الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ثقافة المكتبات في العراق

بواسطة azzaman

ثقافة المكتبات في العراق

اسعد كاظم شبيب

 

رغم التحديات التي يفرضها العالم الرقمي الذي بات أحد أبرز معالم عالم اليوم حيث فرض نفسه على الجوانب ومنه المكتبات الورقية التي ظلت تشكل رونقاً معرفياً واعتبارياً وتربوياً وثقافياً الا ان ثقافة المكتبات في العراق لا تزال تمثّل إحدى الركائز الأساسية في تكوين الوعي الحضاري والمعرفي، إذ ارتبط تاريخ العراق منذ أقدم العصور بفكرة التدوين وحفظ المعرفة. فمن ألواح الطين السومرية في أور ونفر، إلى بيت الحكمة في بغداد، تشكّل المكتبة بوصفها مؤسسة معرفية وتشكيل ثقافي جزءًا لا يتجزأ من هوية المجتمع العراقي، ومرآةً لتفاعله مع العلم والفكر والفلسفة.

وعلى الرغم من ان هناك من يحاول ان يجعل المكتبات ديكوراً جمالياً لكن لم تستطيع تلك الحالات من تحويل المكتبات الى مجرد مخازن للكتب، بل فضاءات للحوار والترجمة والإنتاج العلمي.

 والثقافة الشخصية والنخبوية بغض النظر عن التحصيل الدراسي والمهنة للتك النخب، وأسهم هذا النمو في ترسيخ عادة القراءة والمطالعة، وربط المكتبة بالنهضة العلمية والدينية والسياسية. في العراق الحديث، ولا سيما بعد عام 2003، واجهت ثقافة المكتبات في العراق تحديات جسيمة تمثلت في تدمير عدد كبير من المكتبات العامة والجامعية، ونهب المخطوطات، وضعف التمويل المؤسسي. كما أسهمت التحولات الرقمية غير المتوازنة، وتراجع سياسات القراءة، في إضعاف العلاقة بين المجتمع والمكتبة، خصوصًا لدى الأجيال الشابة التي باتت تعتمد على مصادر معرفية سريعة وغير محكّمة.ورغم هذه التحديات، لا تزال هناك مؤشرات إيجابية على حيوية ثقافة المكتبات في العراق. فقد شهدت السنوات الأخيرة مبادرات فردية ومؤسساتية لإعادة إحياء المكتبات العامة، وتحديث بعض المكتبات الجامعية، وإنشاء مكتبات أهلية ومراكز ثقافية تؤدي دورًا مهمًا في نشر المعرفة وتعزيز ثقافة القراءة ومن شواهد ذلك شارع المتبني في بغداد الذي ظل يمثل انموذجاً معرفياً وثقافياً عربياً وعالمياً يدار بطريقة ثقافية عفوية.

ومع ذلك إن استعادة الدور الحيوي للمكتبات في العراق تتطلب رؤية ثقافية شاملة، تنطلق من إدماج المكتبة في السياسات التعليمية، وتحويلها إلى فضاء اجتماعي تفاعلي، لا يقتصر على الإعارة والبحث الأكاديمي فحسب، بل يشمل الأنشطة الثقافية والحوارية. فالمكتبة ليست مجرد مبنى أو رفوف كتب، بل هي أداة لإعادة بناء الإنسان العراقي، وحماية الذاكرة الوطنية، وتعزيز قيم العقل والمعرفة في مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية المعاصرة.

 

 

 


مشاهدات 46
الكاتب اسعد كاظم شبيب
أضيف 2025/12/21 - 5:38 PM
آخر تحديث 2025/12/22 - 12:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 42 الشهر 15958 الكلي 12999863
الوقت الآن
الإثنين 2025/12/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير