جامعات خاوية على عروشها
كاظم المقدادي
الحديث عن تراجع التعليم في الجامعات العراقية حكومية وأهلية ، والذي يثار كل مرة من قبل هيآت ومعاهد متخصصة بالتقييس الاكاديمي ومراقبة الاداء العلمي ، ومطالعة نوعية البحوث والمناهج العلمية ، والتي بدأت بحق تقلق الأوساط العلمية والاكاديمية في العراق ، ممن يحرصون على سمعة العراق العلمية التي كانت تحتل مكانة طيبة في السابق . في المقابل مازالت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وفي مختلف عهود وزرائها .. لا يشغلها هذا الهاجس والمؤشر الخطير على تردي المسيرة العلمية في العراق ..!!.
وهنا اقول .. ليس جديداً ان تكون جامعاتنا محل نقد وانتقاد من قبل مراكز اكاديمية علمية رصينة معترف بها في العالم، ، مهمتها مراقبة الخطوط البيانية لما يجري في جامعات العالم على مستوى تطوير البحوث والمهارات والجودة والابتكار والتقييس ، والتفنن في طرائق التدريس .
فالحديث عن تردي المستوى العلمي الهابط الذي بدأ يأخذ مأخذه في اغلب الجامعات الحكومية في العراق ،، والاكثر فضاعة وشراهة في الجامعات والكليات الاهلية ، لم يكن حديثاً حديداً ، إنما هو حديث يتكرر باستمرار ، بعد ان صار التجهيل و التسييس في جامعاتنا أمراً واقعاً ، بسبب الاصرار على تعيين وزراء ورؤساء جامعات وعمداء ورؤساء أقسام .. لمن هو غير مؤهل لهذه المهمة الصعبة ، حتى بات الأمر إلزاماً ، لمن حصل منهم على شهادات عليا ..اكثرها مشكوك في صحة صدورها ، من لبنان وايران ، ومعظم هؤلاء من توابع احزاب السلطة ، ومن استسهل الأمر بتزوير شهاداته ونفسه وحتى معتقداته ومبادئه .. وهذا هو التدمير الممنهج بقصدية راسخة ، دونما خوف او تردد ..!!
خبر صادم
سبع جامعات عراقية تحت الخط الأحمر .. بعضها من بين أمهات الجامعات العراقية ، انه خبر صادم و خبر مؤسف ومحزن ، و يعد مؤشراً خطيراً على التراجع الخطير والمرير في تطوير البحوث والمناهج ورسوخ نظام التفاهة في مؤسساتنا الاكاديمية ، التي باتت بلا هدف وبلا رؤية مستقبلية ، على الرغم من صرف الاموال الطائلة من شراء للمختبرات ، وارسال البعثات ، فلا جودة ولا مهارات ، ولا مستجدات علمية ، ترتبط بما يحصل في العالم من قفزات نوعية هائلة ، مثمرة و حقيقية ولا دراسة جادة ولا تدريس ، فكل مايجري في معظم جامعاتنا ، لهو و لعب وتدليس ..!!
والسؤال المحير :
إلى متى تستمر هذه الكوارث العلمية والانتكاسات الاكاديمية ، وكأن القضية صارت واقع حال .. لا تستدعي السؤال ولا الجدال .. !!
الغريب .. إن كل هذا يحدث ووزارة التعليم والبحث العلمي ، آخر من يعلم ويستفيق ،و يقرأ هذه التقارير الصادرة عن اكبر وأهم المراكز الاكاديمية العالمية ، والتبرير المستمر للقائمين على عمل الوزارة .. ان هذه التقييمات صادرة من مراكز علمية غير رصينة .. بينما الواقع المزري الظاهر للعيان في الأوساط الجامعية العراقية ،يؤكد هذه الحقائق المرة ..!!
تحدثت كثيراً .. وكتبت كثيراً.. عن تسليع العلم وقلت ان الاستاذ الجامعي فقد اعتباره ، وان الطالب فقد تعلقه .. والمناهج بلا تحديث ، فصارت الجامعات والكليات والمعاهد ملتقى للثرثرة والنشاطات العبثية ، وكأن الحصول على الشهادة والاحتفاء بها ، هي الهدف الاول والأخير .
كما ان الاسوء ما في البحوث التي تقدم إلى سكوبس لغرض الترقية …
هي بحوث منحولة لا جديد فيها ، تكرار من غير ابتكار ، وما زالت تعتمد المنهج الوصفي إطاراً لها .. وهذا المنهج النظري و ًالعملي ، ينقل بتراكمية باتت معروفة ، من طالب إلى آخر .. دون بذل جهد مصاف لتطوير أدواتها العلمية ، فتأتي النتائج والاستنتاجات متشابهة عند اغلب الطلبة ، وخاصة فيما يتعلق بالجداول التي تعتمد على استمارات الاستبانة / وكثير من الطلبة يأخذون من الجداول معيناً لهم مع تغيير طفيف بالنتائج المستخلصة وتكون عادة متشابهة ، ناهيك عن الاستعانة بمحركات البحوث على الانترنت ، واخيراً الاعتماد على الذكاء الاصطناعي !!.
شخصياً .. قدمت هذا العام 2025 ولاول مرة في المؤتمر العلمي لجامعة المستقبل في بابل .. بس حثاً منهجياً يعتمد على العامل الأنثروبولوجي .. وهو منهج عملي يقدم لنا نتائج مبهزة وجديدة ، لأنها لا تعتمد على بحوث او اجراءات علمية قديمة .
أخيراً .. .. فقدت الجامعات فكرة الانشغال بالبحث والعلم والتعليم ، فضاعت الرغبة عند الطلبة .. وضاع المعنى عند الاساتذة ،ولو ذهبنا إلى شارع المكاتب في باب المعظم لوجدنا بعض المكتبات التي يتجسد فيها ( تسليع العلم) تعرض خدماتها .. من استعداد لكتابة رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه .. إلى كتابة بحوث للحصول على اللقب العلمي ونيل الاستاذية .. !!
وهنيئاً لمن اصبح بروفيسوراً ألمعياً .. ومؤثراً في كليته و جامعته ، بينما شهاداته تفتقد إلى صحة الصدور ..!!.
للاسف .. هؤلاء هم من يتصدر المشهد الاكاديمي في جامعاتنا وكلياتنا ومعاهدنا ، يصولون ويحولون بحكم الاحزاب الفاسدة التي ينتمون اليها .
وهؤلاء ايضاً.. من يشغل مناصب علمية / عميد كلية ، ورئيس قسم .. وربما رئيس جامعة !!
اعتقد جازماً ان هناك تدميراً ممنهجاً للمنظومة الاكاديمية والعلمية العراق ..
والأغرب ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تغض الطرف عن ما يجري من مهازل دمرت سمعة العراق على مستوى الجامعات والكليات والمعاهد العلمية .. وكأن الأمر لا يعنيها ..؟