مسيرّاتٌ وحرائقٌ وإنتخاباتٌ وفوضى
عبد الجبار الجبوري
بعد توقّف المسيّرات والصواريخ والقصف الصاروخي الإسرائيلي- الإيراني بينهما،وعدم تحقيق كل منهما أهدافه الإستراتيجية، في تغيير بوصلة الحرب ،تعيش منطقة الشرق الاوسط فوضى عارمة،فلا توقف القصف الصهيوني لجنوب لبنان،ولاتوقفت صواريخ الحوثي لإسرائيل،بل إنفتحت جبهة أخرى في سوريا ،وهي الحرب الأهلية بين الدروز وعشائر البدوفي محافظة السويداء، والتي قام الدروز بالإستقواء إستدعاء العدو الصهيوني، على أبناء جلدتهم، والتي نتج عنها ،قيام طيران العدو الصهيوني،بغارات همجية بقصف وتدمير القصرالرئاسي ووزارة الدفاع وهيئة الاركان السورية،لتعميق هوّة الصراع مع حكومة الشرع وعشائر البدو، والتي نتج عنها، أن هبّت جميع عشائر سوريا العربية ،لنجدة عشائر البدو في السويداء،بعد أن قررت امريكا ومجلس الامن الدولي، إخراج الجيش السوري من السويداء، بطلب اسرائيلي ودرزي،بحجة حماية (الطائفة الدرزية هناك)،وحصل ماحصل من مجازر ومذابح وإنتهاكات يندى لها جبين الانسانية، قام بها الطرفان،وماتزال الأوضاع هناك على كفّ عفريت،بمعنى السيناريو الاسرائيلي الصهيوني – الامريكي يسير سريعاً ،على وفق المخطط والمشروع المعروف،تجزيء المجزأ وتقسيم المقسم،واشعال حروب أهلية بين الطوائف، لإضعاف المنطقة وإدخالها في صراعات وحروب أهلية وطائفية وعرقية لآمد طويل ،بغية السيطرة عليها، وإيجاد مبررات التدخل فيها ،وبسط النفوذ فيها وتحقيق الأجندة بلا خسائر،وهذا مانراه اليوم مجسداً في اليمن ولبنان وسوريا والعراق،ولكن مايجري الإعداد له في العراق،أخطروأبشع ،لأن العراق يعد محوراً اساسياً،في نجاح أو فشل المشروع الأمريكي – الصهيوني،والتواجد والتدخل الامريكي فيه ، وحجم النفوذ العسكري والسياسي ، يمهد للتغيير المطلوب أمريكياً،خاصة وما نسمعه من تحضيرات ،ألمعارضة في الخارج ،بدعم وإشراف أمريكي ودولي،يرافقه ضغط سياسي وإقتصادي وإعلامي كبيرجدا، ضد حكومة الأطار التنسيقي ،التي يمثلها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني،لإرغامها على تنفيذ قرارات مصيرية ، ومنها ، حل الحشد الشعبي، ونزع سلاح الفصائل الولائية،وإجراء تغيير ناعم لحكومة إنتقالية، تمثل جميع الطيف العراقي، بعيداً عن الإقصاء والإجتثاث والتهميش ،وهذا ما ترفضه إيران وفصائلها المسلحة الولائية ،رفضاً قاطعاً، وبعض زعماء الإطار التنسقي ،مثل زعيم منظمة بدر، وزعيم عصائب أهل الحق وزعيم دولة القانون وقادة الفصائل الولائية، وفشل السوداني وبعض القوى داخل الإطار كعمار الحكيم زعيم الحكمة ،وحيدر العبادي ائتلاف النصر، في اقناع الفصائل وإيران من دمج الحشد ونزع سلاح الفصائل،والذي يقف بجانبهم السيد السيستاني مرجع النجف، والسيد مقتدى الصدر، وهما يصران على نزع السلاح المنفلّت للفصائل، وحلّ أو دمج الحشد الشعبي إنفرادياً ،في الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة الحساسة،إذن ما يستتب الوضع السياسي في العراق، كما تريده ادارة ترمب ،ما لم يتم تنفيذ السيناريو الامريكي – الصهيوني في عموم المنطقة، وهذا ما يجعل مهمة الرئيس ترمب، شاقة جداً وعويصة في العراق أن لم نقل مستحيلة إلاّ بالحرب، لذلك يهدد حكومة الاطار والسوداني ،بإجراءات قاسية وعواقب وخيمة،ويضعها في محور إيران ، وبنك أهداف اسرائيل في إغتيالات لزعماء الفصائل والإطار،ولهذا قامت المسيرات ( المجهولة)، بقصف وتدميرحقول نفطية في كردستان العراق ومدن عراقية، تشرف عليها شركات أمريكية ،أربكت العلاقات الأمريكية – العراقية، والتي إضطر السوداني لفتح تحقيقات واسعةـ لمعرفة مَن وراء هذه المسيرات المجهولة المصدر، وأعلنت اللجان التحقيقية، المشكلة من اعلى جنرالات الجيش والإستخبارات، أن المسيرات التي قصفت حقول النفط ،في بيجي ومخمور وخورملة وودهوك وزاخو والشيخان،هي (إسرائيلية المصدر)، لكن هذا التحقيق اثارشكوك وامتعاض السوداني وعدم تصديقه اللجان، فشكّل لجنة أخرى غيرها،وعاقب اللجنة السابقة بالإحالة الى الأمرة ، وجاءت نتيجة اللجنة الجديدة واضحة صريحة ومقنعة، أن من قام بقصف الحقول بالمسيرات والصواريخ ،قد( انطلقت من جرف الصخر،وان احدى الفصائل التي تسيطر على جرف الصخر هي من قام بذلك)،وعندها أعلن السوداني أن من قام بالفعل هذا سيحال للقضاء،وأثناء إعلان نتائج التحقيقات ،ومعرفة مطلق المسيرات،دخل العراق بنفق آخر من المشاكل والازمات، لإرباك الوضع وجعله ينهار بأسرع مايكون ،وإحلال الفوضى السياسية في أجواء محتقنة ومتفجرة، فحصلت أزمتان عويصتان،أمام السوداني، هما حرائق مدمرة ،هي فاجعة هايبر الكوت، وحرائق ببغداد الكرادة، وكركوك وصلاح الدين،والازمة السياسية الاخرى هي التصويت على قانون هيئة الحشد الشعبي،بغياب(كتلتي الاكراد والسنة)،وادخال البلاد في حريق سياسي آخر،ونفق قد لاتخرج منه الحكومة ،في وقت تتهيأ حشود عراقية ،إنطلقت شرارتها من الكوت والبصرة وميسان،واخرى سيقوم بها الصدر وتياره ، تنددّ بفشل الحكومة في عدم توفير الخدمات ، وإنتشار ظاهرة الحرائق المؤلمة والمؤسفة ،وسببها الرئيس الفساد، الذي يخيم على جميع وزارات الدولة ودوائرها ،في المحافظات،وعدم توفر عناصر السلامة في المولات والدوائر،والمحلات وغيرها، وعدم قدرة الحكومة على مواجهة هذا الفساد، الذي تقف وراءه حيتان ومافيات لايمكن القضاء عليها ،لأنها متنفذة وهي من يدير العراق ،بقوة السلاح المنفلت وأحزاب الفساد،كل هذا يجري، والعراق على أبواب إنتخابات مصيرية ، ستحدّد مصير العراق لألف سنة قادمة،وهذه الانتخابات يقودها المال الحرام واستخدام قوة السلطة المسلحة،في وقت تريد وتعمل ادارة ترمب على ان تكون الانتخابات سلسة تؤدي الى (التغيير الناعم للسلطة)، ولهذا نرى فوضى الإنتخابات تتجسد في تشكيلات القوائم ،وتسابقها نحو التحالفات المشبوهة، في السيطرة على المحافظات الغربية ،وتدخلات جهات خارجية وإقليمية ودولية، وأحزاب السلطة ،وسلاحها المنفلت والخارج عن القانون ،هي من يتحّكم في مصير الانتخابات المقبلة بالترغيب والترهيب، فالمحافظات الغربية هي من سيقرر مصير ومستقبل العراق القادم، لذلك وضعت إيران وأحزابها كل ثقلها فيه،لهذا نقول ان العراق الآن ،هو بوصلة مصير المنطقة،وهو من سيقرر النتيجة في عموم المنطقة، وهناك الصراع الصهيوني – الأمريكي المؤجل مع ايران، والذي يمكن أن تندلع شرارة الحرب بينهم مرة اخرىبأية لحظة ، ولكن بأقسى وأشد،إنْ لم تحقق أمريكا هدفها في العراق، بقصقصة أجنحة وأذرع ايران في العراق والمنطقة، ونزع سلاح الفصائل وحل الحشد الشعبي بالطريقة الامريكية، والذي تؤجل إيران بالتسويف والتضليل تحقيقه لأمريكا ، بإبتزازها لإبعاد خطر تدمير برنامجها النووي، الذي تدّعي أنه لم يتعرض للتدمير في الحرب الاخيرة مع اسرائيل،إذن البرنامج الإيراني النووي، مقابل نزع سلاح الفصائل في العراق واليمن ولبنان ،هذا هو شرط إيران لأمريكا وإسرائيل،والصراع على أشده الآن، خاصة بعد دخول الأتحاد الاوروبي على خط ،(يجب ازالة خطربرنامج ايران النووي، وعليها الخضوع للقرارات الدولية)، إذن إيران في زاوية حرجة جداً، ووحيدة إلاّ من أذرعها المسلحة الولائية، بعد أن تخلّى عنها ،وخذلها الرئيس بوتين، وبقيت الصين في وعودها فقط ،دعم إيران لوجستيا فقط، إيران وأذرعها في وضع مصيري، مع اسرائيل وامريكا والاتحاد الاوروبي،والعراق هو الساحة لحرب مؤجلة ومصير ومجهول، بين المسيرات المجهولة ،والحرائق والفوضى السياسية وفشل حكومة السوداني في ضبط ايقاع الفصائل المسلحة ،التي تصرَّادارة ترمب على حلها ونزع سلاحها ،وإجراء التغيير الناعم الذي يريده الرئيس ترمب في العراق..!!!!!!