لا يعرفه أغلب العراقيين.. شقيق الملك غازي ينجو من إنقلاب 14 تموز 1958

جواد الرميثي

نجا الأمير محمد بن الملك فيصل الأول ملك العراق من مجزرة قصر الرحاب صبيحة الرابع عشر من تموز 1958 بعد ان كان في القاهرة ويروم مغادرتها في ذلك اليوم متوجها إلى اسطنبول لحضور حفل عقد قران ابن أخيه الملك فيصل الثاني بن الملك غازي الأول والمقرر اقامته خلال أيام ، والذي من المقرر أيضا وصول الملك فيصل الثاني والعائلة الملكية لاسطنبول لتلك المناسبة .

في صالة الشرف بمطار القاهرة ، أبلغ سكرتير الرئيس المصري جمال عبد الناصر الأمير محمد بضرورة إلغاء سفره وذلك لحدوث انقلاب عسكري في بغداد ومقتل العائلة المالكة .

ولد الأمير محمد بن الملك فيصل بن الشريف حسين الهاشمي في بغداد عام 1930 وهو الابن الثاني للملك فيصل الأول وشقيق الملك غازي ثاني ملوك العراق ( 1912 - 1939 ) والأميرات راجحة وعزة ورفيعة ، وعم الملك فيصل الثاني بن الملك غازي ( 1935 - 1958 ) .

درجة الدكتوراه

متزوج من صاحبة السمو فاطمة الهاشمي وله منها أبنائه : ( الأمير الدكتور  عادل ، الأمير عدنان ، الأمير أحمد والاميرة الدكتورة نسرين ) واحفاده ( الأمير محمد فيصل بن الأمير عادل والامير زين العابدين بن الأمير عدنان ) .

تلقى علومه في مصر والولايات المتحدة  وحاز على درجة الدكتوراه في علوم الإدارة ووجه جهوده لتنمية التعليم والبحث العلمي والثقافة وقام بتأسيس التعليم العالي وتطوير نظمها في العديد من الدول العربية وتأسيس جمعيات النفع العام والنقابات المهنية وتطوير نظام البعثات والعلاقات الثقافية بين الدول العربية والاوربية والأمريكية . 

تم استبعاده عن الترشيح لولاية العهد بعد مقتل أخيه الملك غازي  ، وكان يكبر ولي العهد فيصل الثاني بتسعة سنوات ، والدستور العراقي ينص على حصر ولاية العهد لابناء الملك حصرا .

تشير الدلالات عن وجود خلافات بين عائلة الملك علي بن الشريف حسين وعائلة اخيه الملك فيصل  وإصرار الأمير عبد الإله بن علي ( خال الملك فيصل الثاني ) على تسلم منصب الوصي على الملك فيصل الثاني والتي تشوبها الكثير من الشكوك ، وهذه ألشكوك هي:

1 - لم نقرأ ولم يحدثنا أحد بأن الوصي عبد الإله كان رجل دولة ، ويمتلك كاريزما ومؤهلات قيادية وتخطيطية استراتيجية تؤهله لأن يكون من خاصة الملك غازي أو من حاشية الملك الراحل فيصل الأول ، وبطبيعة الحال لم نتاكد أيضًا ولم يطرق مسامعنا بأنه كان صديقًا مقربًا للملك غازي .

طبيعة الوصي

2 - هناك اختلاف جوهري بين طبيعة الملك غازي المحب للعراقيين والمتطلع لخدمة أبناء شعبه ومحبته لهم ومحبتهم له وبين طبيعة الوصي عبد الإله الذي لم يستطع لبس العباءة العراقية الأصلية ولم يتقرب منهم .

3 - هذه الأمور لم تكن غائبة عن الملك غازي ولذا فإن وجود فراغ فكري وانعدام أو ندرة توفر تواصل بينهما يعني أنه كان مستبعدًا جدًا من تكليفه مسؤولية رسمية .

4 - هل غاب عن ذهن الملك غازي بأن الوصي لم يمنح الجنسية العراقية ، ولم يطالب الوصي نفسه بذلك مع العلم أنه كان يحمل الجنسية الحجازية؟ ، ونتساءل أيضًا لماذا لم يمنحه الملك غازي الجنسية العراقية إذا كان قد رشحه للمنصب في حال شغوره ؟ .

5 - صدر تأكيد الملك غازي على ترشيح عبد الإله للوصاية من زوجة الملك وأختها فقط وهما شقيقات الوصي .

6 - منصب الوصاية منصب سيادي رسمي ، وبطبيعة الحال فإن أول ما يفكر به الشخص هو وضع وصيته عند أناس ثقة مشهورين رسميين ويستطيعون العمل بها وتنفيذها أمام الملأ حتى لا تحدث شرخا في بنية الدولة .

في عام 1953 زار ملك العراق المرحوم الملك فيصل الثاني مدينة الرفاعي برفقة خاله الوصي عبد الإله ليمضي يومًا جميلًا في ضيافة الشيخ موحان الخير الله ، وهو زعيم عشائر الشويلات في العراق وكان عضوًا في مجلس الأمة لـ11 دورة انتخابية ، واستقبل الأهالي الملك بالهتافات وتحول الشارع الذي يمر به الملك إلى بيت النائب إلى غابة خضراء زاهية تقديرًا ومحبة بوصول الملك الشاب ، ولكن ما إن برز الوصي حتى تعالت التحذيرات من الأهالي ، فقد أسمع الملك كلمات تحذره من خاله عبد الإله ومنها (هذا الكاتل غازي أشلون تأمن تمشي وياه) ، في إشارة إلى اتهام الوصي بمقتل الملك غازي .

اضواء رسمية

كان الأمير محمد يحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الاضواء الرسمية بعد مغادرته مصر واستقراره في الولايات المتحدة بعد ان اصبح من رجالات الفكر والمعرفة على المستوى العالمي ولم يعد الى العراق مطلقا .

توفي في 19 اكتوبر/تشرين الأول عام 2018 احد مستشفيات الولايات المتحدة بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 88 عاما ودفن في العاصمة  التركية انقرة تحقيقا لوصيته ، وهنالك من يقول انه دفن في المقبرة الملكية ببغداد بجانب قبر والده الملك فيصل الأول وهذا الرأي ضعيف جدا وغير مسند .