نتاج الاب يوسف حبي في الفكر المسيحي إصدار جديد
دراسات وأبحاث وتقارير كتبت بمهنية لتعبّر عن الواقع
الموصل - سامر الياس سعيد
لايعد كتاب نتاج الاب يوسف حبي في الفكر المسيحي والصادر حديثا عن دار بيبليا للترجمة والنشر ضمن مختارات الفكر المسيحي بالتسلسل 17 كتاب مناسباتيا فحسب كونه يصدر في الذكرى ال25 لرحيل الاب حبي لكنه بالعموم يمثل مرجعا مهما وتوثيقا متميزا لواقع الكنيسة خلال السنوات التي دبج من خلالها الاب حبي تلك المقالات والابحاث والدراسات والتي رفد من خلالها مجلة الفكر المسيحي بها بدءا من اول مقالة له في المجلة التي كان تصدر على شكل سلسلة قبل ان تتبلور لتضحي مجلة .وعلى مدى 370 صفحة من القطع الكبير تستقر تلك الدراسات والابحاث والمقالات التي انتجها يراع الاب الراحل لتدور في فلك الابتعاد عن التقليدية ولتدعو للتغيير مع اصوات نادى بها للمحافظة على التراث فكان بحق صوت الراعي الذي يخشى ان يصيب التراث الفقد الكبير نظرا لما تمتلكه الكنيسة انذاك من عمق تاريخي وكان الاب الراحل يمتلك شيئا من الحظ الذي جعله يرحل عن دنيانا دون ان يرى ما بثه التنظيم المتطرف من تخريب وتدمير ممنهج بذلك التراث الغني الذي امتلكته الكنائس والحواضر الدينية وحقيقة مع كل كلمة من كلمات النتاج الذي ابرزه الاب الراحل كان فكري يذهب نحو افاق المكتبة التي امتلكها والركائز الثقافية التي اعتمد عليها ليدبج تلك المقالات ويسهم بها.
مجلة الفكر المسيحي
لاسيما وان مجلة الفكر المسيحي لم تكن الوحيدة ممن استقطبت تلك المقالات والنتاجات لابل على العكس اعتنى الاب حبي برفد الكثير من المجلات والمطبوعات بنتاجاته الى جانب مشاركاته بالمؤتمرات والندوات حتى عد دائرة معارف القرن العشرين على غرار ابن العبري الذي كان يعد دائرة معارف القرن الثالث عشر ومن حقنا ان نفتخر بمجايلتنا لتلك الشخصية الدينية المحبوبة التي وضعت بصمتها في تاريخ المسيحية في العراق في اشد لحظات ازدهارها رغم بعض الماسي والمحن التي مرت بها في تلك الفترة والتي لم يبتعد الاب حبي عن محورها بل وجه بوصلة قلمه وفكره اليها ليكتب عن ما بعد الحرب الثمانينية وكيف حري بالكنيسة ان تضمد جراح العائلات المكلومة بفقد ابنائها بتلك الحرب الى جانب استقطاب الجنود ممن بقيت تلك الحرب في هواجسهم دون ان تبتعد عنهم ليستانفوا حياتهم من جديد بلادموع وشجون .ويقول الناشر في كلمته التي يستهل بها الكتاب الى كواليس توجه الدار باستقطاب تلك النتاجات وضمها بكتاب محدد لافتا بان الفكرة انبثقت خلال حفل تخرج طلبة كلية بابل ومعهد التثقيف المسيحي في عنكاوا في منتصف حزيران (يونيو ) من العام الحالي.
اليوبيل الفضي
مشيرا الى غزارة نتاجات الاب حبي في المجلة لاسيما بين الاعوام 1971 ولغاية 1977 منتهيا الى ان هذا الكتاب الذي يصدر بالتزامن مع ذكرى رحيله في 15 تشرين الاول بان يمتع القاريء بما اسهم به قلم الاب حبي كما وضع الاب المعد كلمته بالمناسبة ليشير الى سلسلة من المبادرات التي تبنتها المؤسسات الكنسية للاحتفاء بمرور اليوبيل الفضي لرحيل الاب حبي كما تلاها نبذة تصدرت مقالات الاب حبي في كتاب كتاب رحلوا وتركوا اثرا اضافة لاحصائية ابرزت مقالات الاب حبي في مجلة الفكر المسيحي والتي بلغ عددها 49 مساهمة بدءا من عددين ضمن السلسلة التي ابتدات بها المجلة في ستينيات القرن الماضي كما تلى ذلك شهادات حية كانت عبارة عن انطباعات وذكريات جمعت نخبة من الكتاب مع الاب الراحل بدءا من ذكريات شخصية دونها رئيس الكنيسة الكلدانية في العالم الكردينال لويس رفائيل ساكو واصفا الاب يوسف حبي بكونه ظاهرة فريدة من نوعها مختتما بانه مهما كتب فلن يفي الرجل حقه وكتب المطران حبيب هرمز مجموعة من الانطباعات التي رسخها تجاه الاب حبي في مقالة حملت عنوان الاب يوسف حبي كما عرفته كما كتب الاب منصور المخلصي مقالة عنونها بذكرياتي مع الاب الدكتور يسف حبي اضافة لما كتبته الاخت سناء يوسف حنا عميد كلية بابل للاهوت بمقالة بعنوان ذكرياتي عن الاب يوسف حبي :الكاهن بحسب قلب الرب كما كتبت برناديت عفاص مجموعة من الانطباعات تحت عنوان الاب يوسف حبي والتثقيف المسيحي اضافة لشهادة الاب المطران سعد سيروب عن الاب حبي والتي نشرها في كتاب حمل بعض مختارات الاب الراحل والذي كان قد اصدرته دار بيبيليا في وقت سابق لتشهد الصفحات التالية تلك المقالات التي كتبها الاب حبي والذي جاء في مقدمتها مقال بعنوان كنيسة المحبة حيث نشر بسلسلة الفكر المسيحي في عام 1966 ليكون المقال الثاني والذي نشر بالسلسلة وبالتحديد في عام 1968 بعنوان الكنيسة والسلام لتظهر تاليا مقالات الاب حبي والتي رفد بها مجلة الفكر المسيحي حيث اثر معد الكتاب نشرها بحسب ظهورها فتساءل الاب حبي في مقالة له نشرها بعددكانون الثاني من عام 1971 الى اي مدى وصلت قضية الوحدة المسيحية ويبدو ان تلك القضية استاثرت بعدد من مقالات الاب حبي لنجد مقالا له اخر تمحور بذات القضية ونشر بعدد اخر من المجلة اما في ايار 1971 فنشر الاب حبي مقاله الذي حمل عنوان ومن لايعبد ربين حيث حمل طابع الفلسفة التاملية التي عادة ما تميز بها نتاج الاب حبي كما شغلت مسالة التعليم المسيحي بال الاب الراحل فجند لها عدة مقالات كان من بينها مقاله في عدد تشرين الثاني من عام 1971 وحمل عنوان معضلة التعليم المسيحي كما عاد لسلسلة مقالاته التاملية التي دونت بطابع لاهوتي صرف فكتب في عدد نيسان من عام 1972 مقاله الذي حمل جسدنا البشري وفي ايار من عام 1972 توقف الاب حبي عند شخصية اشتهرت بالاعلام المسيحي وهو جاكومو البيريوني الذي اصدر عدة مجلات دينية اضافة لانشائه جمعية تعنى بالتعليم والاعلام وانتقل الاب حبي من التعريف بشخصيات لها ثقلها الديني الى العودة مجددا الى نتاجات اخرى بطابع فلسفي لاهوتي ومن بينها ما كتبه بعدد مجلة الفكر المسيحي في حزيران من عام 1974 تحت عنوان العمل الاعظم والافضل :بنيان الذات وبنفس المحور قرانا للاب حبي مقاله بعنوان مجانية العطاء والذي نشر بعدد المجلة الصادر في ايلول من العام ذاته اضافة لتوجهه في العدد التالي الصادر في كانون الثاني من عام 1975 الى المناداة بتحرير المراة بذات العنوان الذي تصدر مقالته.
اسئلة القراء
كما عني في عدد شباط من العام ذاته الى الاجابة على اسئلة القراء ليتناول فكرة الله :اليست فرضية مجيبا عن استفسار لاحد قراء المجلة كما انتج قلم الاب حبي الى جانب اهتماماته رؤية شعرية وخواطر فكانت خاطرته التي تحدثت عن مولد الانسان في العدد الصادر في ايار من عام 1975 لينتقل بعد تلك الخاطرة لمواصلة تركيز فكره بالقضايا اللاهوتية متناولا عمل المسيح وتحرير الانسان بمقالة وافية نشرت بعدد اذار من العام التالي وفي نهاية عام 1976 كتب عن تحدي المطران لفيفر الذي شغل اوساط الكنائس العالمية في ذلك العالم متناولا تحدي المطران المذكور للكنيسة والعصر رافضا مسالة التجديد وفي مطلع عام 1977 وبالتحديد بعدد كانون الثاني نشر الاب حبي مقالته التي حملت عنوان لننفض عنا طفولة الفكر المسيحي لتتوقف مقالات الاب حبي لنحو سبع سنوات ولتعاود حضورها على صفحات المجلة وبالتحديد في العدد المزدوج لشهري اب –ايلول من عام 1984 حيث كتب عن رحلة كنيسة العراق من اجل السلام والتي تناول فيها رحلة عدد من رجال الدين المسيحيين نحو حاضرة الفاتيكان لتاكيد ما يعيشه شعب العراق من استمرار الحرب الثمانينية وتاثيراتها المؤلمة.
التعليم المسيحي
ومثلما اسلفنا فقد كانت قضية التعليم المسيحي مستاثرة بتفكير الاب الراحل فبعد مقالته التي اشرنا عليها عاود ابراز التعليم المسيحي بين جيلية وهو عنوان مقالته التي نشرها بالعدد المزدوج لشهري تشرين الاول والثاني من عام 1986كما كتب عن القضية وذلك في شباط من عام 1987وبعيدا عن محاور التعليم واللاهوت التي عادة ما تميزت بها مقالات الاب الراحل لكنه في عدد المجلة الخاص بشهر تشرين الثاني من عام 1987 خصص مقالته في العدد المذكور للكتابة عن مزار مار ايث الاها في دهوك وما يرتكز عليه ذلك المزار والمعلم الديني من عمق تاريخي في المنطقة كما كتب في العدد الاول لعام 1988 مقالا بعنوان من يحقق السلام وكانه يحمل روح تنبؤية لما سيكون عليه حال العراق وهو يلمس السلام بانتهاء الحرب الثمانينية بعد نحو اشهر معدودة كما واصل الاب حبي تدوين مقالاته بروح الفلسلفة واللاهوت ليكتب في عددشباط –اذار من عام 1988 مقاله الذي حمل عنوان الاحتياطي والاضافي اضافة لمقال اخر نشر في العدد التالي وحمل عنوان قلب اب قلب ام كما عاد الى زاوية اسئلة واجوبة للاجابة على تساؤلات القراء وليجيب عن تساؤل تقدم به احد القراء فكانت اجابته على ذلك الاستفسار بمقالة حملت عنوان ابعد من اخلاق مقاييس واوزان كما عني في العدد التالي من المجلة والخاص بشهر ايار 1988 للدوران في فلك اللاهوت والتاملات الروحية فكتب من لايترك لايلق اضافة لمقالته بعنوان ناقوس الخطر والتي نشرت بالعدد اللاحق اضافة لما نشر بعدد اب –ايلول تحت عنوان البيت السعيد كما كتب عن الطفل كهدف وامل وذلك بدراسة موسعة نشرها ضمن العدد الخاص من مجلة الفكر المسيحي في تشرين الاول والثاني من عام 1988ولم يكتفي بتلك الفئة العمرية الصغيرة بل كتب عن شيوخ وشباب وهذا عنوان مقالته المنشورة في كانون الاول من عام 1988ومثلما اسلفنا فقد عالج قلم الاب حبي عديد القضايا التي كانت رهن الفترة التي عاشها ومن تلك المقالات ما كتبه في مطلع عام 1989 من افكار في زمن ما بعد الحرب متناولا فيها المسؤوليات الواجب التزامها من المؤسسات الكنسية نحو العائدين من الجنود من اوار الحرب المنهكة فيما كان عدد الفكر المسيحي الخاص بنيسان من عام 1989 قد حمل مقالة للاب حبي حملت عنوان الكنيسة جماعة خدمة كما نوه لتخصيص يوم للشباب متناولا بتقرير واف ما حظي به شباب العالم من الاحتفاء بيومهم العالمي في عام 1989 والذي احتضنته احدى المدن الاسبانية وحري بان تكون مادة التقرير المنجز من الاب حبي حاضرة كانموذج يحتذى به بانجاز المقالات والنتاجات الاعلامية لما حمل من ابعاد جعلت القاري يعيش الحدث ويتماهى معه الى جانب تعريفه بالمدينة المحتضنة وسر اختيارها لكي تحتضن ذلك الحدث العالمي وفي خريف عام 1989 كان للمجلة موعد مع دراسة مهمة ستعد مرجعا للباحثين والاكاديميين بما يتعلق بدور المجلات المسيحية العراقية في حركة النشر واعقبها بدراسة مستفيضة اخرى حملت عنوان حركة النشر المسيحي في العراق لتبين بالكلمة والارقام مديات تاثير الثقافة المسيحية في مجمل مشهد الثقافة العراقية بشكل عام .
المحاكم المسيحية
كما تميزت مقالته التي حملت عنوان المحاكم المسيحية والزواج المسيحي بنوع من التثقيف القانوني الذي يتطلبه المجتمع المسيحي وما يبغيه القاري من معرفة بالمواد القانونية التي ترتكز عليها تلك المحاكم ورؤيتها لتنفيذ روح القانون بالعودة للنصوص الانجيلية وتماهيها مع المواد القانونية للمحاكم السائدة بدول تواجد المسيحيين حيث نشرت المقالة بعدد حزيران –تموز من عام 1990وفيما كنا قد نوهنا الى انشغال قلم الاب حبي بعدة قضايا كالتعليم والوحدة فقد عاود ذلك القلم توجهه لقضية الوحدة ليتناولها بعدد المجلة الصادر في تشرين الاول والثاني من عام 1990 حيث كتب تحت عنوان الوحدة المسيحية مشروع للتحقيق ما يدعو لرسم خطة لبنيان الوحدة انطلاقا من المبدا الذي بموجبه تكون الوحدة شركة بين مختلف الكنائس.
كما كتب في العدد الاخير من العام ذاته عن الاماكن المقدسة والسلام وفي مطلع العام 1991 كان للمجلة لقاء مع الاب حبي بصفته عميد كلية بابل المستحدثة انذاك للدراسات الفلسفية واللاهوتية الى جانب شغله لرئاسة تحرير مجلة بين النهرين فقد التقته الاعلامية برناديت عفاص في لقاء حملت اسئلته محاور شتى من بينها الحديث عن الكلية التي يتولى ادارتها الى جانب السؤال عن المجلة التي يراس تحريرها منتهيا الى الخطط المستقبلية التي يتولى رسم خطوطها انتهاءا بنظرة الاب حبي نحو كنيسة العراق والتي قال عنها بكونها تستقر في قلبه وحياته لكنه يراها حقلا واسعا غير محروث بما فيه الكفاية كما حمل عدد المجلة لشهر ايار-تموز 1991 مقالا للاب حبي بعنوان مجرد فكرة لو كنا احياء كما تناول بعدد اخر شخصية من الاعلام في العراق وهو الانبا جبرائيل دنبو بكونه مجدد ال هبانية والكنيسة في بلادنا وعاود انجاز التقارير الصحفية المنجزة بكل حرفية ومهنية فكتب بعدد اب –تشرين الاول من عام 1991 عن اول اجتماع للبطاركة الكاثوليك في الشرق كما كتب بالعدد اللاحق عن بعض القضايا الراهنة تحت عنوان نحو رؤية واضحة كما استعرض كتاب العلية في غمار الروح وذلك في عدد المجلة الصادر مطلع عام 1992 تحت عنوان في العلية انت والروح ليعقبه مقال اخر حمل عنوان تطور القداس في الطقوس واللاهوت بعدد المجلة الخاص باشهر اب –تشرين الاول من العام ذاته كما سلط الاب حبي في سلسلة اعلام في كنيسة العراق الضوء حول شخصية البطريرك يوسف اودو (1847-1878)كما كان عدد المجلة للاشهر ت2-ك1 من عام 1993 على موعد مع مقالة موسعة عالج فيها الجديد بين المسيحية والاسلام فيما كان مقاله التالي في صيف عام 1994 متمحورا حول طقوس حية معاصرة اضافة لتقرير موسع نشر بعددت2-ك1من عام 1994 والذي خصصه للقاء البطاركة الكاثوليك الرابع الذي جرى بايلول من العام ذاته وختم الكتاب بالسيرة الموسعة لحياة الاب حبي والتي انتهت في 15 تشرين الاول من عام 2000 بحادث مؤسف على طريق بغداد –عمان .
يبقى الاب حبي من خلال ما طرزه من مقالات وابحاث بصمة مهمة في مشهد الثقافة المسيحية والعراقية بشكل عام ويكفي الاطلالة على عناوين كتبه التي اصدرها لتؤكد على حقيقة ان الاب حبي كان موسوعة مهمة دارت بافلاكها نحو محاور شتى فينبغي من المؤسسات الكنسية عدم الاكتفاء باطر محددة للاحتفاء بتلك القامة التي لم يقتصر نتاجها على الواقع الديني فحسب بل تناولت قضايا اخرى اكدت الهم المشترك بين مسيحي ومسلمي الوطن فلذلك ينبغي من المؤسسات الاكاديمية والجامعات العراقية الالتفات الى منجز الاب حبي والحث على تضمينه لمواد علمية من رسائل واطاريح علمية تناقش في اروقة تلك المؤسسات وتثبت غنى الثقافة المسيحية بشكل خاص .وثمة ملاحظة جديرة بالتنويه من ان الكتاب لم يلتفت الى لوحة الغلاف التي انجزها الفنان التشكيلي المعروف بسام صبري والمفروض ان يترك جانب من صفحات الكتاب للفنان للاشارة الى لوحته والدلالات التي ابرزها في سياق اللوحة المعبرة والتي يدل على ان انجازها جرى بالتزامن مع اصدار الكتاب في العام الحالي كما يظهر من توقيع الفنان على اللوحة المذكورة .