حديث في النحو العربي.. إنَّ ، و أنَّ 1
مسلم عوينه
——————
إنَّ و أخواتها… و أنّ واحدة من اخواتها. لم يبتدع العرب هاتين اللفظتين بطَراً دون حاجة اليهما، فلكلٍّ منهما مكانها في التعبير حسبما تفرضه الحاجة، وليس كيفما اتفق، واشتركتْ مع كان وأخواتها في تسميتها ( النواسخ )فهي أيضاً تدخل على المبتدأ والخبر، لكنّها تنصب الأول ويسمّى (إسمها) وترفع الثاني ويُسمّى (خبرها)، و لإنّ وأخواتها اسم آخر هو ( الحروف المشبهة بالفعل ) والمقصود ب (الفعل) هنا: ( كان وأخواتها ) وقد سُمّيت ( الأفعال الناقصة ) وذلك لدخولها على المبتدأ والخبر وليس لها فاعل . و ( إن و أخواتها ) تدخل على المبتدأ والخبر أيضاً كما مرّ آنفاً ، ومجموعها ستة حروف :
إنَّ ، أنَّ ، تستخدمان للتوكيد ، لكنَّ ، للإستدراك ، كأنَّ ، للتشبيه ، ليتَ ، للتمنّي ، لعلَّ ، للترجّي …
فمتى يجب أن تُنطَقَ ( إنَّ ) ، ومتى تُنطَقُ ( أنَّ ) ؟ الموضوع ليس كيفيّاً ، بل تحكمه ضوابط ينبغي الإلتزام بها للحفاظ على موسيقى اللغة وسلامة النطق والمعنى .
تُنطَقُ ( إنَّ ، بكسر الهمزة ) في الحالات الآتية :
أولاً — إذا جاءتْ في بداية الكلام ، مثل : إنّا أنزلناهُ في ليلة القدر ، و قول الشاعر:
إنّا لقومٌ أبتْ أخلاقنا شرفاً .. أنْ نبتدي بالأذى مَن ليس يؤْذينا. وقوله
إنَّ عرسي وهي جامحةٌ فجّةٌ لونٌ من الأدبِ .. و
إنَّ في صوتهِ قراراً رخيماً وبأحداقهِ بريق النبوّة .. و
إنَّ الذي خلقَ اللغاتِ محاسناً..
جعلَ الجمالَ وسرّهُ في الضادِ .. و
إنَّ العيونَ قريراتٌ بما شهدتْ..
والقلبُ يفرحُ والآمالُ تبتسمُ .. و
إنَّ العيونَ التي في طرفها حورٌ..
قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا .
ثانياً — إذا جاءت بعد القسم ، مثل : حم ، والكتابِ المبين ، إنّا أنزلناه في ليلة مباركة ، إنّا كُنّا مُنذرين . و ، والعصرِ إنّ الإنسان لفي خُسر ..
ثالثا — إذا جاءت بعد الفعل (قال) وكافة تصريفاته . مثل :
قد قُلتُ للشاكين إنّ عصابةً
غصبتْ حقوق الأكثرين تلاعبا
قالوا إنّ الخيرَ كثيرٌ .
كم قلتُ إنّي غير راجعةٍ له.. ورجعتُ ما أحلى الرجوع اليهِ
رابعاً — إذا وقعت بعدها ( اللام ) ، مثل
اللهُ يعلمُ إنّكَ لَرسولهُ … اللهُ يشهدُ إنّك لَرسولهُ . و أنا على ثقةٍ إنَّكَ لخارق الذكاء . ولو استبعدنا ( اللام ) عن ( خارق ) لوجبت كتابتها وقراءتها ( أنا على ثقة أنّكَ خارق الذكاء )
وفيما عدا ذلك تُكتب و تُقرأُ ( أنَّ ) أينما وردت .