فاتح عبد السلام
زعماء الدول الكبرى يجتمعون دائما لمواجهة قضية الهجرة غير النظامية الى بلدانهم. والرئيس الفرنسي ماكرون حمل الملف ذاته في زيارته الى لندن التي يورقها استمرار تدفق المهاجرين ولو بنسب اقل عبر المانش.
والتساؤل مستمر، هل انّ المسألة عفوية وطبيعية أم مخطط لها ومدفوعة من جهة ما في ان يرفض المهاجرون البقاء على الأرض الفرنسية وطلب اللجوء عليها والتوجه بشتى سبل التهريب وبأثمان باهظة نحو السواحل البريطانية بالرغم من انّهم يدركون أنّ القوانين في لندن متشددة إزاء هذا النوع من تهريب البشر، كما انّ نمط الحياة الغالي في كلفة العيش ليس أمراً مغرياً في المملكة المتحدة.
الدول التي تواجه خطر موجات المهاجرين تعمل المستحيل من اجل مواجهة هذا التحدي البشري من دون جدوى، حتى انّ الذين وصلوا الى سواحل بريطانيا بعد تشديد القوانين وتفعيل وسائل المكافحة على الحدود وفي عرض البحر كانت صادمة. فكيف سيكون الحال لو انّ التساهل السابق في العقود الماضية كان سارياً.
المشكلة لا يمكن حلّها مع وجود أزمات خانقة في الامن والمعيشة مع استمرار الحروب في دول كثيرة فقي العالم الثالث المشتعل بالمشاكل الضاغطة على البشر الى درجة التفكير السريع بترك الانسان أرضه وبلده منطلقاً الى آفاق المجهول.
لا يمكن التسليم بأن بلدا معينا كان معروفا بتصدير المهاجرين غير النظاميين عاد واصبح في واقع حال جديد، فقد تقل تدفقات تهريب البشر من بلد معين، لكنها لا تختفي بشكل نهائي، وقد تعاود النشاط مع اية انتكاسة سياسية وأمنية في تلك البلدان التي استعادت شكلا من اشكال الاستقرار، كما في العراق، وسوريا، ولبنان، وليبيا، واليمن، وإيران وأفغانستان.
ساعدوا الدول المضطربة على الاستقرار السياسي والاقتصادي، تأمنوا من سيل المهاجرين بشكل تدريجي وربما نهائي.
إنهم ليسوا مهاجرين يبيعون عن طيب خاطر انفسهم وأولادهم واحلامهم للمهربين ومجاهيل البحار، لنُعد تعريفهم من جديد، انهم مهجّرون قسراً من بلدانهم بفعل الحروب والفساد والمافيات والمليشيات والعوز، حتى لو كانت عناوين بلدانهم غنية.