رحلة عبد الهادي الفنية قصيدة طويلة كتبها على سلّم موسيقي : أسهمت بتأسيس فرقة تربية نينوى ولحنّت الأناشيد المدرسية
الموصل - هدير الجبوري
حين تعزف الأوتار، لا تصدر نغمات فحسب، بل تحكي حكايات أرواح عاشت للفن ومن أجله. هكذا كان وعد عبد الهادي مصطفى العازف والملحن والتدريسي الذي جعل من الموسيقى لغة قلبه، ومن المسرح ساحة حلمه. منذ أن تخرّج من معهد الفنون الجميلة في بغداد منتصف ستينيات القرن الماضي، وحتى لحظة تقاعده من معهد الفنون الجميلة في الموصل رئيساً لقسم الموسيقى فيه، ظل يسير على خيط من الضوء، يجمع بين شغف الشباب وحكمة السنين.
وما ذكر هنا ليس إلا تمهيداً لهذا الحوار الخاص الذي تحقق معه، والذي سنتناول فيه محطات مهمة في مسيرته الفنية والتدريسية.
في رحلته الطويلة، لحّن العديد من الأوبريتات التي زينت الذاكرة الفنية العراقية، وشارك بالعزف إلى جانب كبار الفنانين، حاملاً معه روح الموصل ونكهة بغداد، ومزجاً بين الحس الأكاديمي والدفء الإنساني. لم يكن مجرد أستاذ يلقن الدروس، بل كان ملهماً يفتح أبواب الإبداع أمام طلبته، ويزرع فيهم حب الفن وصدق العطاء.
هكذا يمضي الكبار، لا بصمت ولا بغياب، بل بظلال من إبداع يبقى ماثلاً في الذاكرة، وبدفء ألحان تتسلل إلى القلوب متى ما عزفها الزمن من جديد. سيظل اسم وعد عبد الوهاب يتردّد بين أروقة المعهد، وعلى مسارح العراق، وفي ذاكرة كل من عرفه تلميذاً أو زميلًا أو مستمعاً. رحلته الفنية ليست مجرد سيرة مهنية، بل قصيدة طويلة كتبها على سلم موسيقي امتد من الستينات إلى يومنا هذا، ليؤكد أن الفن الأصيل لا يشيخ، وأن العازف الصادق يظل حاضراًحتى وإن ترجل عن مقعده..
التقته(الزمان) للحديث عن مراحل مسيرته الفنية والتربوية :
□ أين كانت البداية ؟
انا من مدينة الموصل ولدت فيها عام 1945 لعائلة موصلية عريقة كان عميدها شيخ صنف الحجارين بالموصل.
□ أين اكمل وعد عبد الهادي دراسته؟
اكملت دراستي الابتدائية في مدرسة الوطن , هذه المدرسة الي تخرج منها العديد من مشاهير الموصل واعلامها, ومن ثم اكملت دراستي المتوسطة في متوسطة ام الربيعين .
اكمال الدراسة
□ وبعد المتوسطة حدثنا عن بداية الانتقال الى بغداد وكيف بدأت رحلة الدراسة فيها؟
عام 1960 قررت ان اذهب الى بغداد لاكمال دراستي في معهد الفنون الجميلة فيها وأمضيت خمس سنوات في اتمام هذه الدراسة.
على يد من تتلمذ وعد عبد الهادي اثناء دراسته في معهد الفنون الجميلة؟
تتلمذت على يد أروع الموسيقيين وهم النخبة في العراق والعالم العربي أمثال
روحي الخماش,جميل سليم، سالم حسين,آرام بابوخيان,وكذلك أستاذ آلة القانون التركي نجدت فارول وغيرهم..
من هم زملاءك في معهد الفنون آنذاك؟
زاملتُ في المعهد فنانين معروفين كالملحن كوكب حمزة,تحسين طه, الفنانة فوزية الشندي,والفنان كريم عواد وقاسم صبحي , قصي البصري وغيرهم.
□ بعد ان اكملت الدراسة في المعهد ماهي الخطوات التي تلته؟
بعد ان اكملت دراستي فيه عام 1965وبتفوق حيث كنت الثاني على دفعتي , تعينت بادئ الامر في مديرية النشاط المدرسي في محافظة كركوك وقضيت هناك مايقارب ثلاث سنوات بعدها عدت الى مدينتي الموصل موظفاً ايضاً في مديرية النشاط المدرسي , قمت خلال تلك الفترة بالعزف على آلة القانون بطريقة مميزة ليؤهلني ذلك لأن أصبح عازفاً معروفاً وقمت انا وزملائي الراحلين ( محمد حسين مرعي- زكي ابراهيم) بتأسيس فرقة تربية نينوى الموسيقية مع العديد من الزملاء ايضاً آنذاك..
□ ماذا تضمنت مشاركاتك مع النشاط المدرسي خلال تلك الفترة؟
قمت بتلحين مجموعة كبيرة من الاناشيد المدرسية والاغاني الفلكلورية والتراثية وشاركت بأول مهرجان للربيع في الموصل بدورته الاولى من خلال حفلاته التي كانت تقع مسؤولية اقامتها على عاتق تربية نينوى ..
□ هل توسع نشاطك بعد ذلك خارج حدود التربية المدرسية؟
نعم اتسعت مشاركاتي وشاركت في العزف على آلة القانون في اول حفلة غنائية يقدمها تلفزيون الموصل بصحبة قارئ المقام الفنان الراحل سيد أسماعيل الفحام وقد كانت تبث بالابيض والاسود..
□ وماذا عن عملك وسفرك خارج القطر لاجل ذلك؟
أوفدت من قبل وزارة التربية الى الخليج وبالتحديد دولة الكويت عام 1978 وعملت هناك مدرساً للموسيقى لفترة تجاوزت الخمس سنوات في المدارس العراقية هناك ومنها مدرستي( دجلة والرصافي) وساهمت في تلحين عدد من الاناشيد والاوبريتات التي قدمت في فعاليات ومناسبات متعددة تلى على اثرها تم تكريمي من قبل الجهات المسؤولة هناك..
□ هل ساعدك عملك في الخليج على ان تصبح معروفاً ويستعان بك في حفلات المطربين المعروفين وكيف تم ذلك؟
نعم بالتاكيد ساعدني ذلك على ان اكون ضمن العازفين لكبار المطربين العراقيين والعرب ومنهم( هاني شاكر, عبدالله رويشد,نبيل شعيل)
ومن خلال استوديو النظائر الذي كان يعد من اضخم الاستوديوهات آنذاك رافقت المطربين الكبار ضمن الفرقة الموسيقية العربية التي أنضممت لها وكانت تضم خيرة العازفين من الوطن العربي واساتنذة المعهد العالي للموسيقى في الخليج,, ورافقت في تلك الفترة الفنانين ومنهم سعدون جابر,,ياس خضر,, رضا الخياط,,قحطان العطار ,, فؤاد سالم ,, اديبة أثناء تسجيل اغانيهم والعزف مع الفرقة المصاحبة لهم..
وسافرت الى مصر وتركيا وسوريا ولبنان والتقيت بالعديد من المشاهير من العازفين وحصلت على آلة القانون المصرية الصنع ذات النوعية المتطورة ضمن الآلات الموسيقية..
□ متى انتهت مهمة عملك بالخليج وعدت الى العراق؟
عدت في العام 1984 وألتحقت بمعهد الفنون الجميلة في الموصل مدرساً لآلة القانون ورئيساُ لقسم الموسيقى في المعهد ذاته لغاية تقاعدي من الوظيفة في العام 2008 حسب السن القانوني ..
□ أين انت الان وهل تتابع النشاط الفني في الموصل؟
انا اعيش حالياً في أحدى المدن التركية وأقوم بين فترة وأخرى بزيارات لمدينتي الموصل ولي اصدقاء عديدين فيها واتابع عن كثب تطور الحركة الموسيقية والفنية في ظل التطورات التقنية التي يشهدها العالم والتي تختلف كثيراً عن الامكانيات السابقة التي كانت محدودة قبل دخول الثورة الالكترونية وتطور الفن وأدواته.