الفدرالية مطلب الفاشل في الإدارة المحلية
خليل ابراهيم العبيدي
الفدرالية تعني ، كما يرى الاستاذ الدكتور حسن الجلبي في كتابه القانون الدولي العام (ص228/227) هي توافق عدة دول على إقامة اتحاد دائم فيما بينها تمثله حكومة مركزية تملك اختصاصات عليا ملزمة مباشرة ومتنوعة قبل حكومات أعضاء الاتحاد ورعايا هذه الحكومات . ولها كما يكتب في ص 234 اختصاص ادارة الشؤون الخارجية والعسكرية او المحافظة على الامن العام وأمور الجنسية ، وإصدار العملة وتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية وبين الدول الأعضاء ومعاقبة الجرائم المرتكبة ضد امن الاتحاد وضد القانون الدولي وفرض الضرائب الاتحادية ، فالفدرالية.،، من حيث المبدأ ،، هي اتحاد المنقسمين لا تقسيم المتوحدين .
فشل تجربة مجالس المحافظات
كان يمكن لمجالس المحافظات وفقا لقانون رقم 21 لعام 2008 المعدل ، أن تكون تجربة رائدة في مجال الادارة المحلية للمحافظات ، وكان يمكن لها أن تكون خطوة تمهيدية للانتقال إلى نظام الدولة الفدرالية ، غير أن الفاشل في الادارة المحلية لا يتحول بين ليلة وضحاها إلى ناجح متفوق في إدارة اقليم في دولة اتحادية ، العيب سادتي ،، لا في درجة او شكل الادارة ، ولكن العيب كل العيب في النفس الامارة ، العيب أيضا في عضو مجلس المحافظة الذي حول المنصب إلى مكسب ، وراح كل منهم يعاكس الاخر حتى ضاعت دفة المركب ، ومن ادار تلك التجربة ينادي اليوم بالاقلمة سعيا منه لرئاسة إقليم او محاولة منه للتخلص من التجربة الآثمة أن الفدرالية لم تكن يوما عصا سحرية تتحول المحافظة فيها إلى مدينة الحلم والرفاهية ، ولنا اليوم أمثلة كثيرة في المناكفات السياسية التي حالت دون تقدم تجربة الحكم المحلي ، والامثلة شاخصة في كركوك ، ديالى ، ذي بار ، صلاح الدين ، فالمحكمة الاتحادية تحكم اليوم في هذه القضية والمحكمة الإدارية تفصل في خلاف في محافظ الناصرية ، الشغل الشاغل المحاصصة وتوزيع المناصب لا تقدم المحافظة ونموها الغائب ، والسؤال المهم الآن ، هل الاقليم سينقل الحال البائس إلى واقع متطور متجانس . ؟
إقليم كردستان بين القانون وواقع الحال
لا أحد ينكر ،، أن الاقليم كان متمييزا في الأداء وحاز على القبول دون مواربة او ادعاء ، واتحدت عند منجزاته المحلية كل التقييمات والآراء ، وقد بدأت مظاهر الحضارة تتجلى في تعبيد الشوارع وارتفاع فن العمارة ، وتطورت فيه اساليب السياحة وحسن الادارة ، غير انه بالغ في علاقاته الدولية متجاوزا مسلمات الفدرالية وواجباتها الحصرية ، وصار للاقليم رئيسا يسافر بين الدول خارج الاصول وقواعد التمثيل المقبول ، وصار يستقبل كرئيس دولة لا ممثلا للاقليم ، والعيب ليس فيه بل في دولة الاتحاد التي لم تكن ممثلة جييدة للبلاد ، اني لست في معرض النقد لفدرالية الاقليم فله اسبابه القومية ، يقال أنها تحصيل حاصل الاضطهاد ، لا لأن العرب الشيعة والسنة نالوا ذات العذاب ، اني ممن كان في تظاهرة ال 61 التي طالبت بحقوق الكرد العراقيين والسلم في الاقليم ، وتلقيت ضربة من انضباط الزعيم ، ولكن كم تمنيت أن يكون رئيسا للعراق فؤاد حسين ، لا لأنه كردي لكنه من القادة المتمييزين ، الفدرالية سادتي لا تمنع جيش دولة الاتحاد من الوصول إلى جميع حدود البلاد ، فجيش امريكا ليس متمركزا في واشنطن عاصمة الاتحاد ، أنه يعسكر في كل ولاية من الويلايات ، والبيشمرگة اليوم ليست واحدة ، فهي في اربيل ليست ببشمرگة السليمانية ، الاولى تابعة للديمقراطي والثانية تابعة للاتحاد الوطني في ولاءات عشائرية سياسية ضاربة في جذورها في عمق تاريخ الدولة العراقية ، منذ تنظيم بكرة جو حتى لواء حماية الرئيس الحالية . والاقليم والمركز في خلافات بينية متوطنة حول أمور الضرائب والتعريفات الكمركية المزمنة او كميات النفط المقدرة وعوائدها المبهمة ، خلافات حرمت الفقراء من معاشاتهم وعنف المسؤول المتظاهرين بسبب شكواهم ، وظلت فدرالية الاقليم تشكل مانعا سلبيا لحل المشاكل البينية وظل المركز يمارس المواقف الزئبقية حسب مزاج رئيس الكابينة الوزارية ، اليوم يطلق هذا رواتب موظفي الاقليم ويوما يتوقف آخر في دعم الموظف الفقير ، والسبب سادتي ، يكمن في عدم احترام القوانين ، وصار المنصب الحكومي يشغله المتخالفين ، وان عدم القدرة في التفاهم ، مرده اخيرا مصالح قادة الطرفين لا مصالح العراقيين .
الفدرالية ومستلزمات التطبيق
تتعالى . اليوم هنا وهناك الدعوات مطالبة باقامة الفدراليات وكانها حلم يقظة يراد به اثبات الذات لاؤلئك الذين فشلوا في ادارة البلاد ، في كل دورة من الدورات ، والبعض ذهب بعيدا في المطالبة باقليم يقوم على حكم العروبة ، وثان على اساس حكم الطائفة ، متجاوزين اسباب الفشل ، فاصحاب المطالبات صاروا من كل الطوائف والملل ، وكان فانوس علاء الدين يكمن في جوف الاقليم ، يمنح الفاشل اسباب علم الادارة ويمده بوسائل تحسين الاقتصاد وطرق اعادة بناء التعليم . والكل يعلم أن تلك المناداة تكمن خلفها نوايا مختلفة الأهداف وامامها حواجز تقف عندها كتل واحزاب واطراف ،، من يطالب بالفدرالية عليه فتح الابواب على مصاريعها السبع لذوي الكفاءات العلمية ولاصحاب الخبرة في الادارات الحكومية ، من حملة الشهادات ، اصحاب القانون وعلم الادارات ، ولذوي الاقتصاد واحتساب كلف المشروعات وترك المجال لدراسة تجارب العالم في الفدراليات ، فاليوم على سبيل المثال هناك نقد في سويسرا لنظام الكانتونات ، وهناك تمرد على فيدرالية أمريكا من قبل بعض الويلايات واتركوا للمهنيين من عباد الله ممن لا يعرف الفساد أن يقولوا كلمتهم في اشكال الاتحاد
تقييم النظام البرلماني .
لم يكن النظام السياسي الحالي إلا تحصيل حاصل مقترح المملكة المتحدة ووافقت عليه الويلايات المتحدة وأقرته الامم المتحدة بموجب قرار مجلس الامن رقم 1546 لعام 2004 ، وهو منقول عن نظام المملكة المتحدة بملكيتها الدستورية التي نشأت بعد الثورة الجليلة عام 1688، وهي تمارس من قبل شعب مرت عليه قرون لا مواطنا عراقيا لم يستفت حتى على شكل النظام او بنوع الاقتصاد او لفدرالية بعد أن كانت الدولة بسيطة تدار بقانون المحافظات والامركزية الإدارية ومركزية التخطيط. وشمولية الدولة وقائدها الفذ الفريد .
ان النظام البرلماني لا يتفق ومضمون الاتحاد في هذه البلاد ، لآنه نظام تدار فيه ذات الوجوه وذات السياسات وفقا لنظام المحاصصة وتقسيم الكعكات، ، الناس تطالب اليوم بتجاوز هذا النظام نحو نظام رئاسي يختار فيه الشعب أيا كان ، لمن كان مواطنا مشهودا له بالكفاءة وحسن الأداء وبالحيادية ونكران الذات ، يكون مسؤولا أمام برلمان منتخب على اساس الانتخاب الفردي بعد جعل البلاد دوائر متعددة يفوز بها من حصد أعلى الأصوات . وان لا يكون الاقتصاد اقتصاد فقاعة عماده الرواتب والاجور مهددا بالانفجار كل لحظة وعندها يحصل المحظور ، اقتصاد الاستيراد ومبتغاه المولات ، تغلق فيه المعامل لصالح المستورد المقبول والفاشل ، إلا يحق لنا أن نستفتى على شكل اقتصادنا ، ام أن رأسمالية أمريكا لا بد أن تفرض علينا .
اسس الاتحاد
إن الدولة الاتحادية لكي تقوم بدورها بالتخطيط للمداخل والفضاءات ، لوضع أسس الاتحاد على وفق صحة المقاصد وحسن الغايات . بحاجة لمن يفكر بالجميع لا بالقطاعات ، بحاجة لمن يقول أن العراق بلد الجميع لا بلد الويلايات ، بحاجة لمن يريدها دولة واحدة من أجل توزيع الثروات والاختصاصات ، وان تكون الثروة عامل بناء ، والبناء لا يقوم الا بالعمل ، والعمل هو اساس القيمة ، واتركوا سادتي جانبا بالله عليكم نزعة المتطلع للامام بعقلية السياسي الهمام ، اتركوا الحكم للشعب في استفتاء مصيري عام ، والحليم ،،، تكفيه إشارة الابهام ....