الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المقاومة اليونانية للأحتلال الألماني 1941 - 1944

بواسطة azzaman

المقاومة اليونانية للأحتلال الألماني 1941 - 1944

ضرغام الدباغ

 

هذه مقدمة لأحدث كتبي فرغت منه تواً يبحث في الاحتلال الألماني لليونان والمقاومة ..

مقدمة كتاب المقاومة اليونانية للأحتلال الألماني 1941 / 1944

إطلالة جديدة (في إطار المقاومة) على القراء بكتاب جديد (تأليفاً) هي مساهمة جديدة في نشر ثقافة المقاومة، أدب المقاومة وتاريخها، وكل ما يحيط بها من دراسات وبحوث. وأدب المقاومة معروف في أوربا على نطاق واسع، وتهتم به الجامعات وتخصص له فروع للدراسات العليا، وهو ميدان رحب واسع وعريض، في أوربا معروف بدقة، ويمكنك أن تصل إلى هدفك، إن كنت راغباً في الاستزادة بسهولة ويسر، وسرعة، ساهم الكومبيوتر والأنترنيت في المزيد من ذلك، وإذا كان الباحث ملماً بعمل الكومبيوتر، ولا أظنه غير ذلك، إذ يمكن القول بكل ثقة ولا درجة واحدة من المبالغة، أن الجاهل بالكومبيوتر هو أمي... فالكومبيوتر سيسهل لك العمل بحثاً وعملاً وكتابة، ونتائجاً.

المقاومة هي رد فعل غريزي لكل شعب يتعرض لعدوان خارجي، وبهذا المعنى فالشعوب ليست بحاجة إلى محرض أو مشجع، فهي كالبدن الذي يهب لمقاومة الفايروسات الدخيلة، ودون طلب من صاحبه، بذلك يمكن وصفه تماماً برد الفعل الغريزي المناعي للتدخل الخارجي والعدوان والاحتلال.

المقاومون لا يمتلكون الأسلحة الفتاكة التي يمتلكها المعتدي، وقد لا يمتلكون تلك الأعداد الكبيرة لجيوش المعتدي، وبداهة لا يمتلكون التنظيم الدقيق لجيوش العدوان والاحتلال التي بها تمكنوا من قهر إرادة البلاد وأحتلوها.. ولكن نضالهم سيكلل بالنجاح ... إذن على ماذا يعول المقاوم ...؟

لهجة محلية

المقاومة تعول على الشعب وحدها، الشعب هو البحر الذي تسبح به المقاومة، هي تتحدث مع أبن البلاد بلغته، بل بلهجته المحلية، ويمتلك ذات الخصائص البدنية، والمعطيات الثقافية، والاجتماعية. سيحاول الأجنبي المحتل أن يقحم لهجة جديدة وتقاليد وثقافة ليقهر بها الوحدة الوطنية، ليدمر النسيج الذي لا سبيل لخرقه، ولكن هذه محاولات تفتقر إلى الأصالة وإلى الجذر، وتبدو زائفة واضحة للعيان وسهلة الزوال، والأجنبي سيحاول كل جهده أن يجد من يتعاون معه، وسيوفق في مساعيه بدرجة ما بصعوبة أو بسهولة، فهناك دائماً في أي مجتمع ما يسمى قاع المجتمع، وحثالته، والطامحين عبر التزلف سواء للحكم المحلي الوطني، أو للأجنبي أن ينال ما لم يكن يحلم بالوصول إليه، أو من أستطاع الاحتلال التغرير بهم، تحت أي ذريعة، ولكن في جميع الأحوال، الأجنبي يبقى أجنبي، والمتعاون في مرتبة وضيعة، يحاول التخلص والتملص منها.

المقاومة ربما تتلقى الدعم من القوى الشعبية أولاً، ومن مصادر المال والسلاح الوطنية، ولكن المصدر الرئيسي للسلاح هو جيش العدو نفسه، وهو مصدر خارج الضغوط السياسية التي تتعرض لها المقاومة من الداعمين الخارجيين، لذلك فإن جيش العدو بما يتركه من السلاح في أرض المعارك، والعدو قد يكون مصدراً للكثير من المستلزمات، لذلك على المقاومة أن تركز على العدو بكل جوانب قدراته ومن تلك المالية.

المقاومة تجد نفسها في ظروف ليست متشابهة في كافة البلدان، بل تتفاوت أحياناً تفاوتاً مدهشاً، ولكن القاسم المشترك الأعظم التي يجمعها هي أنها تمثل إرادة الشعب.، وهذا تخويل كبير جداً وشرف لا يدانيه شرف، ينبغي أن تكون المقاومة كياناً وأفراد مناضلين على قدر هذا الشرف والمسؤولية السياسية والوطنية حياله. وأي نقصان في هذه الإرادة والتخويل، هو خلل خطير، بل والثقة بالمقاومة هو أخطر من العدو وقدراته، ينبغي على المقاومة ككيان سياسي وعسكري وطني الحفاظ على هذه العلاقة القائمة على الثقة المطلقة بالشعب، وثقة الشعب بالمقاومة قيادة وأفراداً وهي المهمة رقم واحد بالنسبة لها.

المقاومة عمل ثقافي وآيديولوجي إلى جانب النشاط العسكري، ورغم أن فهم التناقض بين الاحتلال والمقاومة والتحرير ليست عملية معقدة، بل هي سهلة بدرجة ما، ولكن للمحتلين وأذنابهم أساليبهم في خداع الناس وإرهابهم، والقمع الذي يصل لدرجة عشوائية، وهنا ينبغي للمقاومة أن يكون نشاطها الثقافي بين الجماهير، وليس بالضرورة أن يكون البرنامج الثقافي معقداً وصعب الهضم، وينبغي أن يكون بعلم المقاومة أن جماهيرهم بالدرجة الأولى هم الكادحين الفقراء الذي لا يملكون سوى وطنهم، وإذا ضاع الوطن سيكونون هباء منثوراً، فيفقدون حتى شرف الانتماء للوطن، لذلك يستحسن أن تكون البرامج الثقافية بسيطة تخاطب عقول الفلاحين في الأرياف، والكادحين في المدن، إلى جانب مخاطبة الطلاب والمناضلين والمثقفين الثوريين، لا بد من إيصال وعي الجماهير لدرجة إدراك أن التناقض بين الاحتلال والشعب هو تناقض رئيسي وأن هذا التناقض هو حاد بدرجة لا يمكن جمعه في نظام واحد، وفي برنامج سياسي واحد ... كل الخطوط المقبولة والمحتملة تسقط وتنهار مع الاحتلال، وليس هناك احتلال رمادي وأحتلال أبيض، الاحتلال أسود في جميع الحالات ومعاد للشعب، كل الشعب لأنه يدمر الوطن، كل الوطن بكل ما ينطوي عليه من معطيات مادية ومعنوية.

عملية نضالية

المقاومة والثورة لا تريد من كل فرد المساهمة بالقتال، فهذه درجة قصوى في العملية النضالية، وذروة نضالية، والمقاومة تبدأ بالأمتناع عن مساعدتهم أو التعاون معهم في أبسط الأشياء، أو عن السلام أو تحية أفراد العدو أو الرد على تحيتهم. وهذه بمقدور أي فرد القيام به. بداية لا تكن مع الاحتلال، أشجب ووجه الإدانة الصريحة للأحتلال، ولمن يتعاون مع العدو، وفكر كيف تزيحه عن بلادك. (*)

المقاومة والدفاع عن الوطن واجب كل مواطن بصرف النظر عن عمره وجنسه، إنها دعوة للخدمة العامة الإلزامية، والأمتناع عنها كالهارب من الجندية في زمن الحرب. وهذا ليست بوصف أدبي، بل هو قانوني يلزم العمل به، ومن هنا أطلق ديغول النداء (قبل عملية التحرير بأيام) لكل الفرنسيين ... إن عدم الالتحاق بالمقاومة والتعاون معها هو هروب من الخدمة العسكرية الإلزامية.

كل سياسي معرض لأن يخطأ، ويمكن أن يخطأ حتى السياسي المخضرم، والأعتذار بهذه الطريقة أو تلك ربما تخفف من وطأة الخطأ وتبعاته، إلا خطيئة واحدة لا حل معها ولا أعتذار ... طلاق نهائي أبدي مع الوطن لا فتوى ولا رجعة ... هي خطيئة التعاون مع الأجنبي ... وقاكم الله بلاءها ومصيبتها ..المقاومة هي شرف عظيم ... وسام الأوسمة على صدر المواطن ... ولا عذر البتة لمن يتخلى عن وطنه

بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن شحوا علي كرام


مشاهدات 37
الكاتب ضرغام الدباغ
أضيف 2025/10/18 - 12:03 AM
آخر تحديث 2025/10/18 - 9:54 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 305 الشهر 11835 الكلي 12151690
الوقت الآن
السبت 2025/10/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير