الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل ماتت الطبعات الورقية في زمن التطور وسهولة الحصول على المعلومة؟

بواسطة azzaman

هل ماتت الطبعات الورقية في زمن التطور وسهولة الحصول على المعلومة؟

فريدة الحسني

 

في زمن تتسارع فيه وتيرة التكنولوجيا، وتصبح فيه المعلومة على بعد نقرة واحدة، قد يبدو الحديث عن الصحف الورقية نوعا من الحنين أو الترف الإعلامي… لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، خاصة حين نتحدث عن صحف ورقية أثبتت وجودها بقوة وصمدت في وجه التحديات وتحولت إلى مصدر موثوق للقارئ لا يمكن الاستغناء عنه

اليوم، وبينما كنت أشاهد برنامجا منوعاً على إحدى القنوات المتميزة، استوقفني عنوان "هل ماتت الطبعات الورقية في زمن التطور وسهولة الحصول على المعلومة "؟ وهو سؤال واقعي يطرحه الكثيرون في ظل زحف الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، أن القناة ذاتها تمتلك صحيفة ورقية عريقة انطلقت بعد عام 2003 لكنها لم تكن مجرد تجربة عابرة، بل كانت وما زالت واحدة من أكثر التجارب الصحفية نضجا وتأثيرا “صحيفة الزمان “هذه الصحيفة، ومنذ انطلاقتها، استطاعت أن تحفر لنفسها مكانة رفيعة في وجدان القارئ العراقي، مستندة إلى مهنية عالية، ومحتوى غني، وطرح موضوعي، حتى باتت محل ثقة لكل من يتابعها، في وقت تهاوت فيه العديد من الصحف، وتوقفت أخرى عن الصدور، ظلّت هذه الصحيفة ثابتة، متألقة، تنبض بالحياة، حاملة رسالة الصحافة الحقيقية دون مواربة أو انحياز يشهد لها بالثبات والاحترافية منذ تأسيسها، لم تتأثر برياح التغيير الذي عصف بكثير من المؤسسات الإعلامية الورقية، حيث شهدنا صحفا ظهرت فجأة واختفت فجأة، أو تحولت إلى نسخ إلكترونية خجولة، برزت هذه الصحيفة كحالة استثنائية، لم تتراجع، لم تنكفئ، بل استمرت في خط تصاعدي ثابت، حتى أصبحت اليوم في مقدمة الصحف العراقية من حيث نوعية المعلومات، عمق التناول، وثقة القارئ .هذه الصحيفة التي رافقتنا على مدى عقدين، أثبتت أن الصحافة الورقية ما زالت قادرة على البقاء حين تدار بعقلية مؤمنة برسالتها، لا تبحث عن الإثارة الرخيصة أو التقرب من أصحاب القرار، بل تلتزم بالدقة والموضوعية، وتكون صوتا صادقا للناس لا صوتا للسلطة.

خلال الحلقة، استضاف البرنامج الدكتور احمد عبد المجيد المشرف العام على إصدار الصحيفة، والذي قدم شهادة صادقة عن الرحلة الشاقة التي خاضها فريق العمل منذ التأسيس وحتى اليوم

تحدث عن التحديات، عن الأزمات، عن محاولات الإقصاء أو التقليل من شأن الصحافة الورقية، لكنه في المقابل، أشار إلى أن سر النجاح كان في المحبة والتآلف والالتزام الحقيقي برسالة الصحافة، وهو ما مكنهم من مواصلة الطريق بثقة وثبات

كما وجه الدكتور احمد عبد المجيد رسالة مهمة للصحفيين الشباب، داعيا إياهم إلى التحلي بالحيادية والابتعاد عن التماهي مع السياسيين أو الجهات المتنفذة مؤكدا أن الصحفي الحقيقي هو من يبحث عن المعلومة ويطرحها للمجتمع بجرأة وموضوعية، دون أن يكون بوقاً لأحد

رسالة إلى القارئ العربي

قد يظن البعض أن زمن الصحف الورقية قد ولى، وأن لا مكان لها في عصر السرعة والمعلومة الفورية، لكن الحقيقة تقول عكس ذلك، فالورق لا يموت حين يكتب عليه بصدق، وحين يلامس عقل القارئ قبل عينه في عالم اليوم، حيث تسود الفوضى الرقمية، وتكثر المنصات التي تتزاحم على انتباه المتلقي، ما تزال الصحف الورقية في كثير من دول العالم، وتحديدا في الغرب، تحظى بمكانة محترمة. فالمواطن الغربي ما يزال يشتري الصحف من الأكشاك والأسواق والمولات وكل المؤسسات باختلاف انواعها، الصحية او العسكرية او التعليمية، أي انها في متناول الجميع في كل مكان يتواجد فيه البشر ومن سافر الئ الغرب يعرف ذلك

بينما، وللأسف، في عالمنا العربي، بدأت هذه العادة بالتراجع شيئا فشيئا، لا لضعف الصحف، بل لضعف الاهتمام العام بالقراءة، ولتراجع الثقافة الإعلامية التي تميز بين المعلومة المدروسة والإشاعة المتداولة ومع ذلك، فإن الصحف الورقية التي ما زالت تصدر وتطبع يوما بعد يوم، وسط كل هذه التحديات، تمثل نموذجا حيا للشجاعة الإعلامية، والمهنية الصادقة، والانتماء العميق لقضية الكلمة والصحيفة التي كانت محور الحديث في هذه الحلقة، هي تجسيد حقيقي لهذا النموذج. فأن تستمر صحيفة واحدة طوال هذه السنوات، دون أن تنحني، دون أن تباع، ودون أن تتحول إلى منبر لأحد، فذلك وحده كاف لنقف احتراما لكل من يقف خلفها، من إدارة إلى هيئة تحرير، إلى صحفيين يكتبون بضمير، وينقلون الواقع كما هو، لا كما يراد له أن يكون

اخيراً

الصحف الورقية التي ما زالت تنبض بالحياة اليوم ليست مجرد استثناءات، بل شواهد حية على أن الجودة والموضوعية، والارتباط العميق مع القارئ، لا يمكن أن تندثر، بل إن وجودها وسط هذا الزخم الرقمي يمنحها ميزة فريدة، تجعل منها صوتا أكثر ثقة، ووسيطاً أكثر احتراما وما دامت هذه الصحيفة موجودة، فأننا نملك سببا إضافيا لنبقي الأمل حيا بأن الصحافة الورقية في وطننا قادرة على البقاء… بل والازدهار أيضاً

إن الصحافة الورقية لا تموت ما دامت هناك أقلام تكتب بصدق، وضمائر تنبض بالمهنية، ومؤسسات تؤمن برسالتها لا بأرباحها فقط


مشاهدات 285
الكاتب فريدة الحسني
أضيف 2025/08/16 - 2:59 PM
آخر تحديث 2025/08/17 - 11:38 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 369 الشهر 11982 الكلي 11407068
الوقت الآن
الأحد 2025/8/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير