تفكيك المحتوى الهابط
علي حجارة
في أيامنا هذه .. الغريبة والمريبة في الآن ذاته، ولاسيما في بلدٍ متنوع بدرجات ومستويات مختلفة لايسعنا ذكرها، يصطدم رب الأسرة المحافظ أو الـ ( أولد ستايل ) الذي لايتوافق مع رؤية ووجهة نظر ومبادئ الـ (شوكَر دادي) بموجة عنيفة من الأفكار الـ ( بلوغرية ) التي تحاصره لا هو فقط وإنما كل فردٍ من أسرته ..
في الواقع لاجديد يُذكر فيما أقول ففي أيامنا هذه التي تسيطر على توجهاتها الشاشات التفاعلية ومواقع التواصل المُثخنة بالتفاهة، يحمل الأب مسؤولية مضافة إلى مسؤولياته تتعلق بمحاولته أن يوصل ما اكتسبه من الحياة تجاربًا وثقافة إلى أولاده أمام كل ما سبق ( وأنا هنا أقصد الأب المسؤول لا الذي يلعب أدوارًا عدة على حساب أفراد عائلته ).
إذ من الصعوبة بمكان أن يقنع الأب أولاده اليوم بأن كل ما يشاهدونه هو مجرد تمثيل لإذابة العقول والحصول على حفنة من الأموال، بل ربما ينجرف الأب هو أيضًا في هذه الموجة !! .. لست حانقًا على عارضات الأزياء، والبلوغرات و الممثلات وأنصاف الشاعرات، ولست ناقمًا على أزواجهن ( أزواجًا فعليين حقيقيين أم مجرد ممثلين لإكمال الصورة المثالية )، لكني أشعر بذلك الضياع الفعلي والتفكك الأسري الحاصل في مجتمعاتنا التي ألفناها ذات صبغة تتمسك بثوابتها كالصدق والشرف والترابط الأسري، بفعل مجموعة من المُدعين الذين لم ولن توقفهم قرارات وزارة معنية بالأمن الداخلي، تود استئصالهم بالعقوبات، لسبب بسيط يتعلق بعدم إمكانية محاربة الأفكار إلا بأفكار أخرى فالمنع يصنع للتافهين قضية بل تصبح حالتهم كالممنوع المرغوب، يطلبه الجمهور الذي أدمن ضحالتهم.
ما علاقتنا باحتفالات معرفة جنس جنينكم؟ ، وما الذي أجنيه من قصة زواجكم ومن ثم انفصالكم؟، وما هي الفائدة الحقيقية من سوق العرّافات الذي يملأ التيك توك ؟، وكيف أحاول غض البصر عن الفضائح التي ملأت تويتر ؟، وما الطاقة الكافية لاحتمال الوهم الذي تبيعونه مع منتجات العناية التي تبدأ بشعر الرأس وتنتهي عند أصابع القدمين على السناب جات وإنستغرام؟ ، ماهي الطريقة التي نتجنب فيها رؤية المؤخرات التي عُبئت بالسيلكون وهي تُعرض كالسلع على الفيسبوك؟
أخبروني بالله ما الذي يمكن أن نجنيه غير التفكك؟
تنصل من المراقبة
والأدهى أن أمثال هؤلاء يتنصلون من مراقبة وزارة الداخلية ومعايير محاصرة المحتوى الهابط لأنهم يختبئون تحت عباءة مثالية مزيفة لها من التأثير الكبير ما يتفوق على تفاهتهم ويُفكك أكثر العوائل تماسكًا، وفق إصدار مثال مزوق يحصل على السيارة الجي كلاس والآيفون الحديث والحياة المُرفهة في شقة سكنية فُرشت للتو بأموال أتت من موهبته المتمحورة حول الشهرة فقط ..فهو مشهور لأنه مشهور ! ..
باعتقادي فإن المحتوى الهابط لن ينتهي بإصدار القوانين التي تبدو عاجزة أمام حيلهم وأساليبهم الملتوية مستقبلا، ولكنه سيذوي ويموت أمام محتوى مضاد موازٍ يمتلك من الإبداع ما يُلغي الطرف السالب من المعادلة... فيحد من التفكك، وربما يعطي لأرباب الأسر أملًا بأن الدنيا لازالت بخير .