دور التصميم الداخلي في ايصال الرسالة الاعلامية
محمد معيود البخيتاوي
يعد التصميم الداخلي للفضاءات الاعلامية جانب من الجوانب المهمة في العملية الاعلامية، يتم من خلالها معرفة الجمهور بأحداث وأخبار جديدة عامة، كما تعد المكاتب الاعلامية هي الوسيلة لنشر الحقائق والآراء السياسية والاقتصادية والخدمية والتنموية، ومع التطور التكنولوجي الحاصل واستخدام أحدث تقنيات في إيصال المعلومات إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور المستهدف بمختلف وسائلها الحديثة، والتي تتطلب توفير الأماكن المناسبة المخصصة لها من فضاءات وظيفية تنسجم مع طبيعة العمل الاعلامي بصورة سريعة ومريحة تحقق غاياتها، إذ أن المكاتب الاعلامية تتكون من عدة أقسام وشعب مختلفة حسب الأداء الوظيفي لها، ولكل منها فضاؤها الخاص بها، حسب طبيعة عملها الإعلامي، كما تمثل هذه الفضاءات الصورة والمرآة العاكسة لكل نشاطاتها الاعلامية والإخبارية، فهي تعد حلقة الوصل بينها وبين الجمهور، بمختلف مستوياتها الفكرية والثقافية والاجتماعية.
ان تصميم الفضاءات الداخلية بصورة عامة وبالخصوص الفضاءات الاعلامية هو عرض أفكار، يرتكز اساسها على بداياتها في وضع الفكرة الأساسية لتصميم الوظيفة، فكل نتاج تصميمي هو عبارة عن نظام وظيفي يعبر من خلاله المصمم عن الفكرة والغرض من التصميم، فقد أشار أحد رواد عمارة الحداثة في القرن العشرين المعمار السويسري (لوكوربوزييه) إن المعنى الوظيفي ارتبط بالحركات المعمارية التي لم تحمل المعنى الحقيقي للوظيفية، إذ لا يوجد هناك تفسير أو ترجمة أو عملية فك رموز لأي شكل في العمارة أو التصميم الداخلي إلا وله معنى، حتى وإن كانت رغبة المصمم أن يكون الشكل بدون معنى، وقد تكون تلك الوظيفة (تعبيرية – رمزية)، وبالتالي فهي وسيلة اتصال وتعبير بنفس الوقت فضلاً عن كونها وظيفة جمالية.
وإذا نظرنا إلى علم اللغة ولاسيما من الناحية الإعلامي في الجانب الوظيفي يتبين أن علم اللغة غير قادر على أداء جميع الوظائف بشكل جيد، إذا ما أخذنا في الاعتبار القوة الوظيفية المفيدة للغة معينة تكون دقيقة في وقت إيجابي، وإذا كانت وظائف اللغة تتميز من خلال اتخاذها وظيفة الاتصال كوظيفة أساسية، فأن خاصية هذه الميزة تبقى محكومة بحالة التمايز المتأصل للرغبات أو الاحتياجات الاتصالية لأي مكونين بفضل التمايز الهادف أو الاختلاف الوظيفي في مستويات مرحلتي الإرسال والاستقبال.
ولا شك أن أولى لغات الاتصال كانت الإشارات والرسوم التي كان يستعملها الإنسان القديم مع بني جنسه، فقد بحث عما سمي بعد ذلك بتكوين أولى الوحدات الاجتماعية البشرية. إذ تبرز اللغة المنطوقة كأفضل الوسائل التي توصل إليها العقل البشري كأداة للتفاهم والتواصل مع الحياة والآخرين، ولكن بفضل بعض الإشارات والرموز والإيحاءات التي تحولت إلى لغة اتصال فاعلة بين الإنسان ومحيطه، والتي يمكن قراءتها بصورة جيدة كالعمل الذي تقوم به اللغة المنطوقة والمكتوبة. وقد تكون هذه الوسائل في اغلب الاحيان أكثر قدرة وبلاغة من تلك اللغة الأساسية، وذلك عندما عدت الصورة معادلة لألف كلمة، إذ إن اللغة تتطور عبر صورها أكثر مما تتطور عن طريق مجهودها الدلالي. وكما فتحت قنوات جديدة أمام الإنسان يستطيع التواصل من خلالها مع الآخرين، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع اللغات التي يستخدمها الإنسان كانت وسائل وأدوات معرفية وبغض النظر عن قدرتها العالية على التواصل، فإنها تظل غير فعالة باستثناء وسائل الاتصال المادية التي اكتشفها الإنسان وطورها عبر سلسلة تقنيات مختلفة من نوعها وفي وحدات وأجهزة وعناصر تشمل السمعية والبصرية والحركية واللمسية سواء كانت ميكانيكية أو إلكترونية، فلا شك أنها تقنية متميزة الثروة التي توفر للأعلام أعداداً هائلة جداً من القنوات التي تؤمن اتصاله.
إن ممارسة الخطاب الإعلامي يلعب دور الوسيط بين البعد لتصميم الفضاء الإعلامي والبعد الاجتماعي (المتلقي)، وبين الفضاء الإعلامي وبين المجتمع (المتلقي)، بعبارة اخرى يرتبط البعد الاجتماعي بالبعد التصميمي للفضاء الداخلي عن طريق غير المباشر، وذلك من خلال الجانب الاعلامي، وبهذا تعد اشكال الفضاء الداخلي وظيفة اتصالية في جانب اعلامي .
وبالتالي يعد التصميم الداخلي وظيفة الاتصال للمجال الإعلامي المتعلق بحدث اتصالي، إذ يعبر التصميم عن العلاقات بين الأبعاد الثلاثية للأحداث الاتصالية التي تمثل بدورها كإحدى استراتيجيات الفكر الإعلامي لإظهار صورة معبرة عن الواقع المكاني للمتلقي للوصول الى الغاية التي تمثل ذلك الشرط الضاغط الذي لا يمكن تجاوزه في عملية التصميم – ولاسيما في الفضاءات الاعلامية – فإن الجمهور هو الهدف لتحقيق الغاية، لذلك فهي تعد سلسلة مترابطة لا يمكن الاستغناء عن أحد حلقاتها. ومما تقدم نجد من المهم دراسة اهم المرتكزات التصميمية وتوظيفها في مفصل الفضاءات الاعلامية، لتلبي وظيفتها بتصميم فضاءاتها كافة المتطلبات والحاجات الوظيفية لمستخدميها، التي بدورها تحقق كل احتياجاتهم ورغباتهم في مسيرة عملهم الاعلامي، من أجل تحسين الاداء الوظيفي والجمالي لها ونقل الصورة الاعلامية.