الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حلمُ الجندي في البرشوت الذي تحقق

بواسطة azzaman

حلمُ الجندي في البرشوت الذي تحقق

أحمد جاسم ألزبيدي

 

في غربتي البعيدة، حين أجلس أمام التلفاز أو أفتح الهاتف لأسمع أخبار الأحبة من مدينتي، أشعر وكأنني أعود إلى تلك الأيام الخوالي… أيام الدراسة، وأيام شغفي بجمع النكات الروسية. نعم، كنت مغرمًا بها حدّ الإدمان، لأنها كانت مرآة لواقع كامل، نكات كان الشعب السوفييتي يهرّب عبرها غضبه من السياسة والاقتصاد والبيروقراطية… تمامًا كما نفعل نحن اليوم، وبالطريقة نفسها! وأنا أقلب في ذاكرتي خزينة تلك النكات، قفزت إلى ذهني واحدة منها قفزًا يشبه قفزة مظلي، لكن الفرق أن هذه النكتة… برشوتها يفتح دائمًا، بينما برشوت بعض السياسيين عندنا لا يفتح حتى لو نفخنا فيه نفخًا!

النكتة تقول رغم انني عرقتها بعض الشيء:

أحد قادة الجيش أراد اختبار شجاعة مجموعة من الجنود في قفزة برشوت. وكعادة قادتنا «الفرسان»، قرر أن يشاركهم القفز ليُريهم معنى البطولة، رغم أنه طوال الطريق كان يوبّخهم على ضعفهم وخوفهم.

وحين وصلوا إلى لحظة الحقيقة، بدأ الصراخ والزعيق، ورفض أحد الجنود القفز بإصرار. اقترب منه القائد غاضبًا، يسأله:

لماذا ترفض القفز أيها الجبان؟

فأجابه الجندي وهو يرتجف:

سيدي… أمي جاءتني في الحلم أمس، وقالت إن برشوتك لن يفتح!

القائد ضحك ساخرًا، وهز بيده استخفافا ، وأخذ برشوت الجندي وأعطاه مظلته  رغم انه خائف أيضا وقرأ المعوذات  ، … أو ربما ثقة بالنفس أكثر من اللازم. قفز الجنود واحدًا تلو الآخر، ثم قفز القائد العظيم بعدهم بثقة المنتصر… لكنه نزل بسرعة الصاروخ، وكان يصرخ في الهواء، يشتم أم الجندي ويلعن الات وهبل ، ويتساءل: لماذا لم يفتح البرشوت؟!

تمامًا كما يحدث اليوم

بعض «القادة»لذين كانوا يتباهون أمام الناس بشجاعتهم، ويدّعون أنهم يعرفون مفاتيح السماء والأرض، والذين سبّوا العراقيين، وتجرّؤوا حتى على قول: «أشخ على العراق»، سقط برشوتهم الانتخابي فجأة… وبدل أن يراجعوا أنفسهم، بدأوا يشتمون الجندي المسكين الذي حلم بأن البرشوت لن يفتح!

الانتخابات كشفتهم، كما تكشف الريح قشةً في صحراء واسعة. كانوا يظنون أن صناديق الاقتراع ستنحني لهم، فإذا بها تسقطهم سقوطًا حرًا… بلا برشوت، وبلا كرامة، وبلا أصوات.

إنها لحظة الحقيقة التي لا يجيدها إلا الشرفاء:

عندما لا يفتح البرشوت، لا تلعن أم الجندي

بل اسأل نفسك: من الذي حزم البرشوت أصلًا؟

ومن الذي كان يظن أن الناس ستنتخبه «بالهوسة» فقط؟

ولعلنا اليوم نحمد الله أن هناك جنودًا يحلمون… ويتنبّأون

لأن بعض الأحلام، يا سادة، أصدق من خطابات مئة قائد.

 

 

 


مشاهدات 30
الكاتب أحمد جاسم ألزبيدي
أضيف 2025/11/23 - 2:48 PM
آخر تحديث 2025/11/24 - 12:14 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 37 الشهر 17172 الكلي 12678675
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير