الانتخابات والتغيير المطلوب
سامي الزبيدي
تتصاعد حملات الدعاية للانتخاب التشريعية المقبلة واللافت للنظر ان أمولاً كبيرة تصرف في هذه الحملات ليست ملايين بل مليارات الدنانير من المال السياسي أو بالأحرى من أموال الشعب المنهوبة يصرفها السياسيون للدعاية وقد اشتد التنافس بل الصراع بين المرشحين وبين الأحزاب والكتل المهيمنة على العملية السياسية بغية الحصول على نتائج تتيح لها البقاء في السلطة لأربع سنين قادمة مع أنها تدرك أنها خذلت الشعب طيلة السنين العجاف الماضية التي لم تقدم فيها ابسط الخدمات لشعبنا المظلوم ولم تتمكن من إيجاد الحلول الناجعة لمعاناته الكبيرة حيث سوء الخدمات خصوصا خدمات الماء والكهرباء والخدمات البلدية الأخرى ناهيك عن سوء الخدمات الصحية والتعليمية وارتفاع نسب البطالة والفقر والأمراض يضاف إليها الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة والسرقات الكبرى لأموال البلد والسلاح المنفلت والوضع الأمني الغير مستقر والوضع المالي المقلق , والسؤال المهم هنا هل ستتمكن هذه الأحزاب والكتل التي فشلت في النهوض بالبلد في جميع المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والصحية والتعليمية والصناعية والزراعية والخدمية وفي البناء والأعمار وتقديم أبسط الخدمات للشعب العراقي من خداع العراقيين ثانيةً والحصول على نتائج جيدة في الانتخابات القادمة تؤهلها البقاء في السلطة ؟ صحيح ان كل الأحزاب والكتل التي تقاسمت السلطة والنفوذ وسرقت أموال العراق ونهبت ثرواته قد فشلت في قيادة البلد وفي إدارة شؤونه لكنها نجحت في تقاسم المناصب والمغانم وفي الفساد وسرقة أموال الدولة والشعب ونهب ثروات الوطن وتدمير بنية المجتمع العراقي ونسيجه المتجانس بطائفيتها وظلمها للشعب وإذلاله وإفقاره وتجويعه وترهيبه وتشريده ,وبعد كل هذه الجرائم التي ارتكبتها أحزاب الفشل والفساد بحق الشعب والوطن لا اتقد ان هذه الأحزاب والكتل ستتمكن من الحصول على نتائج جيدة في الانتخابات القادمة لان الشعب عرفهم جيدا وعرف فسادهم وفشلهم وهذا هو جواب السؤال أعلاه , لكن هذه الأحزاب والكتل السياسية تعول على قواعدها الحزبية وعلى المنتفعين من هذه الأحزاب الذين تم تعيينهم في وزارات ومؤسسات ودوائر الدولة وتعول أكثر على التصويت الخاص للجيش والشرطة والحشد الشعبي والأجهزة الأمنية الأخرى التي تهيمن عليها هذه الأحزاب وتتقاسم أعدادها فيما بينها فكل حزب وكل فصيل مسلح له أعداد كبيرة في هذه الأجهزة تضمن له أصوات جيدة خصوصا بعد ان تم إرغام منتسبي الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية للتصويت لأشخاص بعينهم من أحزاب الفساد وخلافه سيتم محاسبة المخالفين والتهديد بفصلهم ,أما غالبية الشعب فاعتقد سيمتنع عن انتخاب مرشحي أحزاب الفشل والفساد نتيجة لما عاناه سنين طويلة من سوء الإدارة وسوء الخدمات وبعد تدمير ركائز الاقتصاد العراقي المتمثل في الصناعة والزراعة وبعد السرقات الكبرى لأموال الشعب وثروات والوطن وبعد التهميش والإقصاء وإبعاد الكفاءات الوطنية عن خدمة وطنها وشعبها وبعد التهجير والنزوح والاجتثاث وبعد إثارة النعرات الطائفية الضغائن والأحقاد وبعد القتل والاغتيالات والاعتقالات والتغييب القسري وبعد سطوة الميليشيات المسلحة والانفلات الأمني وبعد انتشار المخدرات وما تسببت به من جرائم وانحلال مجتمعي وعائلي وأخلاقي وبعد تدمير اللحمة الوطنية وتدمير الأعراف والقيم الاجتماعية وبعد الظلم الذي لحق بالشعب العراقي وسلبه حقوقه وإفقاره حتى وصلت نسب الفقر والبطالة الى أرقام مخيفة لبلد يعد من أغنى دول العالم وبعد ان باع الخونة أرض العراق ومياهه الإقليمية وحقول نفطه لدول الجوار وبعد العديد من الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب والوطن. ان التخندق الطائفي وتخويف البسطاء من أبناء شعبنا ومن قبل بعض المعممين والسياسيين الطائفيين من فقدان الشيعة للحكم إذا لم يتم انتخاب مرشحي أحزاب الإسلام السياسي الشيعي أحزاب الفشل والفساد ما هي إلا دعوات طائفية وسياسية لإعادة انتخاب الفاشلين والفاسدين من أحزاب السلطة لا خدمة للشيعة ولا خدمة لعامة الشعب والوطن إنما خدمة أشخاص أحزاب وكتل فشلت في كل شيء وأوصلت البلاد الى الهاوية ولبقاء هذه الكتل والأحزاب الفاشلة مهيمنة على مقدرات الشعب وتتصدر المشهد السياسي لسنين أخرى قادمة , وهنا أمام شعبنا فرصة لإحداث تغيير في هذه الانتخابات وإبعاد أحزاب الفشل والفساد عن الهيمنة ثانية على المشهد السياسي في البلد والهيمنة على السلطة والمضي في طريق الفساد والسرقات الكبرى لأموال الدولة والشعب وإبقاء العراق متخلفا في جميع الميادين وإبقاءه تابعا لدول إقليمية وذلك من خلال النزول بقوة في الانتخابات وتنظيم صفوف الأحزاب والقوى الوطنية والمدنية والقوى الشبابية والتشرينية ومعهم الكفاءات الأكاديمية والمهنية الوطنية في الداخل والخارج والعمل على تطوير قدرات هذه القوى وإمكاناتهم وتعزيز التعاون والتماسك المجتمعي بينها وبين جميع مكونات الشعب وشرائحه المظلومة والعمل الوطني الجماعي بين مختلف القوى الوطنية لتحقيق آمالهم وطموحاتهم وأهدافهم التي قدموا من اجلها آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والعمل من خلال الانتخابات للحصول على نتائج جيدة إذا التزمت الحكومة ومفوضية الانتخابات بوعودهما بنزاهة وعدالة الانتخابات وإجراءها تحت إشراف دولي حقيقي وإبعادها عن تأثير السلاح المنفلت والمال السياسي المسروق عندها يمكن إزاحة أحزاب الفشل والفساد عن المشهد السياسي في البلد بعد فشلها في إدارة الدولة ومن خلال صناديق الاقتراع وأصوات العراقيين الشرفاء الذين اكتووا بنيران هذه الأحزاب والكتل الطائفية الفاشلة والفاسدة لتتمخض نتائج هذه الانتخابات عن قيادات وطنية جديدة نزيهة وكفوءة ومهنية متخصصة وأكاديمية وذات خبرة وتجربة تأتي من الجامعات والنقابات والمنظمات الجماهيرية ومن الحراك الشعبي لانتفاضة تشرين والأحزاب الوطنية المدنية لتبدأ مرحلة بناء حقيقي لعراق جديد مرحلة بناء النفوس وبناء الثقة بين أطياف الشعب ومكوناته وقياداته الجديدة ثم البناء والأعمار الحقيقيين لكل ما لحق بالبلد من دمار وخراب وهدم متعمد للقيم والمبادئ السامية للمجتمع وللبنى التحتية للدولة ومؤسساتها بعمل مدروس يجري التخطيط له بمهنية وعلمية يؤدي الى تغيير جذري للعملية السياسية الكسيحة التي جاء بها الأمريكان والتي استندت الى التوافقات السياسية والمحاصصة الحزبية والطائفية والشروع بعملية سياسية رصينة مبنية على أسس وطنية حقيقية تؤمن بالوطن والمواطنة قبل أي توصيف قومي أو ديني أو طائفي وتؤمن العيش الآمن الكريم للمواطنين جميعا دون تمييز وتراعي حقوق الإنسان وحرياته الشخصية والعامة ,عملية سياسية تضع الوطن عنواناً لها والشعب مصدر سلطاتها .