الملاطفات في التسميات
جمال السوداني
تطلق التسميات على الأسخاص ملاطفة ، أو نقدا ، و هي إجتماعية ، أي غير رسمية ، غير موثقة في السجلات الوطنية ، و تطلق نتيجة لوجود حدث ، أو لوصف شيء ، أو للتعبير عن حقيقة .
ففي الطفولة ، كنا نسمع القليل من هذه التسميات على أصحابنا ، أو على أشخاص بالقرب منا ، نعرفهم في محلتنا ساكنين .
فمثلا : كنا نسمي صديقنا ( حازم خوصة ) .. لأن جده إسمه خصاف . و نطلق على صديقنا ( رياض ريشة ) .. لأنه سريع ، و خفيف ، و ذو حركات في حراسة المرمى بلعبة كرة القدم - الطوبة . و نطلق على ( رعد ابو اليسرة ) .. لأنه يلعب الطوبة برجله اليسرى بجودة فائقة .
و كذلك ، كنا نسمع تسمية على صبي ما ( أبو راس ) .. أو ( أبو دماغ ) أو ( أبو صماخ ) .. لكبر رأسه . و على اخر ( بومة ) .. لأنه يطخطخ بالأشخاص أو الأشياء ، أو يقع عندما يمشي . و نسمع ( صقوط ) على من يرسب في إمتحان . و هناك تسميات عديدة ، تطلق على بعض الأفراد .. فتسمع ( أبو طعج ) و ( أبو لسان ) و ( أبو ذان ) و ( أبو كراع ) و ( أبو فچ ) و ( أبو رگيبة ) و ( الأميلح ) و ( الإحيمر ) و ( الأبيض ) و ( الإسيود ) و ( أبو خنينة ) و ( أبو فليس ) و ( أبو سلعوم ) و ( المرعبل ) و ( حبيني ) و ( بودلة ) و ( المگير ) و ( المخفت) و ( الجبينة ) و ( الخبل ) و ( اللوگي ) و ( المبهذل ) و ( المترين ) و ( زنانة ) .. أي تربية نسوان .
البعض يرضى بما يطلق عليه ، و منهم من يفتخر و ينتعش ، و البعض يزعل ، و قد يصنع معركة ، أو يقطع علاقته بمن يدعوه بتلك التسمية .. و على الغالب التسميات مجهولة المصدر .
و كنا في المدرسة الإبتدائية نسمي معلم التربية الفنية ( زنبور ) .. لأنه قصير ، و وجهه يشبه الزنبور . و نسمي معلم العربية ( أبو العضبة ) .. لأن يده اليسرى مقطوعة من المنتصف . و نسمي معلم التربية الوطنية ( أبو العرگ ) .. لأن ريحة الخمر تفوح منه .. و كنا نسمي معلم اللغة الإنگليزية ( أبو البصمة ) .. لأنه لا يقول : قلم الرصاص ، أبدا ، بل يقول : قلم أبو البصمة .
و في المتوسطة كنا نسمي مدرس الأحياء ( جلو ) .. لأنه حين يدخل الصف ، حيث المراقب يقول : قيام ، فهو يقول : جلو .. و لا نسمع حرف السين بعد جلو .
أما في الجامعة ، فكنا رفقة ، نسمي محمد سامي ( محمد أريل ) .. لأنه طويل . و نسمي بنيامين مروكي ( قرنابيط ) .. لتطابق نغم الإسمين . و نطلق على باسل القيسي ( باسل أبو شوارب الوصخة ) .. لأن لون شاربيه أخضر . و نطلق على ثائر الأعظمي ( ثائر بطيخة ) .. لأن حزامه يضغط فيدخل كرشه الكبير و لا يرى ، و كأنه لم يتحزم بشيء .
و كنا ، و لليوم نسمع في مناطقنا عبارات ( بيت المخابيل ) .. لأن كبارهم و صغارهم ذوي سلوك ، و كلام غير طبيعي ، غير موزون . و ( بيت الچذاذيب ) .. لكثرة أكاذيبهم التي ينطقوها . و ( بيت أبو عيطة ) .. لسماع الصراخاتت الكثيرة التي تنتج منهم ، و هم داخل بيتهم . و ( بيت أبو طلبة ) .. لكثرة طلباتهم المزعجة من جيرانهم .
أما عن النساء ، فأيضا نسمع التسميات العديدة التي تطلق على نساء محددات ، مثل : ( أم گبيعة ) و ( أم الدرابين ) و ( أم الطلايب ) و ( أم الولد ) و ( أم الرجولة ) و ( أم دماغ ) و ( الملسونة ) و ( أم عليچ ) و ( أم خشيم ) و ( أم فليس ) .
و حينما كبرنا ، و توسعت معارفنا ، أخذنا نسمع تسميات عديدة ، تطلق على الكبار .. مثلا : ( ستار الوصخ ) .. لأنه يلعب بأظافره بقشرة رأسه ، يقشطها ، و يقرب أظافره من عينيه . و نسمع عن شخص تسمية ( جبار مسؤولية ) .. لأنه لا يوقع على أية ورقة رسمية تأتيه ، ضمن البريد الرسمي الوارد له ، فيقول : بيهه مسؤولية . و نسمع عن ( كاظم حبابي ) .. لأنه يحمل في جيوبه حبوب أدوية ، و هو غير مريض ، إذ حين يبرد الجو ، يأخذ حبة ضد نوبة البرد ، و يقول : حته ما أنصاب بالنشلة . و كذلك نسمع ( علي ماما ) .. لأنه يكرر عبارة ماما في حلفه ، و كلامه . و كان هناك ( سعيد بيجو ) .. لأنه إشترى سيارة بيجو ، و يمدح بها أينما يلتقي بشخص ، أو بشخوص . و كنا نطلق على حجي دعير ( وديع الصافي ) .. لأنه يشبهه . و نطلق على حجي منشد جارالله ( حجي سانيو ) .. لأنه كان يضع دعاية شركة سانيو على ميز أمامه في وظيفته في الدائرة . و كان يطلق على شاب في المنطقة ( علي تايتانك ) .. لأنه يشبه بطل فيلم تايتانك . و كان يطلق على شخص ( جبار وطنية ) .. لأنه يكرر عبارة الوطنية في كلامه . و كان يطلق على شخص ( علي قومية ) .. لأنه يكرر عبارة القومية ، و العروبة في كلامه . و كان شخص يسمى ( ضياء الخال ) .. لأنه حينما يخاطب أي شخص ، يبدأ بعبارة : إي خالي .
لقد كان معنا في المتوسطة حسن ، و يسمى ( حسنكي ) . أنهى البكالوريوس ، مدرسا للجغرافية .. كان ، و لليوم محبا لكرة القدم ، يذهب كثيرا للملاعب ، و كان يتابع البرنامج القديم ( الرياضة في أسبوع ) ، و يقرأ الجرائد و المجلات الرياضية ، أو التي فيها صفحات رياضية . و الملفت للإنتباه إن حسنكي يعرف كل فريق منتخب عراقي ، أو غير منتخب ، بكل لعباته لعقود خلت ، و يعرف ماذا إرتدوا في لعباتهم العديدة ، من شيرت و شورت و جواريب ، بالدقة بألوانها ، فذاكرته تكاد أن تكون فريدة ..
________________________________________