تعليق جائزة نوبل للسلام لحين إعلان الدولة الفلسطينية
حسين الفلوجي
منذ أكثر من قرن، كانت جائزة نوبل للسلام ولا تزال تمثل ذروة التكريم الدولي لمن يسهم في إحلال السلام وترسيخ العدالة الدولية. لكنها اليوم تواجه اختبارًا أخلاقيًا غير مسبوق: كيف يمكن الاستمرار في منحها بينما لا تزال قضية الشعب الفلسطيني بلا حلّ، والدولة الفلسطينية لم تُعلن على حدود 1967 كاملة السيادة؟
إن استمرار منح الجائزة في ظل غياب حلّ عادل للقضية الفلسطينية يشبه مكافأة الخطاب على حساب الواقع. ولهذا، تأتي الدعوة إلى تعليق منحها حتى يتحقق الحد الأدنى من العدالة الدولية بإعلان الدولة الفلسطينية كجارٍ معترف به لإسرائيل، وفق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
ترامب بين العرقلة والطموح
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يجسد هذا التناقض بوضوح: من جهة، سياساته وخطواته أضعفت فرص حل الدولتين وعمّقت الانحياز لإسرائيل، ومن جهة أخرى يسعى لنيل الجائزة كما نالها باراك أوباما قبله. حيث، يكثر ترامب من التلويح بأنه يستحق نوبل أكثر من غيره، لكنه في الواقع يعرقل الحلّ بدل أن يدفعه إلى الأمام.
إن كان ترامب حقًا يريد جائزة نوبل للسلام، فليثبت ذلك أمام العالم عبر اتخاذه خطوات حاسمة وواضحة: الاعتراف بدولة فلسطين كاملة السيادة والعمل بجدية لإنهاء الاحتلال وحماية الحقوق الفلسطينية. عندها فقط يمكن النظر في ترشيحه بجدية.
الجائزة مسؤولية وليست ترفًا
جائزة نوبل للسلام ليست وسامًا للصور التذكارية أو تكريمًا سياسيًا، بل هي تكليف أخلاقي يجب أن يُمنح لمن يحقق السلام العادل. لذلك، فأن قرار تعليق الجائزة حتى تحقيق الدولة الفلسطينية سيعيد لها مكانتها الأخلاقية ويمنحها صدقية حقيقية، ويضع معيارًا جديدًا يمنع مكافأة الخطاب الفارغ على حساب الفعل الواقعي.
نحو معيار جديد للسلام الحقيقي
هذه الدعوة إلى اللجنة المشرفة على الجائزة لتعليق منحها حتى إعلان الدولة الفلسطينية على حدود 1967 كاملة السيادة، هي أيضًا رسالة مباشرة لترامب — ولأي قائد آخر — ليتحلى بموقف شجاع وتاريخي يعترف بحق الفلسطينيين في دولتهم ويعيد إطلاق مسار السلام على أسس عادلة. ختاما: لن تكون هناك جائزة سلام حقيقية دون عدالة، ولا عدالة دون دولة فلسطينية مستقلة. ان تعليق جائزة نوبل للسلام لحين إعلان الدولة الفلسطينية هو الاختبار الأخلاقي والعملي للجائزة نفسها، وهو كذلك الاختبار الحقيقي لطموح ترامب إذا أراد أن يدوّن اسمه في سجل صانعي السلام لا في قائمة المعرقلين له.
سياسي مستقل