إنحسار نسبة المشاركة في الإنتخابات .. لماذا؟
أكرم عبد الرزاق المشهداني
شهدت محافظات العراق يوم أمس الثلاثاء 11 نوفمبر اجراء الممارسة السادسة للانتخابات النيابية العراقية الأخيرة والتي تمهد الطريق لوصول المرشحين الفائزين الى مقاعد البرلمان. ومثل سابقاتها عدا الممارسة الانتخابية الأولى عام 2005 شهدت انتخابات 2025 انخفاضًا ملحوظًا في نسبة المشاركة العامة، وهو أمر تكرر في الانتخابات الأربعة الأخيرة السابقة أيضًا. هذا الانحسار يثير تساؤلات حول الدوافع والأسباب الكامنة وراء عزوف قطاع واسع من المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم والمشاركة في العملية الديمقراطية.
يمكن ان نعزو أسباب عزوف الناخبين العراقيين عن المشاركة في الممارسة الديمقراطية بجملة من الاسباب المتداخلة ومنها.
نظام سياسي
فقدان الثقة بالعملية السياسية حيث يعاني معظم العراقيين من فقدان الثقة في النظام السياسي والأحزاب الحاكمة نتيجة لتكرار الوعود الانتخابية دون تحقيق ملموس على أرض الواقع، إضافة إلى انتشار الفساد والمحسوبية في مؤسسات الدولة.
الإحباط من تكرار الوجوه السياسية: حيث غالبًا ما تعود نفس الوجوه والشخصيات إلى الواجهة في كل دورة انتخابية، مما يشعر الناخبين بعدم جدوى التغيير وأن نتائج الانتخابات لن تحدث فرقًا حقيقيًا في حياتهم اليومية، وبات العراقيون يطلقون على الانتخابات البرلمانية تسمية (التدوير)!!!..
الوضع الأمني وعدم الاستقرار: تشكل الظروف الأمنية المتقلبة، خاصة في بعض المناطق، عائقًا أمام كثير من المواطنين الذين يخشون التوجه إلى مراكز الاقتراع خوفًا من أعمال العنف أو التهديدات او المضايقات.
ضعف الوعي الانتخابي: هناك نقص وقصور وفشل في الحملات التوعوية التي تبرز أهمية المشاركة في العملية الانتخابية، ما يؤدي إلى جهل أو لامبالاة لدى شريحة من المواطنين بدورهم في صنع القرار الوطني.
بطاقة انتخابية
الإجراءات الإدارية واللوجستية: واجه بعض الناخبين صعوبات في تحديث بياناتهم أو الحصول على البطاقة الانتخابية، بالإضافة إلى بعد مراكز الاقتراع أو ازدحامها، مما دفع البعض للعزوف عن المشاركة.
التأثيرات الاجتماعية والدينية: في بعض المناطق، تلعب التوجهات القبلية أو الدينية دورًا في توجيه أو تثبيط المشاركة، حيث قد يشعر البعض بعدم وجود مرشح يمثلهم فعليًا او اليأس من حصول التغيير المنشود بناء على التجارب السابقة والانتخابات البرلمانية التي جرت ولم تتغير الوجوه.
الاثر السيئ للاعلام الطائفي في الفضائيات وتصريحات بعض المتنفذين في احزاب السلطة من تحذير من حصول اي تغيير في تقسيم الكعكة الانتخابية وتمسك الاغلبية باغلبيته واطلاق التهديدات والتحذيرات فضلا عن اللغة الطائفية المقيتة جعلت كثير من العراقيين يعزفون عن المشاركة.
نتائج وتداعيات انخفاض المشاركة
يؤدي انحسار نسبة المشاركة إلى ضعف معنوي في شرعية البرلمان المنتخب، ويؤثر سلبًا على تمثيل مختلف شرائح المجتمع، كما يمنح الأحزاب التقليدية فرصة أكبر للهيمنة على المشهد السياسي في ظل غياب أصوات التغيير.
بالرغم من ان الجانب الحكومي وهيئة مفوضية الانتخابات تشير الى وجود اقبال متزايد من المواطنين للمشاركة في الانتخابات الا انالواقع وحقائق الارقام من مراكز الاقتراع تؤكد حصول خروقات كثيرة في العملية الانتخابية من الانواع الثلاثة (الحمراء والصفراء والخضراء)
وبالتالي فان تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية العراقية هو نتاج تراكمي لجملة من العوامل السياسية والاجتماعية والإدارية. معالجة هذه الظاهرة تتطلب إصلاحات حقيقية تعيد ثقة المواطن في العملية السياسية، وتعزز من شفافية ونزاهة الانتخابات، وتدعم الوعي الانتخابي لدى عموم المواطنين. ويؤسفني ان اسمع مطالبات من بعض المحسوبين على السلطة وهم يناشدون بضرورة فرض عقوبات جزائية على من يمتنعون عن الحضور للانتخاب وهذا امر لا يأتلف مع المبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان فلا وجود دوليا ولا عرفيا ولا دستوريا لوجود نسبة كحد ادنى للاعتراف بالانتخابات مثلا (20بالمئة) كما يدعي بعضهم وهو كلام لا دليل عليه ولا ياتلف مع حرية التعبير عن الراي.