البلاغة وقوة السبك في شعر السماوي
نجم الجابري
عن دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع- بغداد
صدر للدكتور باقر السماوي مجموعته الشعرية الجديدة طيور تحترف الشعر ب ٥٨ نص شعري،
بهذه المفردات
المنفى- المرأة- الحب العميق- الوطن- العقيدة والانتماء كتب السماوي مجموعته الشعرية باتقان ملفت
فقد استهل ديوانه بقصيدة البردة متماهيا مع شعر حسان بن ثابت واحمد شوقي وغيره..
يقول في هذه القصيدة
هاج اشتياقي الاحباب ٍ بذي سلم
حتى ترنّح في أفق الهوى قدمي
هذا النص عبارة عن موشح صوفي قدّم الشاعر فيه خلاصه انتمائه الروحي ص13
ص١٥ قصيدة للامام علي ع يقول
انا قصيدة أحزان ٍ ترافقني
حتى إذا ما استوت سالت على الهدب
في هذا النص اندمج السماوي بشخصية الامام علي ووصية والديه له على الثبات على حب علي
ص٣١ أمطار على بيوت الطين
في هذا النص غادر القصيدة العمودية وكتب شعرا حرا
في بلادي
حينما ينزل ماء الله
او يصبح جدول
نمسك الجدران والأبواب
والسقف المعطل
نمسك الأرض ونبقى نتوسل
ان يظل البيت تحت المطر الأخضر.
اجمل
في هذا النص إشارات كثيرة عن الصبر وعن الغيث الذي سماه المطر لان مع المطر الضرر كما جاء في القرآن الكريم لكن في النهايه تمنى ان يبقى البيت تحت مطر اخضر،
ص٣١ في قصيدة خلي الوشاح يقول:
إني أحبك ما لملحمة الهوى
قد اتعبت خيلي وبت اعاني
مري علي ولو سحابة حلم
فمدينتي جُبِلَت على العصيانِ
ابقى احبك رغم بعد مدائني
يا من شغلت مشاعري وكياني..
في هذه القصيدة حديث عن البعد والشوق للحبيب البعيد ومعاناة العاشق الولهان قصيدة عمودية مليئة بالمشاعر الانسانية.
في نص رسالة إلى سيد القصر كتب السماوي
محاكاة لسيد القصر وتنويه لرؤيته
في قصيدة سكرة ص 79 يقول:
لم أشرب الخمر يوما او اعاقرها
مُذ حرّم الله عالإنسان بلواها
لكنني اليوم مذهولا واسكرني
وقع الخمار وبانت منه عيناها
في هذا النص يذوب عشقا بملهمته بعيونها التي تختبيء وراء الخمار،
في قصيدة
إلى غزة الشرف و البطولة
ص٧٨ صبوا القنابل فالخنادق ساحي
وغدا يحاصركم دمي وجراحي
في هذه الأبيات الخمسة يتحدث عن اصرار الموقف الفلسطيني حتى الموت
في قصيدة طيور تحترف الشعر كتبت عام 2007 وتلك القصيدة هي عنوان الديوان صفحة 86
فيها انفعالات عديدة بين الحديث مع سليمى المستعارة طبعا وبين الوطن والإيمان بالله ومن ثم الحديث شعرا عن الامام علي ع
صفحة 101 قصيدة من خمس ابيات على ابواب الحسين في تلك الأبيات القصيرة يبدع السماوي في الانغماس في حب موقف الإمام الحسين في كربلاء ومن ظلم السلطة،
ملاحظات عن الديوان:
في بناء النص الشعري وترتيب اجزائه دون انتقالات فجة تمس الجسم الشعري فقصائد السماوي تدل على تمكنه من بداية النص إلى نهايته فقد سبك جمله الشعرية كما تفاعل الشاعر مع الموضوعات التي كتب عنها سيما الوجدانية والروحية.
تميزت القصائد بقصرها بعيدا عن القصائد العصماء التي ترهق المتلقي وتخرب الذوق وتجعل نفور المتلقي واضحا من الاطالة في الابيات وحتى تعويم وتشويه الفكره. معظم القصائد عميقة وتحاكي واقعا مختلفا وزمانا مختلفا وحافظ على حداثتها بشكل ملفت السماوي شاعرا معاصرا يكتب باللغة الفصحى وشعر العمودي الذي يمتد في التاريخ لكنه يستحضر مقومات بنائه الشعري من الحداثة ومن رقة اسلوبه ولسبر أغوار النص الشعري واكتشاف مكنوناتها يحتاج النقاد الى النفاذ لتلك النصوص ومعرفة روح النص فيها وإن بدت واضحة لكنها عميقة
في النصوص التي يرفض فيها السماوي بعض المواقف لم يهاجم أشخاصا بل وجه نقده للفكر والفعل الذي ينتقده سيما في السياسة.
الخلاصة:
هو ديوان الحب واللوعة والمحاولة.. الديوان مليء بالانفعالات وأحاديث الحب والوفاء أغلب قصائد الديوان من الشعر العمودي المعروف بترنيماته وموسيقاه وقافيته ويلتزم الشاعر فيه تفعيلات الخليل وهناك قصائد في الشعر الحر .
،استخدم السماوي فيها القافية
قراءة المجموعة:
مررت على أغلب قصائد الديوان في بنائه الشعري العام لنسيج القصيدة وقد ظهرت بلاغة الشاعر
رفيعة المستوى حيث طغى فيها استخدام محسنات البديع والبيان والاستعارات المحبية المرتبطة بالتاريخ والعقيدة والوطن كما ظهر الجناس وابدع في مقابلة النص كما استخدم التناص القرآني في مواضع كثيرة منها مثلا صفحة 86
كما استخدم الشاعر الرموز التاريخية والدينية وحتى الاسطورية بشكل مكثف في كثير من النصوص مثل قصيدة للامام علي صفحه 13
لم يركز الشعر على الشعر الوجداني فحسب وهو يحتوي معظم قصائد المجموعة بل جاءت قصائده بين الروحية، الدينية ،والوطنية ومحاربة الفساد
عنوان الديوان كان جميلا ومعبرا كما هو الحال بالنسبة للغلاف بعنوان الديوان احدى قصائده والغلاف مليء بمحاكاة وهموم الشاعر.
ولكون الشعر هو المفاجأة والدهشة واظهار الجديد المتلقي فقد غابت منطقة الدهشة عن نصوصه في الشعر الحر لكنه في الحكم على شاعرية صاحب الديوان فقد قدم ديوان شعري ناضج من ناحية البناء وقوة القصيدة واوزانها التي استخدم فيها أكثر من بحر من بحور الفراهيدي المجموعة إضافة لدواوين السماوي
التي تعدت ١٥ ديوان شعري كما أتذكر وهي من انضج المجموعات التي قراتها او كتبت عنها للشاعر الدكتور باقر السماوي.