أين إختفت جثة الزعيم عبد الكريم قاسم ؟
جواد الرميثي
في الساعة الثانية عشر والنصف من بعد ظهر يوم السبت 9 شباط 1963 سلم الزعيم عبد الكريم قاسم نفسه ومن معه من الضباط في وزارة الدفاع للانقلابيين ( واسمهُ الكامل عبد الكريم قاسم محمد بكر عثمان الزبيدي ــ مواليد21 نوفمبر/تشرين الثاني 1914 - محلة المهدية ببغداد ) رئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة العراقية ووزير الدفاع بالوكالة من عام 1958 إلى 1963، ويُعَدُّ أول حاكم عراقي بعد الحُكم المَلكي ، وأحد قادة ثورة 14 تموز ،
كان مخطط الانقلاب على قاسم واردا قبل سنوات و أن عام 1961 شهد 6 محاولات للإطاحة به، لكن تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح، حتى المحاولة الأخيرة التي كانت في 8 فبراير/شباط 1963 ، لا توجد شخصية مركزية قادت الانقلاب ، وأن العسكريين والمدنيين الانقلابيين تعاونوا معا في إسقاطه ، ثم استطاعوا كسب عبد السلام عارف لخبرته وحنكته العسكرية وموقفه من قاسم الذي عزله وحاكمه ، دون أن يكون عارف شريكا في الانقلاب بصورة مباشرة.
مدرعة أخرى
كان عبد الكريم قاسم قد أركب ومعه طه الشيخ احمد بدبابة لوحدهما ، بينما مرافقه الشخصي قاسم الجنابي وفاضل عباس المهداوي رئيس المحكمة الخاصة وكنعان خليل حداد بمدرعة اخرى واتجه الجميع الى دار الأذاعة ، وعند الساعة الواحدة والدقيقة الثلاثين من بعد ظهر اليوم نفسه اقتيد الجميع ( عدى قاسم الجنابي ) الى استوديو الموسيقى في مبنى الاذاعة والتلفزيون وسط بغداد وابلغوا بقرار مجلس قيادة الثورة بأعدامهم رمياً بالرصاص واُعدت المناقشة بينهم بمثابة محاكمة وتم التنفيذ مباشرة ، وبرغم أن قاسم طالب قبل إعدامه بنفيه خارج البلاد فإن مجلس قيادة الثورة قرر إعدامه مع مرافقيه الذين رفضوا وضع عصابة على اعينهم عند تنفيذ الأعدام بهم ، في منتصف الليلة التي قضي فيها على حياة عبد الكريم قاسم ، نقلت جثته الى منطقة الباوية (المعامل) الواقعة بين بغداد وبعقوبة ، وحفرت له حفرة في البساتين ووضع فيها ببزته العسكرية ، وأخفيت معالم الحفرة أخفاءً تاماً ، إلا ان احد العمال شاهد ما جرى ، فاستعان ببعض الناس ليحملوامعه الجثة ويدفنوها في موضع ما بين المجمعات السكنية العمالية في المنطقة ، إلا ان الأمر لم يبق سراً ، فبلغ سلطات الأمن التي قامت بإلقاء القبض على المشاركين واحالتهم على المحاكم وقضت عليهم بأحكام ثقيلة ، ثم استخرجت الجثة ووضعت في كيس (كونية) وربطوها باثقال وألقيت من فوق جسر ديالى في نقطة اتــصال بغداد ـ سلمان باك ، وبذلك كان حظ عبد الكريم قاسم من تربة العراق التي احبها اقل بكثير من حظ الحكام الذين قضى عليهم في ثورة 14 تموز 1958 ، والذي نقلوا فيما بعد الى المقبرة الملكية في الاعظمية ببغداد .