الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الثمن .. بين الصمود وإمتحان العالم

بواسطة azzaman

الثمن .. بين الصمود وإمتحان العالم

رشيد العجيل

 

قضية فلسطين ليست حدثاً عابراً ولا أزمة محلية محصورة في حدود الجغرافيا،بل هي جرح مفتوح في قلب العالم وامتحان أخلاقي لضمير الإنسانية. أكثر من سبعة عقود مضت وما يزال الشعب الفلسطيني يواجه القتل والتهجير والظلم، بينما يقف المجتمع الدولي بين صمتٍ مشين وتواطؤ فاضح.

هذا الصمت يمنح المجرم شرعية للاستمرار، ويُحوّل الضحايا التي تتطاير اجسادهم كل يوم إلى مجرّد أرقام في نشرات الأخبار بلا حراك فعلي ينصفها.

الولايات المتحدة، التي يفترض أن تكون “وسيطاً” للسلام، تحوّلت وبدون اي درجة من الخجل إلى المعيق الأكبر أمام أي تسوية عادلة، إذ تغدق السلاح والمال على دولة الاحتلال، وتمنحها الغطاء السياسي في مجلس الأمن، وتمنع أي قرار قد يضع حداً للجرائم بحق المدنيين. أمّا العنف الصهيوني، فقد تجاوز حدود البشاعة: بيوت تُقصف فوق رؤوس ساكنيها، مدارس تحوّلت إلى مقابر جماعية، وأطفال يُسحبون من تحت الركام. كل هذا يجري أمام أعين العالم، لكن الاستنكار غالباً لا يتجاوز حدود الكلمات، بينما العرب والمسلمون يقفون في دائرة الانتظار، صامتين أو متحجّجين بالدبلوماسية وكأنّ دماء غزة لا تناديهم.

مشهد عالمي

ورغم كل ذلك يثبت أهل غزة أنّهم أكبر من الهزيمة وأنهم صابرون باقون، يقابلون الموت بالثبات على الأرض. لقد جعلوا من حياتهم رسالة للعالم بأنّ الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وأنّ الاستسلام ليس خياراً مهما كان الثمن. هذه الحقيقة تُذكّرنا أنّ ثمن الحرية باهظ وأنّ طريق الكرامة مفروش بالتضحيات. لكن المشهد العالمي على وشك أن يدخل اختباراً جديداً. في هذا الشهر، يجتمع قادة العالم في الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وسيكون هناك امتحان صارخ لمصداقية الدول التي أعلنت نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، مثل كندا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا هل ستبقى هذه المواقف حبراً على ورق، أم ستُترجم إلى خطوات سياسية وضغط فعلي على الولايات المتحدة وهي الدولة المعيق الأول لأي سلام عادل؟ هنا يتحدد إن كانت تلك الدول صادقة في وعودها أم أنها تبيع الشعوب أوهاماً جديدة.

إنّ الاحتلال سينتهي يوماً ما، فهذه سنّة التاريخ، لكن الثمن المطلوب سيكون غالياً، ويدفعه الفلسطينيون من دمائهم ودموعهم أكثر مما يحتمله وجدان البشر. السؤال الآن لم يعد عن نهاية الصراع، بل عن حجم الفاتورة: هل سيتحمّلها شعبٌ أعزل وحده أم ستشارك الإنسانية كلّها في سدادها بالعدل والضغط والمواقف الشجاعة؟

إنّ الثمن ليس مجرد دماء تسيل في غزة بل هو معيار صدق العالم وهو الاختبار الذي سيكشف هل بقيت في هذا الكوكب عدالة أم أنّ المصالح والخنوع أقوى من الضمير.


مشاهدات 63
الكاتب رشيد العجيل
أضيف 2025/09/08 - 3:43 PM
آخر تحديث 2025/09/09 - 3:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 121 الشهر 5977 الكلي 11423850
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/9/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير