الإحترام جسر القلوب
منار قاسم
في عالمٍ تزداد فيه الضغوط وتتسارع وتيرة الحياة، تظل القيم الإنسانية كالاحترام منارةً تُضيء الطريق نحو التعايش الإنساني الراقي.
فاحترام الآخرين ليس مجرد سلوك ظاهري، بل هو انعكاسٌ لسلام الداخل ونقاء القلب، ولبنةٌ تُبنى عليها الثقة والمحبة. هذه قصة تحكي كيف حوَّل موقفٌ واحدٌ طفلًا مشاغبًا إلى إنسانٍ واعٍ، يدرك أن الكلمة الطيبة قد تُغيّر مصيرًا.
في قريةٍ صغيرة، عاش صبيٌ اسمه محمد، كان طفلًا مشاغبًا لا يحترم أحدًا، دائم السخرية من الآخرين والتصرف بوقاحة.
وفي أحد الأيام، بينما كان يسير إلى المدرسة، رأى رجلًا عجوزًا يحمل حقيبةً ثقيلةً يتصبب عرقًا من التعب. لكن محمدًا لم يُبدِ أي تعاطف، بل ضحك على مشقته واندفع في طريقه.
لكن مع وصوله إلى المدرسة، انتابه شعورٌ غريب بالخنق؛ خجلٌ عميق وندمٌ على سلوكه. ظلّت صورة الرجل العجوز تطارده، وكلماته الساخرة ترن في أذنيه كجرس إنذار. بعد انتهاء الدوام، قرر أن يعود إلى المكان الذي رآه فيه، فوجده جالسًا على مقعدٍ في الحديقة، يتنفس بصعوبة. اقترب منه وقال بصوتٍ خافت: «اعذرني يا عمي، أنا آسفٌ جدًا...». نظر الرجل إليه بابتسامةٍ حنونةٍ وقال: «شكرًا لاعتذارك، يا بُني. تذكَّر دائمًا: الاحترام جسرٌ يُقرِّب القلوب، ويجعل الدنيا أجمل». ومنذ تلك اللحظة، عاهد محمد نفسه على تغيير سلوكه. أصبح يُحسن الاستماع إلى الآخرين، ويُساعد من يحتاج، ويتحلَّى بالهدوء. لم يكتسب احترام أهل القرية فحسب، بل وجد سلامًا داخليًا لم يذقه من قبل.
ختاما : قصة محمد تذكيرٌ بأن الاحترام قيمةٌ تُبنى من الداخل قبل الخارج. فهو ليس مجرد كلمات، بل أفعالٌ تُزرع بذور المودة بين الناس. لنغرس هذه القيم في أنفسنا عبر:
- اللطف في التعامل كجسرٍ للتواصل.
- الإنصات للآخرين كعلامةٍ للتقدير.
- تحمُّل المسؤولية عن الأخطاء بشجاعة.
- المرونة في تقبُّل التغيير كفرصةٍ للنمو.
عندما نختار الاحترام، نصنع عالمًا أكثر إنسانيةً، حيث يُصبح كل منا مرآةً تعكس جمال الروح ورقَّة القلب. فكما قال الرجل العجوز: «من يحترم الآخرين يُكسب نفسه احترامهم أولًا».