيفية الحفاظ على جسده ونفسه من الإِنتهاك، وعدم السّماح للطفل بالتعبير والتحدث أمام الأبوين بحرية وأمان في حالة حدوث تحرش من أيِّ شخصٍ وعدم تقديم الدّعم والحلول المناسبة له في حال علم الأبوين بذلك ،

كذلك دور الاعلام وتقديمه لأفلام وبرامج ذات محتوى سيئ تظهر فيه المتحرش كأنه بطل وتظهره بصورة إيجابية وجميلة ومُحببة لدى المشاهد وهذا ما يتخزّن في عقله اللاواعي ويُؤثر بشكل سلبي على الفكر والسلوك ، على عكس ما يُفترض أن يكون عليه دور الأعلام الهادف الذي يبني المجتمع.

أيضاً، غياب الدّور المهم للمدارس في توعية الطلبة على خطورة هذه الجريمة على مرتكبها وعلى الضحية من الناحية النفسية والدينية ونظرة المجتمع له،

ثانياً. العادات والتقاليد الخاطئة :

والتي تسهم في تشجيع ظاهرة التحرش فقد تلجأ الضّحية إلى الصّمت حتى لا تُلام من المجتمع خاصة في المجتمع العربي الذي يغلب عليه طابع المجتمع الذكوري، فيُحمّلها السبب بمَ حدث لها ويُرجعها إلى طريقة لبسها أو تواجدها في أماكن معينة، وهذا غير منطقي أبداً.

كذلك ما يدفع الضحية للصّمت هو شعورها بالذّنب (جلد الذات) أنها السّبب في وقوع الجَريمة وذلك لعدم أمتلاكها الوعي الكافي والتربية السليمة والشخص الداعم الموجِه لها وأنتشار المعتقدات والأفكار الموروثة الظالمة الخاطئة.

إضافة إلى شعورها بالعار مما يدفعها للصّمت تجاه هذه الجريمة والذي من المفترض أن يشعر به الجّاني وليس الضحية.

ثالثاً. أسباب نفسية :

قد يكون التحرش سببه إضطراب نفسي وخلل في السلوك، حيث يُفكر المُتحرّش في شهوته وسلوكه الشاذ فقط، دون الوعي بأثر هذا الفعل على الضحية وحجم الألم، هذا ليس تبرير لفعله بقدر ما هو تحليل لسبب التّحرش والذي يستوجب العقوبة الرّادعة والمناسبة.

رابعاً. عدم تشريع قوانين رادعة :

انتشار جريمة التحرش لعدم وجود نص قانوني رادع للحد منها، وغياب القضاء العادل  في بعض الحالات، وفي حال إقامة الدعوى ضد الجاني، فالمحسوبية والعلاقات قد تلعب دور في إفلات الجاني من العقوبة وتُرَّد الدعوى أو تُغلق لسبب غير مُقنع وأحياناً يتم الصّلح والتنازل خاصة في المناطق الذي يغلب عليها الطابع العشائري.

خامساً. أسباب أُخرى قد تلعب دور في زيادة هذه الظاهرة،منها  غياب القدوة الحسنة  لدى الجاني خاصة فترة الطفولة، اصدقاء السوء، تعاطي الكحول والمخدرات، إدمان الأفلام الإباحية، غياب الوازع الديني.

ضحية التحرش الجنسي، معاناتها لا تصفها كلمات شعور مُؤلم قاسي على النفس ، ولك أن تتصور ذلك من خلال  الحالة أعلاه.

المُتحرّش، غالبا ما  يكون نرجسي يفتقد للمشاعر،  ولا يدرك وقت إرتكابه الجريمة حجم الكارثة وأثرها على نفسية وحياة الضحية وآثارها المؤلمة فيما بعد على حياتها وحياة عائلتها ،  يسعى إلى إشباع شهوته الخارجة عن الفطرة  فقط دون الإكتراث بدين أو قِيَم أو أعراف أو مشاعر الآخر.

في قانون العقوبات العراقي رقم 11 لسنة 1969 نص في المادة 402 على عقوبة التحرش حيث نص

1. يُعاقب بالحبس مدة لاتزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة لاتزيد عن ثلاثين دينار أو

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 260 الشهر 2960 الكلي 12042815
الوقت الآن
الأحد 2025/10/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير