أدلة الاثبات سياسياً
فاضل ميراني
دارسو القانون و الحقوق، وربما غيرهم، على دراية و معرفة بالضوابط القانونية في إثبات الواقعة، حيث حدد القانون ومنه العراقي سلسلة تخص هذا التنظيم وفيه مجموعة ادلة من حيث قوتها الاثباتية.الدليل الكتابي رسميا و عاديا و ما يلحقه من المأخوذ به قانونا، دليل لا يرد الا بمقابل له من دليل كتابي رسمي او عادي او طعنا به او يتم تأكيده من الخصوم بالاقرار امام محكمة الموضوع.هذه الاستعارة من القانون النافذ تفيد و حاكمة ايضا في التحاكم السياسي بين المتصارع و بين الجمهور مجتمعين، اذ ان الذي يخالف الضوابط القانونية عمدا ام جهلا يُفترض انه يواجه عقوبة فعله.
السياسة جزء من عامة الحياة، فيها المدعى و المدعى عليه و الشاكي و المشكو منه، والجاني و المجنى عليه، و الشهادة بحسب الفعل ملزمة مرة و اختيارية مرة و بحسب موقع الشاهد من الجريمة بأنواعها و درجاتها.لم اجد اسوأ مثلا و اكثر حضورا من عمل محاط بضجيج يترنح بين الجهل و التغطية على عدم فائدته بل ضرره الواضح نتيجة قلة العِلم او عدمه من فاعله و ربما من كثير من ضحاياه الذين هم ضحايا سياسات قاسية حكمت اجيالا بأغلب عديدها، فصار التعايش مع المرض الادائي امرا مفروضا.قضايا الدولة تسندها وثائق، تمكنها من مراجعة حساباتها- طبعا على يدِ و بعقولٍ من الخبرة و الثقة- تقابلها وثائق دولية، اذا لا حكم ابتدائيا مطلقا يوجب ان تكون وثائق الدولة الداخلية في منجزاتها سليمة و لا العكس، فالحكم النهائي البات يصدر بعد سلسلة تقوم على الواقع المتحقق الذي يخص قضية بعينها، ان قضايا الاقتصاد و النقد و الموارد و الانفاق، لا يُفترض قبولها بالتصريحات النافية او المُتهِمة، بل بالمكاشفة المسندة بالواقع و الواقئع و في حدود القضية المطروحة مالم يتم توحيد قضيتين او اكثر.
مسؤولية عامة
و يتكرر الامر نفسه مع كل الامور و الواجبات و الصلاحيات، وبعضها داخلية لكنها ايضا لابد ان تتم دراستها و متابعتها، اذ ان المسؤولية العامة لا يصح ان تتحول الى حق شخصي يكون فيها صاحب الحق متصرفا بالناس و ممتلكاتها( اقليم الدولة) وكأنه ملك شخصي، مثل تصرف صاحب عقار بعقاره، وحتى التصرف القانوني الذي مثل المثال الاخير له ضوابط و عليه موانع في حالات محددة.ان تسود حالة هيجان في التخاصم، او ركود مسكون بالانتشار للتلاعب، و ظهور و استقرار حالة تخادم سيء واستقواء بسبب الانكسارات القومية و المذهبية و التي مكنت من تقاسم بالموارد لا للخدمة العامة و تحقيق نقلات متقدمة بغرض تعويض الخسارات، فتلك حال سوء و باب اتهام لم ينجُ منه حتى البريء، وهذا احد اسباب ونتائج عدم القبول بالشراكة الحقيقية و الشراكة الواقعية في القرار.منطقي جدا وفق منطق المسار هذا ان نواجه نحن ايضا الاتهام، اذ ليس الوعي الجمعي بهذا الاطلاع على الوثائق، لكنه ليس محروما من مشاهدة اثار الفعل السيء المتعمد في حياته و حوله، لكنه كما قدّمتُ مجبرٌ هو.عندما نكتب و نُعْلِمْ و نرفق الاثنين بعمل نتحرى به و بتخطيط، مصلحة العراق، فذلك لوعينا المبكر و المستمر بحاله و حال اهله، و معرفتنا بين مكان الناس و حرمانهم من حقوقهم، وايضا ادركنا مثلنا مثل كثير مثلنا بأن ثمة من احتال على كل السنن التي تحول دون وصوله لما هو ليس حقا له، فالذي يبقي الدولة متوقدة بالعمل الناجع، يقدم ملفات عمل و يقدم وثائق لا تصمد امام صدقيتها بقية ادلة اثبات الخصوم لو كان زورا، فلا يفيد امام وضوحه و عمله الناجح لا اقرار كاذب و لا استجواب ولا قرائن و حلف يمين.قضايا بلادنا الحيوية كثيرة، و نحن لسنا منفردين بالكوكب، ولسنا بتلك القوة التي تحتجز الحقائق التي ترقبها دول و دوائر و هيئات، و الاخطر من كل هذا هو سحب المسؤولية خلال شغلها و بعد الخروج منها لمكان الرد بالكلام فقط على مآس متعمدة بحق شعوبنا.ان عقدين من الزمن، بل اكثر من عشرين سنة من السلطة، مدة ليست قصيرة لا في امكانية تقديم المفيد و لا في ارتكاب الاخطاء، وتكراراها و تعميقها، بل ان ادلة اثبات كثيرة داخلية و خارجية، تدفع بتأسيس مغلوط لتجربة الحكم لا تتناسب لا مع الدستور بروحه و مفردات من نصوصه، و لا مع نية اصلاح مجتمعي.نحن لا ندعي كمالا في اي عمل، لكننا نتحرى كثيرا من التمام، ولكن هذا لا يعني عدم وقوع تأثيرات مثبطة و محبطة لمنهجنا سيما واننا فريق و امة قد تم استنزافنا كثيرا بتدبير ممنهج يستهدف وجودنا، فأن كنا قد حوربنا لاسباب قومية جغرافية، فقد زاد الاستهداف عملا ضدنا وان ظهر احيانا انه استهداف ناعم، فثلما تطور الاحتيال على القواعد القانونية، تطور للاسف اسلوب الضربات التي تتلف الادلة.لكن المحصلة ستكون خسارة مؤكدة قربت او بعدت لكل فرد او جماعة لا تؤدي عملها، و لا تتقيد بشرع وضعته هي لمسارها، ولا تريد ان تقر بمسؤولياتها عن افعالها، و تدير وجهها عن ادلة اثبات متعلقة بأدانتها عن خسارات ليست هينة، خسارات هي في الحقيقة جرائم عليها ادلة لا تقبل الطعن.
□ مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني.