الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شعبنا العربي.. قصيدة الموقف الدلالي لفلسطين للشاعر هادي كمال الدين


شعبنا العربي.. قصيدة الموقف الدلالي لفلسطين للشاعر هادي كمال الدين

علي إبراهيم

 

ان تكتب عن الماضي وما تركته الثقافة قبل خمسة عقود،لم يكن لمجرد  الإطلاع على أيّ نتاج أدبي بكلّ أدواته الفنية المعرفية، بل لعنوان يتطلبّ من القارىء ان يقف عنده، وإنّ مجال ربطه بالحاضر مناسب نظراً  لمتغيرات

الزمان والمكان والبيئة في مجريات النص الادبيّ. وفي قصيدة للشاعر العراقي هادي  كمال الدين نشرها في مجلة الكتاب شهريّة صادرة عن إتحاد الكُتاب العراقيين عدد٨/آب ١٩٧٤/ص١٤٥ والتي اختار لها عنواناً شاملا هو(شعبنا العربي) يخاطب بها الشعب العربي من خلال خمسة واربعين بيتاً، و وقد لفت نظري عنوان الشاعر في تخصيص الخطاب للشعب وليس للحكّام للتأكيد على مسؤوليتهم السابقة لحالة الذل والجبن و التراجع عن الدفاع للارض السليبة فلسطين.

وتبدأ القصيدة بإسلوب صيغة الأمر بأن يكون الشعب في درجات المجد  ان يجعل من رؤوس وجماجم الأعداء بذور معاني للنصر عليهم.

اركزْ لواءَكَ فوقَ النجم خفاقاً......... واملأ قلوب العدى رعباً  واشفاقا

ومن رؤوسهم شيّدْ صروح...... على تدّهي الصهايين ازعاجا واشفاقا

وابذرْ بذور المعاني في جماجمهم......  واسقِ  البذور من الاوداج مهراقاً

وفي تضمين  نكسة حزيران عام1967  وضرورة غسل فضيحة ذلك اليوم.

وعارُ (نكستكَ) اغسله بفيض دمٍ.... فلم يُطهّرهُ إلأّ الدمَ دفّاقا

أ ليس ذلاً لرَبِ الدار  يتركها......... لجبنهِ، ويرى في الدّار سُرّاقا

وكما سمعنا من تلك العقود الثلاثة إنَّ فلسطين قد باعها بعض أهلها مع حُكّام المنطقة، ولم نصدّق فكان الشاعر هادي كمال الدين قد بيّن لنا ذلك بقوله.

ومعشر من (فلسطين) قد اتخذوا /مكاسباً لهم سوداً، واسواقا/

قد ادعَّوا أنَّهم هبَّوا لنصرته  /وكُلّهُمْ كان كذّاباً ولفَّاقا/

بكوا عليها لكن لو خبرتهم /الفيتهم كحمير الحيّ نهاقا/

ومن مأساة فلسطين يشير الشاعر باستفهام عن الظلم والذّل الذي لحق شعب فلسطين.

حتّى متى؟  وإلى م الخسف نحملهُ؟  والذَّل قد ارهق الأوطان إرهاقا/

ورغم هدنة ١٩٤٨،والتقسيم الذَّي خلّف صُلحاً هشَّاً، والمعاهدات التي بدأت مع إسرائيل بعد عام ١٩٧٩ المسمّاة ب(كامب  ديفيد) وما لحقه من التطبيع الثقافي عام ٢٠٢١ من بعض دول الخليج وهذا ما لم يعلمه الشاعر.

وصلحنا مع (إسرائيل)  معضلة  /كالسُّم يقتل ان يلقَ ترياقا/.

وكلّ ما لحق الشعوب العربيّة من نكسات في الحروب قد أصبحوا اقزاماً

وأصبح  الشعب قزماَمن تخاذله /فلو توحّد عاد الشعب عملاقا./

وكأنّي بالشاعر قد شهد التّحول الذي صار عليه اهل غزّة وما جرى في ٧/اكتوبر حين أرادوا التحرر من ظلم وذلّ الصهاينة، وما حلّ بعد المعركة من إبادة جماعيّة في غزّة

إنَّا  على الذَّل اعلنَّا تمرّ نا /وليس نرضى من الذّّل اطواقاً./

ومعادلة الشاعر ان يجعل من الحقد يغلى في نفوس  العرب  تجاه بني صهيون.

فلنجعل الحقد يغلى في جوانحها/ على  العدى ونزيد الكُره اعماقا/

والشاعر لا يدري أنَّ حق اليهود  وصل اليوم إلى قتلِ أكثر من (٤٥)الف  وضِعف ذلك من الجرحى، وغير المفقودين، واصبحت غزَّة اطلالاً يرثى أهلها ما حلَّ بهم من مقولة للصهاينة " لا يوجد بريء في  غزَّة"، ويحذّر  الشاعر الشعوب بما حلَّ (بالأندلس) من هزيمة للعرب ويعزو خيبتهم وما وصلوا إليهِ. في التشتت والضعف  في سيطرة مَنْ يتصف بالجبن  والخناثة ومن سلك طريق الفجور.

لولا  تشتّتنا هيهات تغلبنا /تلك المخانيث  فجّاراً وفسّاقا/

وأنا اقرأ ما تبقّى من ابيات شعر للشاعر أجدُ البون الشاسع بين ما يريده الشاعر، وبين ما وصلنا إليه اليوم من قناعة بأنَّ أكثر الحُكّام العرب قد استسلموا وخانوا شعوبهم، و إنَّ عنوان الشاعر قد لا يشمل  كلّ العرب  الذين منهم  من وقف بوجه قطار الإستسلام وهو في محطات التطبيع  بقوة السلاح والمؤامرات، وربما خارطة جديدة للشرق الأوسط كما نسمع، ونقرأ في الأسواق السياسيّة يفرضها العدو على العرب وبذا يصبح عنوان القصيدة في خبر كان.!

لقد افصح الشاعر هادي كمال الدين بِكُلّ ما عنده في قصيدته، وربَّما ترك للزمن في وقتنا الحاضر مراجعة القصيدة أكثر منْ مرَّةٍ لما فيها من تعلّق بالحاضر

 


مشاهدات 80
الكاتب علي إبراهيم
أضيف 2025/09/27 - 10:29 AM
آخر تحديث 2025/09/27 - 12:25 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 365 الشهر 19602 الكلي 12037475
الوقت الآن
السبت 2025/9/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير