الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السلطة تحرس مصالحها وتؤجل العراق

بواسطة azzaman

السلطة تحرس مصالحها وتؤجل العراق

مروة الخفاجي

 

«عندما يفسد الملح بماذا يُمَلَّحُ» السيد المسيح (ع) عندما تمرض إنسانية الطبيب، من ذا الذي يمتلك علاجاً شافياً لها، فالإنهيار الحاد الذي ينوء به العراق، منذ عقدين ونصف العقد، لم يبقِ حجراً على حجرٍ؛ سحق الإقتصاد والكرامة الوطنية والقيم الإنسانية، حتى إتخذ الأطباء من المرض تجارة؛ فسقط قسم أبقراط الذي ظل حتى 2003 تعويذة تهدي الأطباء الى طريق الإنسانية في أداء المهنة.

الظروف والإلتفافات الهجينة التي إكتسحت المنظومة القيمية في المجتمع العراقي؛ سحقت إنسانية الطب، ولم يعد المرض إبتلاءً صحياً فحسب، بل صار بوابة مفتوحة للإبتزاز المنظم، وبات جشع عدد غير قليل من أطباء، حقيقةً صادمةً لا يستوعبها العقل ولا تغفرها تعاليم الأديان ولا أعراف المجتمع ولا قوانين الدولة ولا يجد مرتكبوها تبريراً مسوغاً لإفتراءاتهم على أخلاق مهنة الطب المقدسة، بعد أن كان شائعاً بإتفاق مطلق أن (الطبيب رب ثان) تحول الى مبتز يرقص على إيقاع السياسيين الـ... فساد ذو رائحة عطنة يلوث الأنفاس.أقصى معظم الأطباء، الرحمة قسراً من معادلة الربح والخسارة، بعد أن كان الطبيب يعنى بالمنجز في إنقاذ الحياة، صار يكرس عبقريته في التآمر مع الصيدلي وطبيب المختبر والمصور الشعاعي و(ملاج) المستشفى الأهلي؛ لإستنزاف المرضى مالاً يتناغم مع إقتصاد العراق المنهمر شلالاً في أرصدة شخصية وفئوية لأفراد...إستبدل الطبيب سمعته (منقذ الفقراء) بقوائم أسعار تلفلف ضمير المهنة مثل مخاط مقرف في كلنكس، كشفية المعاينة تفرض أجوراً تجارية، وهي سابقة لا مثيل لها في أقسى الدول المادية والعلمانية؛ لأن الطب مكفول من الدولة، في كل بقاع العالم.

ما عدا العراق!

و... من يعمل في مستشفى حكومي أو أستاذ في كلية طب، محظور عليه فتح عيادة خاصة!

ما عدا العراق!

تحاليل لا موجب لها تطلب كشرط إجباري لا كضرورة علاجية.. سونار ومفراس ورنين… فحوصات يساق إليها المريض مستلباً، وأدوية لا تصرف إلا من صيدليات تابعة أو متعاقدة مع الطبيب، وعمليات جراحية لا لزوم لها في حالة المريض، إنما يستلزمها جيب الطبيب الجشع وإتفاقه مع مستشفيات غسيل الأموال التي إنتشرت مثل آفة في حقل أخضر أحالته بلقعاً ولم ترتوِ شهوة المال لدى المسعورين... جراحات غير ضرورية بكلف تغلق أبواب التفاؤل بوجه الفقير.

والسلطات المعنية تجلس على التل محايدة، كما لو أن العراق غير مشمول بصلاحياتها، التي تستخدمها لمنافع شخصية وفئوية فقط.. سلطات تحرس مصالحها وتؤجل العراق.

 

 


مشاهدات 37
الكاتب مروة الخفاجي
أضيف 2025/12/19 - 10:36 PM
آخر تحديث 2025/12/20 - 12:21 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 28 الشهر 14371 الكلي 12998276
الوقت الآن
السبت 2025/12/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير