الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صدى الكربلاءات

بواسطة azzaman

صدى الكربلاءات

رمضان مهلهل

 

عاشوراء ليست يوماً. هي صرخة لا تنقطع، جرحٌ لن يُندمل. صرخة العدالة التي خَنَقَها الطغيان. النَفَس الأخير لحنجرةٍ جفّت تحت أوار الشمس. هناك، تحت أنظارِ عيونٍ لا تُبالي، جلّلها الطغيان، وقف حفيد النبوة متسلّحاً بالحق الذي خرج من أجله. لم يكن يحمل سيفاً فحسب، بل درعاً من المروءة والإباء. كان الفرات يتدفّق، لكن أبناءه عطشى. بقيت شجيرات النخيل، صامتات، ساكنات. لم تتحرك سعفاتها، ولم تغرّد أطيارها. حتى الأرض حبست أنفاسها، والسماوات جعلت تراقب. وعندما دُقت طبول الموت، لم يزحفوا خائفين. بل سقطوا واحداً تلو الآخر، أنجماً ساطعة، ونيازك مقدسة. دماؤهم ضمّخت تراب كربلاء، فظلّت تتحدى ما بقي في الزمان رمق. لم يكن الاستشهاد هزيمة، بل كان صعوداً إلى عِلّيين. كلّ قطرةِ دمٍ آية. كل تنهيدة موعظة. كل نفس زكية سقطت هي ارتقاء في سِفر الخالدين. أصبحت زينب، المجللة بالحزن، صوت المقاومة الهادر. فكلماتها اخترقت القصور والحُجُب، ونظراتها حطّمت الصمت الخانق. حملت شعلة التحدّي من ساحة المعركة وصولاً إلى البلاط، مُضيئةً الطريق بحزنٍ سرعان ما تحوّل إلى لهيب أحرقَ عروش الظالمين. وهكذا سارَ الركبُ، لا خلف أجساد مقطعة، بل إلى جانب مبادئ تأبى أن تموت.عاشوراء مرآة، تعكس ظلم الطواغيت على مرّ الدهور. لا تسأل أين وقف الحسين واستشهد، بل تذكّر عما كان يدافع، هو والثلة القليلة التي بين يديه. في شهر الألم هذا، لا نحزن فحسب، بل نتذكر. لا نبكي فحسب، بل نلتزم بأن نقول الحق وإن أحاطت بنا أسياف الطغاة؛ أن نروي ظمأ المظلومين بأرواحنا وإن اشتدّت أضراس الظَلَمة.  يا حسين، اسمك ليس ذكرى، بل نداء. ونحن، نردّد صدى كربلاء في كل عام، ونجيب، إلى الأبد: لبيك يا داعي الحق.

 


مشاهدات 62
الكاتب رمضان مهلهل
أضيف 2025/07/06 - 2:35 PM
آخر تحديث 2025/07/07 - 6:07 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 525 الشهر 3964 الكلي 11157576
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير