الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تذبذب الدولار والذهب ما هو السبب؟

بواسطة azzaman

تذبذب الدولار والذهب ما هو السبب؟

دعاء يوسف

 

يشهد العراق منذ أشهر تذبذباً واضحاً في أسعار الدولار والذهب، ما انعكس بشكل مباشر على السوق المحلية، وأثار تساؤلات واسعة حول الأسباب الحقيقية وراء هذه التقلبات وتأثيرها في الاقتصاد الوطني والمواطن على حد سواء. في البداية، لا يمكن فصل ما يحدث في العراق عن المشهد الاقتصادي والسياسي الإقليمي والدولي. فكل توتر في الشرق الأوسط، أو عقوبات مالية تطال المصارف العراقية، أو تشديد من الجانب الأميركي على تدفقات الدولار، ينعكس فوراً على سعر الصرف داخل السوق العراقية. يضاف إلى ذلك ضعف المنظومة المصرفية في البلاد، واعتماد التجار على السوق الموازي لتأمين احتياجاتهم من العملة الصعبة، ما يخلق فجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق.

أما داخلياً، فإن غياب الاستقرار المالي، وضعف التنويع الاقتصادي، واعتماد العراق شبه الكامل على الدولار النفطي في تمويل موازناته واستيراداته، كلها عوامل تجعل الاقتصاد هشاً أمام أي اضطراب في سعر العملة. ومع كل ارتفاع للدولار، يقفز الذهب تلقائياً، إذ يتجه المواطن إلى اقتنائه كملاذ آمن يحمي مدخراته من فقدان القيمة.

انعكاسات هذا التذبذب خطيرة على عدة مستويات. فارتفاع الدولار يعني ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وزيادة تكاليف المعيشة، وتآكل القوة الشرائية للرواتب. ومع ضعف الرقابة وغياب الحلول الجذرية، تتحول الأزمة إلى عبء يومي على المواطن البسيط. كما يؤدي ارتفاع أسعار الذهب إلى تجميد السيولة في سوق غير منتجة، ما يضعف الدورة الاقتصادية ويزيد من الركود. اقتصاد العراق اليوم بحاجة إلى قرارات نقدية أكثر جرأة ومرونة، وسياسات مالية توازن بين الاستقرار النقدي ومتطلبات السوق. على البنك المركزي أن يعيد النظر في أدواته الرقابية وآليات مزاد العملة، وأن يفتح الباب أمام تنويع مصادر التمويل والعملة. كما أن الحكومة مطالبة بتقليل الاعتماد على الدولار في التعاملات، وتشجيع الإنتاج المحلي لتقليل الضغط على السوق الخارجية. إن تذبذب الدولار والذهب ليس قدراً، بل نتيجة سياسات متراكمة وضعف إدارة مالية ومصرفية على مدى سنوات. والسبيل إلى كبحه يبدأ من داخل العراق نفسه، عبر بناء اقتصاد متين يقل اعتماده على النفط، ويعتمد على الشفافية والإنتاج الحقيقي، لا على ردّات الفعل المؤقتة. فحين يتوازن السوق ويستعيد المواطن ثقته بالدينار، لن يكون الذهب ملاذاً، ولا الدولار كابوساً، بل وسيلتين طبيعيتين ضمن منظومة اقتصادية مستقرة وواضحة.

 

 

 

 

 


مشاهدات 58
الكاتب دعاء يوسف
أضيف 2025/11/03 - 1:00 AM
آخر تحديث 2025/11/03 - 9:59 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 754 الشهر 2273 الكلي 12363776
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير