الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الواقع والمأمول من رتَّى الجمهورية أبو مصطفى

بواسطة azzaman

الواقع والمأمول من رتَّى الجمهورية أبو مصطفى

فؤاد مطر

 

يتطلع المسلم عربياً كان أو أخاً  للعربي في الإسلام إلى عيد الأضحى بأمل أن يؤدي الفريضة حاجاً داعياً رب العالمين أن يحنن القلوب ويغفر الذنوب وأن يُكتب له أن يزور الحرم الثالث والذي بتحريره من الإحتلال الإسرائيلي تطمئن النفوس ويلقى من الإهتمام السعودي بالذات تطويراً كالذي بات عليه رونق الحرمين والمسجد النبوي الشريف، وهذا أبهج نفوس المليونيْ مسلم الذين أدوا الفريضة وكانت التسهيلات تفوق الوصف. وشخصياً عادت بي الذاكرة وأنا أتابع فعاليات حج هذا العام، إلى ما كابدتْه من مشقة عند تأديتي الفريضة في منتصف الستينات صحبة الوالد والوالدة رحمة الله عليهما.

وبالمقارنة فإن ما طوَّرتُه المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وإستحدثتْه من تسهيلات لجهة التنقل بأحدث الناقلات والقطار المبرمج الرحلات وعربات الرعاية والإقامة في خيم مبردة، جعلت المسلم يؤدي الفريضة وكأنما هي سياحة روحية في جانب منها.

بالمقارنة من خلال ما تابعناه على شاشة («العربية» و»الجزيرة») شاهدْنا الغزاويين مصحوبين بأحفادهم الذين إستشهد آباؤهم وأمهاتهم وأشقاؤهم وشقيقاتهم، يؤدون صلاة العيد على أنقاض مبان دمرها العدوان الإسرائيلي وفي ساحات جرفتْها الآليات بعد العدوان، فإن المرء يرى في هذا المشهد ما يؤكد صلابة هذا الشعب وكيف أن طقوس عيد الأضحى لا تغيب في ظل المحنة التي يعيشها منذ بضع سنوات أكثرها قساوة السنتان اللتان أعقبتا عملية «حماس» أسْر بعض الإسرائيليين، مع الأخذ في الإعتبار أن مخطط العدوان والتهجير وبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية ومحاولات الإقتحام المتكررة لباحة المسجد الأقصى، جاهز دائماً للتنفيذ.

شعور بالاسى

ويتزايد الشعور بالأسى على رغم أن مناسبة الأضحى تستوجب على إسرائيل إحترامها، كما تستوجب على رعاتها الإدارة الأميركية وبعض الدول الأوروبية تنبيه الحكومة الإسرائيلية بأن وقْف العدوان في مناسبة عيد الأضحى، يجب أن يتم مراعاة لأواصر العلاقة التي بين ترمب والدول العربية وبالذات دول الخليج. ولكن ما هو مستوجب الإلتزام به أي وقْف العدوان لمناسبة الأضحى، لقي من جانب إسرائيل ما هو مستهجَن حدوثه ويؤكد أن ما خفي من النوايا كان أعظم، حيث أنه عشية وقوف عشرات الألوف من المسلمين على «صعيد عرفة» مع فجر اليوم الأول لأداء فريضة العمر كان مجلس الأمن الدولي يعقد (مساء الأربعاء 4. 6. 2025) جلسة قدَّمت فيها إدارة ترمب «عجلاً سميناً» للعالم العربي – الإسلامي بمناسبة الأضحى وهو عبارة عن إسقاط مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة وعدم إتاحة دخول الشاحنات الملأى بصناديق الأغذية والأدوية إلى غزة الجبارة الصابرة على الضيم المتحملة أقسى حالات التجويع والعلاج. وفيما صوَّتت أربع عشرة دولة لصالح القرار، فإن مندوبة إدارة ترمب في المجلس دورثي شيا (السفيرة الأميركية السابقة لدى لبنان) رفعت يدها إسقاطاً للمشروع الذي يتضمن «الوقف الفوري الدائم  لإطلاق النار وغير المشروط والإفراج عن الرهائن والرفع الفوري وغير المشروط لكل القيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها بشكل آمن ومن دون عوائق على نطاق واسع بما في ذلك مِن قِبل الأمم المتحدة». وأما الذريعة للرفض الذي يشكِّل إهانة للذين صاغوا القرار «فلأنه سيمكِّن «حماس» من تنفيذ هجمات مستقبلية وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها»، مع أن إعتماده سيضفي بعض الهيبة على الإدارة الترامبية وعلى سيد البيت الأبيض شخصياً والذي يستغرب المرء كيف أنه وهو يستقبل الحفيد الأول اللبناني – الأميركي من إبنته (ايفانكا زوجة مسعد بولس) يأتي العدوان الإسرائيلي على مبان في الضاحية الجنوبية من بيروت فيما السكان يتهيأون لإستقبال الأضحى بما تيسَّر من الفرح والطمأنينة، وعلى رغم تداعيات مسلسل العدوان الذي بلغ مداه الأكثر وجدانية بإستشهاد الأمين العام ﻟ «حزب الله» السيد حسن نصرالله رحمة الله عليه وعلى مَن إستشهدوا معه ومَن سبق أن إستشهدوا في عمليات عدوانية بأنواع حديثة التطوير من السلاح والذخيرة والصواريخ. ثم إن هذا العدوان الجديد على الضاحية يأتي في وقت يتواصل السعي على مستوى الرئاسات الثلاث للتهدئة خصوصاً بعدما حقق «رتَّى الجمهورية أبو مصطفى» الرئيس نبيه بري إمكانية إقتراب «حزب الله» في أشخاص قيادته من الموقف الذي يردد مضامينه في مناسبات وزيارات عربية كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. والذي شد من عزيمة «الرتَّى أبو مصطفى» أن مفردات التعبير الإيرانية باتت قريبة من المرونة وهذا بات واضحاً خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي الذي كان من المستحسن أن يكون وزير الخارجية اللبنانية يوسف رجي في إستقباله في المطار بدل الإستقبال الذي جرى وكان من جانب «حزب الله» و «حركة أمل» إلى جانب سفير إيران وبعض ذوي الشأن في السفارة مع نكهة رسمية تمثلت بالسفير أسامة خشاب مدير المراسم في وزارة الخارجية، وعلى أساس أن الزيارة غير رسمية لكن الزائر وزير خارجية إيران التي من شأن ترطيب موقفها إزاء موضوع دور «حزب الله» وأنواع السلاح والصواريخ الذي في حوزته إلى جانب المسيَّرات تصنيعاً وقدرة على التسيير والتصويب، حدوث تبدُّل في ما يُستعصى الإقدام عليه،  ثم يأتي العدوان على الضاحية عشية عيد الأضحى وكأنما هو رد على زيارة عراقجي.. بل قد يكون الغرض منه تعويق حل عقدة السلاح وتحفيز «حزب الله» على شن عمليات ضد إسرائيل (وهي مشروعة ما دام العدوان الإسرائيلي لم يتوقف) لأن في ذلك ما يطيل أمد العدوان ويحقق المزيد من البقاء للمعتدي البنياميني والذين معه، خصوصاً أن المطالبة شعبياً وعسكرياً تتزايد بضرورة إستقالة حكومة نتنياهو وإجراء إنتخابات لن يكون حظ الليكود وشريكه فيها على النحو المطلوب.

ما هو المأمول في ظل هذه التطورات الدرامية والتعقيدات المتنقلة من «رتَّى الجمهورية أبو مصطفى» المزيد من السعي والتحمل وتوسيع حلقات الإتصالات والقيام بزيارات مؤجلة، لأن إستمرار العدوان دون الرد عليه أو إثمار السعي العربي – الإسلامي لإنضاج صيغة الدولة الفلسطينية معناه أن لبنان وربما الجوار القريب والبعيد والأبعد على مواعيد لما قد يكون أعظم.. لا قدَّر الله.

 


مشاهدات 72
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/06/14 - 12:50 AM
آخر تحديث 2025/06/15 - 1:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 63 الشهر 9504 الكلي 11144158
الوقت الآن
الأحد 2025/6/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير