الدكتاتورية قادمة والوطن إلى النسيان

شوقي كريم حسن

أجل، إنها تزحف إلينا بخفة قاتلة، لا تطلق رصاصاً، بل تنثر الوعود وتوزع ابتسامات مزيّفة، وتلبس قناع “المنقذ” لتسرق ما تبقى من أحلامنا. نراها في كل زاوية من وطنٍ أنهكه الخراب: في عيون المرتزقة وهم يهتفون باسم الزعيم، في أصوات الإعلاميين وهم يقايضون الكرامة بالمال، في مشاريع لا تبني وطناً بل تصنع سجناً كبيراً، يُخدرون به العقول ويربّون فيه الخوف.ها نحن نعيش اللحظة التي يُغتال فيها الوطن ببطء… تُرفع فيها صور الطغاة بدل رايات الشعب، وتُشيد فيها الأصنام من جماجم الفقراء، وتُعزف الأناشيد على أنين الأمهات!

هل تذكرون السبعينيات؟

حين بدأت الكارثة بخطبة، وتحوّلت الكلمات إلى قرارات، والقرارات إلى سجون، والسجون إلى مقابر؟

اليوم… تعود المسرحية ذاتها، بنفس الإخراج، مع تغيّر الممثلين فقط. البرلمان في غيبوبة، المحكمة انسحبت بملل، والمعارضة هجرت صندوق الانتخاب، بعد أن امتلأ بمالٍ نجس ورائحة خيانة!

الدكتاتور لا يأتي راكباً دبابة كما تعودنا… بل يأتي راكباً موجةَ يأس، موجةَ قرف، يُصفّق له التافهون ويُصفّى له الأذكياء، ويُبنى له مجدٌ على أنقاض الوعي.نعم، نحن نكتب الآن، نصرخ، نُحذّر، نضع أصابعنا في الجرح المفتوح، لأننا نعرف ما سيأتي…الدكتاتورية ليست خرافة. إنها تتنفس الآن معنا، وتخطو بيننا، وتخطط بصمت لأن تُقصي الجميع إلا وجهها القبيح.فهل من يسمع؟

أم أن الطريق إلى النسيان صار قدَراً، والوطن مجرد ذكرى في ذاكرة منفية؟!!