أيهما أفضل حاكم كافر عادل أم مسلم ظالم؟

راجي العوادي

سؤال يتبادر الى الذهن سابقا وحاضرا أيهما أفضل : الحرية الدينية باسم الكفر، أو الاضطهاد الديني باسم الإسلام ؟ اليوم في الغرب نرى الحكام الملحدين والكفار المشركين يتيحون للمسلم حرية ممارسة شعائره دون تدخل يأخذ حقوقه بالكامل , يمتلك كما يمتلكون يبيع ويشترى ويسافر كما يفعلون وكانه احدهم ومواطنا من اصلهم , اما في الدول العربية التي حكامها يدعون الإسلام نرى القمع والاضطهاد ومنع الحريات التي تخالف عقائدهم حتى ان بعض الدول الخليجية اسقطت الجنسية عن مواطنيها لاسباب طائفية بمجرد اقامة شعائر وطقوسدينية خاصة بهم ..من هنا ياتي السؤال بشكل اخر ايهما افضل حاكم كافر عادل او حاكم مسلم ظالم ,. قبل قرون من الزمن افتى ابن طاوس بتفضيل حكم الكافر العادل على حكم المسلم الجائر ، لان اساس الحكم في الاسلام هو العدل وإن الله ينصر بالعدل الأمة ولو كانت كافرة ويخذل بالظلم الأمة ولو كانت مسلمة, وينسب إلى الإمام ابن قيم الجوزية مقولة رائعة تدل على خلاصة التعمق في أمور الحكم والسلطة «إذا خيرت بين إمام كافر عادل وإمام مسلم ظالم، فإنني أختار الإمام العادل الكافر، لأن عدله لي وكفره عليه، أما الآخر فإسلامه له وظلمه علي» واذا رجعنا الى القران الكريم فقد قال تعالى:[ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ ] (الأنبياء:11) .. (وَمَا أَنفَقتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَو نَذَرتُم مِّن نَّذرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن أَنصَار) (البقرةُ 270) .. (لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتُوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذِّبَهُم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ) (آلُ عمران 128)

وقالَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلم): إتّقوا الظلمَ فإنّهُ ظلماتٌ يومَ القيامة , وعن الامام علي ع )

((أسدٌ حطومٌ خيٌر مِن سلطانٍ ظلومٍ، وسلطانٌ ظلومٌ خيرٌ مِن فتنٍ تدوم))

لقد ورد لفظ الظلم في القرآن 289 مرة، أي ما يفوق عشرة أضعاف المرات الذي ذكر فيها العدل, وان لفظ الظلم جاءت بصيغة «أفعال وصفات وليست أسماء. فالظلم فعل بشري، وسلوك إنساني، وليس جوهرا ثابتا. فلم يذكر الظلم كاسم إلا 20 مرة والأفعال والصفات حوالي 15 ضعفا من الاسم. والظالمون هم الناس والبشر وهي الصفة الأكثر استعمالا حوالي نصف الاستعمالات. ولم يذكر المبني للمجهول «مظلوم» إلا مرة واحدة لأنه لا أحد يقبل أن يكون مظلوما، في الحياة أو في الممات»

اذن المطلوب اقامة العدل والمساواة  وفق المنظور الانساني  لنشر الخير والصلاح وتعميم السلام ومحاربة الجهل والتعصب والانحراف ومحاورة مختلف الأطياف والأديان والمذاهب ليس بالعراق فحسب بل في شتى بقاع العالم , ولكن نحن نعيش في زمان ليس فيه شيء اخفى من الحق وﻻ أظهر من الباطل، وتخاصم الناس بالقلوب.

* أكاديمي وكاتب مستقل