الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صُنع‭ ‬في‭ ‬العراق

بواسطة azzaman

صُنع‭ ‬في‭ ‬العراق

فاتح عبدالسلام

 

لا‭ ‬يتذكر‭ ‬المرء‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وزارة‭ ‬للصناعة‭ ‬او‭ ‬لم‭ ‬يكن،‭ ‬انه‭ ‬مسمى‭ ‬كبير‭ ‬لحقيبة‭ ‬تكاد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬موجودة‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬المحاصصة‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬حين‭ ‬اقتسام‭ ‬المناصب‭.‬

والذين‭ ‬شغلوا‭ ‬هذه‭ ‬الحقيبة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لهم‭ ‬مع‭ ‬العراقيين‭ ‬صفحة‭ ‬مشرقة‭ ‬واحدة‭.‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬عاما،‭ ‬كان‭ ‬الجميع‭ ‬يلتمسون‭ ‬الاعذار‭ ‬لعدم‭ ‬قيام‭ ‬صناعة‭ ‬وطنية‭ ‬عراقية‭ ‬بسبب‭ ‬التدمير‭ ‬الذي‭ ‬نالته‭ ‬المصانع‭ ‬الموجودة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬غزت‭ ‬فيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬البلاد‭ ‬وأسست‭ ‬للنظام‭ ‬السياسي‭ ‬القائم‭. ‬واستمرت‭ ‬الاعذار‭ ‬بعد‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬سنوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬المباشر،‭ ‬وظهرت‭ ‬الحجج‭ ‬المضافة‭ ‬بشأن‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬صناعة‭ ‬بعد‭ ‬استيلاء‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬على‭ ‬ثلث‭ ‬العراق‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬توجد‭ ‬كبريات‭ ‬المصانع‭ ‬وخرجت‭ ‬عن‭ ‬الخدمة‭.‬

اعترافات‭ ‬وزير‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬نقل‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬مصنع‭ ‬ما،‭ ‬وانّ‭ ‬هناك‭ ‬فيتو‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬صناعة‭ ‬عراقية،‭ ‬تميط‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الخروقات‭ ‬العظيمة‭ ‬في‭ ‬هيكل‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭.‬

المصانع‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬اندثرت‭ ‬أو‭ ‬تعثرت‭ ‬إعادة‭ ‬اعمارها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬نتاج‭ ‬زمن‭ ‬قديم‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬التقدم‭ ‬الصناعي‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬قرنين،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬صناعات‭ ‬تتكفل‭ ‬بتصدير‭ ‬مصطلح‭ ‬“صُنع‭ ‬في‭ ‬العراق”‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬في‭ ‬حدوده‭ ‬الدنيا،‭ ‬او‭ ‬للاستهلاك‭ ‬الداخلي‭.‬

دول‭ ‬ذات‭ ‬اقتصادات‭ ‬ضعيفة‭ ‬ولا‭ ‬تمتلك‭ ‬الثروة‭ ‬النفطية‭ ‬تراها‭ ‬تتفاخر‭ ‬بعلاماتها‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬بلدها‭.‬

لا‭ ‬تقل‭ ‬لي‭ ‬توجد‭ ‬المادة‭ ‬الفلانية‭ ‬او‭ ‬العلانية،‭ ‬نحن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬العراق‭ ‬البلد‭ ‬الغني‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬المؤسسين‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬العربية‭ ‬واشتهرت‭ ‬لديه‭ ‬صناعات‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬السابقة،‭ ‬وكنّا‭ ‬نأمل‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬استراتيجية‭ ‬لإحياء‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬صنع‭ ‬في‭ ‬العراق‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬يمتلكه‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬وامكانات‭ ‬وكفاءات‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬استنفارها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تكوين‭ ‬البديل‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬الذي‭  ‬بات‭ ‬مستقبله‭ ‬محدوداً‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬الصناعي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يحدد‭ ‬خياراته‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للعقدين‭ ‬المقبلين‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الجديدة‭ ‬مع‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬وما‭ ‬يتصل‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬صناعية‭.‬

‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬خارج‭ ‬البلد‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬العزيزة‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬العراقيين‭ ‬،”‭ ‬صنع‭ ‬في‭ ‬العراق” إذ‭ ‬لم‭ ‬ينجز‭ ‬السياسيون‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬سوى‭  ‬ماركة‭ ‬الفساد‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تضاهى‭ ‬والتي‭ ‬حملت‭ ‬مع‭  ‬الأسف‭ ‬الكلمات‭  ‬المخجلة‭ ‬في‭ ‬سياقها‭  ‬المعيب‭ ‬الجديد،‭ ‬وهي‭ ‬صنع‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬

 

رئيس التحرير – الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 181
الكاتب فاتح عبدالسلام
أضيف 2024/03/04 - 6:35 PM
آخر تحديث 2024/05/16 - 3:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 122 الشهر 6125 الكلي 9244163
الوقت الآن
الخميس 2024/5/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير