الصراع السياسي بين الأمس واليوم
خالد محسن الروضان
الصراع السياسي هو صراع بين افكار سياسية مختلفة ومتناقضة بعضها يهم الفرد والمجتمع وبعضها الاخر يهم الدول والقارات.
وسنتناول في هذا الموضوع الصراع السياسي في العراق من خلال 1- تجربة الحكم الملكي بعد ان تم الاجهاز على حركة رشيد عالي الكيلاني (حركة مايس 1941) واعادة احتلال بريطانيا للعراق عام 1941 لغاية 14 تموز 1958.
2- وتجربة الحكم الجمهوري الفدرالي الاتحادي / بعد احتلال الولايات المتحدة الامريكي للعراق عام 2003.
حكم فدرالي
1- تجربة الحكم الملكي – ( دار السيد مأمونة ) مأمونة يادار السيد
تصاعدت الاحداث السياسية في العراق وترافقت مع تشريع عدد من القوانين ذات العقوبات الغليظة بزعم مقاومة الافكار الهدامة ابتدأ بأعدام 4 من المشاركين في حركة رشيد عالي الكيلاني وهم العقيد فهمي سعيد والعقيد كامل شبيب والعقيد محمود سلمان وسياسي يونس السبعاوي بعد ان تم الاجهاز على الحركة واعادة احتلال بريطانيا للعراق عام 1941.
واعدام قيادة الحزب الشيوعي العراقي المتمثلة بحسين محمد الشبيبي ومحمد زكي بسيم ويهودا صديق وعلى رأسها يوسف سلمان يوسف ( فهد ) امين عام الحزب عام 1949.
وعلى الصعيد العربي ( القومي ) تأثر العراق بالاحداث العربية التي حدثت هنا وهناك في الاقطار العربية ومن اهم هذه الاحداث مأساة فلسطين عام 1948 التي كان لها الاثر الكبير في نشر الوعي القومي، وكان لهذه المأساة دور كبير في دعم ثورة 23 يوليو عام 1952 والتي اعتبرت السبب الرئيس للتفكير في ايجاد وسائل للاطاحة بنظام الحكم الملكي، ففي 28 تشرين الاول عام 1952 قدمت الاحزاب الوطنية مذكرات الى الوصي ( عبد الاله ) شاجبة الاوضاع القائمة بالقطر انذاك ومطالبة بالتغيير واصلاح الاوضاع العامة. وفي عام 1956 شهدت فكرة القومية العربية انتقالاً من حيز التوضيح الى حيز التخطيط والتنفيذ اذ طرح حزب البعث العربي الاشتراكي بمناسبة عيد الجلاء في سوريا شعار وحدة مصر وسوريا فتحقق ذلك في 1 شباط عام 1958 واعتبرت نواة للوحدة العربية الشاملة وفي 26 تموز عام 1956 اعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس وحصل العدوان الثلاثي على مصر لاجبارها على التخلي عن قرار التأمين الا ان الدول العربية كلبنان والعراق بدأت تقطع علاقتها مع دول العدوان وعمت الشارع العراق تظاهرات استنكار للعدوان هناك (ياجمال سير سير كلنا وراك للتحرير) وبالاتجاه المعاكس للتيار القومي العربي كانت هذه الاحداث تشكل قلق لدى بريطانيا وخوفاً على مصير الحكم الملكي في العراق واجرت اتصالات مع نوري سعيد اقوى رئيس وزراء لكي لايتكرر ما حدث في مصر للعراق، اجاب نوري سعيد بكل ثقة بقوة نظامه التي لاتسمح بذلك وفي ختام خطابه الى الشعب العراقي من خلال الاذاعة قال (دار السيد مأمونة) لنردد ( مأمونة يادار السيد) حيث بدأت المؤامرة ضد سوريا وبدأ التفكير بأنشاء حلف يسمى ( حلف بغداد ) وفي شباط عام 1955 جاء قيام ( الاتحاد العربي الهاشمي) وطلب نوري سعيد ضم الكويت للاتحاد لتعظيم امكانيات الاتحاد.
على الصعيد الدولي قيام الحرب الباردة بين الدول الكبرى ومحاولات جعل العراق قاعدة للحرب البارده في الشرق الاوسط ضد الاتحاد السوفياتي انذاك ثم المنافسة الانكلو- اميركية في المنطقه للحصول على امتيازات في شتى المجالات السياسية والاقتصادية وخصوصاً في مجال النفط ثم قيام حركة مصدق 15 اذار عام 1951 بتأميم النفط الايراني وانعقاد مؤتمر باندونغ واعلان سياسة الحياد الايجابي في 24 تشرين عام 1955 ونشوء حركات التحرر الوطني والاتفاقات بين الدول الاشتراكية والاحزاب الوطنية والاحزاب الشيوعية كل هذه العوامل مهدت السبيل لتلاقي الاحزاب الوطنية والقومية في العراق ( حزب الاستقلال و حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي ) في جبهة الاتحاد الوطني في اذار 1957 التي كان لها اثر كبير في بث الوعي الوطني والقومي وقيام ثورة 14 تموز 1958.
اتفاق حاصل
حيث بدل من وصول القوات العراقية بموجب الاتفاق الحاصل بين نوري سعيد والرئيس شمعون الى الاردن والزحف الى سوريا للقضاء على الوحدة وسحق الثورة الشعبية في لبنان زحفت القوات العراقية لتحتل بغداد فجر 14 تموز عام 1958 حيث العنف دار دولاب دوراته بصورة متسارعة ابتدأت بقتل العائلة المالكة وقد حدث الامر بنوع من التشفي والانتقام والقسوة في تعليق جثة الوصي عبد الاله وقتل نوري سعيد اقوى رئيس وزراء ومحاكمة اعوان النظام وصدور الاحكام بحقهم بين الاعدام والسجن من قبل محكمة الشعب ( ماتسمى بمحكمة المهداوي )
2- تجربة الحكم الجمهوري الاتحادي الفدرالي – بعد احتلال الولايات المتحدة الاميركية للعراق عام 2003 ( ماننطيهة ) منو يكدر ياخذها منا
قرأنا بالمقدمة تجربة الحكم الملكي والاحداث التاريخية في الصراع السياسي في العراق والتي هي متشابهة تقريباً مع الوضع الراهن الذي نعيشه، في عام 2003 بدأ العملية السياسية بالعراق (الجمهورية الخامسة ) واخذت حالة العنف شكلاً اخر من الثار والانتقام والقسوة فجاء قانون الاجتثاث سيء الصيت والذي استخدم لاغراض ايدلوجية وسياسية من قبل الاحزاب المتحكمة بالسلطة بنوع من الثار والانتقام والقسوة واصبحت مسألة اجتثاث الانسان من الوجود او من ممارسة حرياته الاسياسية مضمونة بالدستور كسابقة خطيرة ومهينة للانسانية جمعاء وبتاريخ تلك الاحزاب الحاكمة والتي فقدت الثقافة الثورية النقية والحوارات الوطنية والانسانية ناهيك عما تعرض البلد من موجات العنف في الصراع الطائفي التي كادت تـــــــؤدي بالبلد الى حرب اهليه اضافة الى موجات العنف والارهاب المتـــــــمثلة في داعش والقاعدة وكانت الحكومات التي تشـــــــــكلت سبب في اشاعة الفساد والمحاصصة الطائــــفية والاثنية السياسية التي اشاعت الفساد والخراب في البلد ولم تنتج عنها نموذج مشرق يتناسب وتضحيات هذا البلد المظلوم ولم تتفق مع تطلعات شعبة في الحياة الحرة السعيدة. فجاءت وثبة تشرين 2019 لتغير المسار بالتخلص من حكومات الفشل والفساد التي انتجتها الاحزاب الفاسدة وقد حققت انتفاضة تشرين وبما قدمته من تضحيات امور كثيرة وكانت ضربة قوية جاءت في النخاع الشوكي لاحزاب الفساد جعلتها تترنح وتنهزم امام عزيمة واصرار الثوار. وكانت هزيمة ونهاية هذه الطبقة السياسية في انتخابات 2022 هي واحدة من معطيات هذه الثوره، لكن انسحاب الكتل الصدرية كان لهذه الاحزاب الفاسدة حبل نجاة وعادة هذه الطبقة سيطرتها على السلطة وهي تتحدى الشعب بتشريع القوانين ذات العقوبات الغليظة وعبثاً تقاوم الثورة وتصر على بقائها بالسلطة (ماننطيها ) هكذا يقول نوري المالكي ليش منو يكدر ياخذها منا .. ان من النادر ان نسمع ثورة مسلحة في بلاد الديمقراطية الحقيقية لان في ميسورهم ان يجدو للثورة طريقاً اخر هو طريق التصويت الهادئ الذي لايتلاعب به الحكام الادنياء. والحكومة التي لاتدرب رعاياها على اتباع طريق الثورة السلمية الهادئ سوف تجابه من غير شك ثورة دموية عنيفة في يوماً من الايام.
نسي هؤلاء ان التاريخ يسير سيرته المحتومة رغم انف المقاومين للثورة فالقافلة تسير والكلاب تنبح كما يقول المثل البدوي.
فأين انتم من الطبقة السياسية في فترة الحكم الملكي كانوا اقوى منكم لقد ذهب زمن السلاطين وحل محله زمن الشعوب .
وكذلك على الصعيد الدولي الولايات المتحدة الامريكية التي احتلت العراق لم تتركه بالمقابل روسيا ترى مصالحها في العراق منذ الاتحاد السوفياتي وقواعدها قريبة في سوريا كذلك الصين لها مصالح وخط الحرير وهذا وضع عملية التغير القادمة في معادلات المصالح الدولية.
اضافة الى عودة العراق الى حاضــــــنته العربية وتشــــــكل علاقـــــــاته قائمة على امور الطاقة والنـــــــفط فكل هذه العوامــــــــل الدولية وتداعيات الحرب في اوكرانيا ستلقي بظلالها على التغيـــــــير القادم والذي نراه قريباً وهم يرونه بعيداً بأحلامهم.