الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لكم دينكم ولي دين

بواسطة azzaman

لكم دينكم ولي دين

رشيد العجيل

 

الكتب السماوية والقرآن الكريم في مقدمتها هي اساسها كتب هداية ورحمة تهدف لتنظيم علاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بغيره من الناس وفق مبادئ العدل، والرحمة، والحرية. ومن أبرز أيات القرآن الكريم التي تعكس هذا المفهوم قوله تعالى: “لكم دينكم ولي دين” (سورة الكافرون، الآية 6). هذه الآية تختصر موقف الإسلام من حرية الاعتقاد والاختلاف الديني، حيث تؤكد أن الإيمان أمر شخصي لا يُفرض بالقوة ولا بالإكراه.

في الإسلام، العقيدة يجب أن تكون نابعة من قناعة قلبية لا من ضغوط اجتماعية أو سياسية. وقد قال الله تعالى في موضع آخر: “لا إكراه في الدين” (البقرة: 256)، مما يعزز أن حرية الإنسان في اختيار طريقه الإيماني محترمة ومصونة. فالإيمان بالخالق، أياً كان طريق الإنسان إليه أو حتى إن لم يكن متديناً وفق أي مذهب أو طقس ديني محدد، يبقى في النهاية خاضعاً لحكم الله وحده. البشر ليسوا قضاة على قلوب الآخرين، ولا يملكون الحق في مصادرة معتقدات الناس. القرآن يربّي المسلمين على مبدأ التعايش السلمي وقبول الآخر المختلف في الدين أو الفكر. فالخطاب القرآني في هذه الآية “لكم دينكم ولي دين” هو إعلان واضح بأن الاختلاف في العقيدة لا يعني العداء أو الاضطهاد، بل هو جزء من سنة الحياة والتنوع الإنساني الذي أراده الله. وقد جاءت آيات كثيرة تؤكد أن الله هو الذي سيحاسب الناس يوم القيامة: “إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” (الأنعام: 117). إذاً، من جوهر رسالة الإسلام أن يُترك للناس حرية الإيمان من عدمه، وحرية ممارسة شعائرهم أو عدم ممارستها، فذلك كله أمر مرده إلى الله وحده. واجب المسلم هو أن يعرض رسالته بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالضغط أو الإكراه. إن هذه الرؤية تفتح الباب أمام مجتمعات متعددة ومتنوعة تعيش بسلام على أساس الاحترام المتبادل. فالدين في حقيقته علاقة بين الإنسان وربه، ومن يحاول أن يحتكر الإيمان أو يقيس التدين بمقاييسه الخاصة، إنما يتجاوز حدود ما سمح الله به. فالخاتمة تظل كما قال الله: “إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ” (الغاشية: 25-26).

وهكذا يعلمنا القرآن أن الله وحده هو من يحكم على القلوب وأن حرية العقيدة ليست مجرد سماح اجتماعي بل هي حق أصيل في منظومة القيم الإسلامية.

 


مشاهدات 52
الكاتب رشيد العجيل
أضيف 2025/06/25 - 3:04 PM
آخر تحديث 2025/06/26 - 5:06 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 405 الشهر 16379 الكلي 11151033
الوقت الآن
الخميس 2025/6/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير