معركة العارضيات.. صفحة ناصعة من تاريخ ثورة العشرين
مارد عبدالحسن الحسون
ما يسعف الذاكرة الوطنية العراقية من احداث ثورة العشرين ان احداثها تتابعت بالمزيد من المشاهد اليومية التي مثلت نماذج رائعة للتواصل بين العراقيين لاسترجاع سيادة بلادهم وما يميز تلك الثورة في مواجهة المحتلين الانكليز أنذاك ان العمق العشائري كان رصيدها للنجاح الباهر الذي تحقق والذي غير الكثير من الاحداث لصالح وحدة العراق ، ولعل ما يعزز هذا التحليل المعلومات التي كوقائع للخارجية البريطانية بعد نصف قرن على تلك الثورة الوطنية ، لقد أكدت هذه الوثائق ان مضايف هذه العشائر كانت بمثابة برلمانات عراقية وغرف عمليات للثورة في مواجهة المحتل كما تجدر الاشارة هنا أن جميع رؤساء العشائر الذين شاركوا في تلك الثورة حرصوا أشد الحرص أن يكون في اطار نمط رصين من الوحدة والتفاهم فلم يبرز شيخ عشيرة معين ليقول انه القائد وان الجميع أن يخضع له و لتوجهاته كما لم تنفرد عشيرة معينة بأنها الاولى بأدارة شؤون الثورة والتصدي للانكليز . لقد كان الجميع سواسية في المواقف والتصرف بعيدأ عن المفاخرات الفارغة كما ميزت الثورة في العمق العشائري الذي أشرنا اليه ان رؤساء العشائر اجروا اتصالاتهم واعتمدوا الاجتماع الى بعضهم البعض ضمن اعلى صورة التضامن والاخوة والتلازم المصيري الكامل ، ولنا أن نشير بالذكر الى معركة العارضيات نسبة لمنطقة عشيرة بني عارض التي تقع شمال الرميثة وهي اصعب وأنجح المعارك التي خاضتها العشائر العراقية في الفرات الاوسط حيث وقعت فيها ثلاث معارك ضارية هي معركة العارضيات الاولى ومعركة العارضيات الثانية والمعركة الثالثة الاهم معركة القطار الذي كان ينقل الجنود و الذخيرة والمؤون الى القوات الغازية من بغداد الى قوات المحتلين في الجنوب وعند وصوله الى منطقة العارضيات تصدى له الثوار وبمعركة ضارية استطاعوا من قلب القطار وخروجه من السكة وقتل جميع من فيه من الجنود ( الهندوس والانكليز ) والسيطرة على سلاحهم واعتدتهم والمواد والذخيرة التي فيه ،ومن الانصاف ان نشير الى دور المرأة العراقية في تلك العشائر اذ تحولت على حسب وصف احد رجال الثورة الى حزام ظهر الرجل في حثه على المواجهة الوطنية وفي رسم صورة شعريةرائعة عن الزود والتمسك بالحق وكان من الشرف للحكومات التي تعاقبت على العراق أن تنصف المناطق العشائرية التي اسهمت في الثورة ولكن يبدوا ان الانظمة الدكتاتورية التي مرت على العراق قد ارادت الاقتصاص من تلك المناطق حيث ظلت تعاني الامرين في نقص الخدمات ومن اوضاع اقتصادية مزرية وكان هناك من كان يريد أن يعاقبها على مواقفها الوطنية تلك .