ذكريات مع أحمد سلمان لن يطويها النسيان

عشق الفن يبعد مطرب الأغنية السياحية عن كلية الطب

هند احمد

رحم الله المطرب أحمد سلمان الذي توفي عام 2023 عن  91 عاماً، وهوغني عن التعريف، لقب بمطرب السياحة الاول.. كان  يزورنا في المسرح الوطني وألتقي  به ويحدثني عن فنه وذكريات الزمن الماضي  كان يقول لم يبق لي أحد، بعد ما هاجرت عائلته وبقي وحده يعاني الوحدة والمرض وعندما سألته لماذا لم تلحق بأولادك؟ كان يردّ (لم أترك بلدي وطني لا أستطيع رغم وحدتي، حاولت ولم أستطع). كنت  معه كما المواسية المستمعة لحديثه بسعادة وشوق.. كان يأتي صباحاً للمسرح الوطني ويبقى  الى نهاية الدوام تقريباً، نوصله الى مكان سكنه القريب بالمنطقة، كل فترة يزورنا كان يقول لي (لم يبق لدي أصدقاء يفهموني ويتحاورون معي) كنا نجلس في الكافيتريا واستمع الى حديثه بكل شغف وسعادة وكنت اسأله عن بعض الاغاني التي لحنها وغناها وأغانيه الصباحية التي كانت تذاع من الاذاعة العراقية/اذاعة بغداد وبما أنني من هواة أغاني زمان وخاصة النادرة فكنت سعيدة بالمعلومات عن هذه الاغاني وكيف تم تسجيلها وأين ومتى، ومن ضمن أسئلتي  كانت عن اعلان كان يعرض من تلفزيون بغداد كنت صغيرة  ومولعة بالاعلان والاغنية التي تقول (هالبنت الجميلة بالسيارة تَدور الها مدة طويلة …إلى آخره.) فدهشت عندما قال إنها ابنتي التي مثلت الاعلان عن بسكولاته ،من الحانه وكلماته وله العديد من الاعلانات  بسكت جميلي الممتاز  والعديد من الاعلانات ،وقد كوّن ثنائياً جميلاً مع المطربة أحلام وهبي… كنت افتقده حين تمر أيام دون زيارتنا بالمسرح الوطني.. بسبب وعكة صحية أو تعب يمنعه من الخروج عملت له لقاءً مطوّلاً في مجلة الرشيد (مجلتي) التي أوقفتها لاسباب مادية، صدر كم عدد وأوقفتها… كان لقاءاً زاخرا بالمعلومات عن المطرب أحمد سلمان… فقد كان مطرباً مثقفاً جداً يتكلم الانكليزية والفرنسية أنيقًا ويهتم بهندامه بشكل كبير إضافة الى صوته وقوة حنجرته ..كان يغني مقاطع من أغنياته بصوت قوي وجميل، وجهه الباسم لكل من يستقبله وأدبه المفرط،هو المطرب الوحيد الذي بقي من جيله من المطربين رحمهم الله ناظم الغزالي عباس جميل خزعل مهدي حمدان الساحر ومحمدكريم وغيرهم.. قال لي سافرت الى بيروت للدراسة في الجامعة الامريكية (كلية الطب) ولم أستطع اكمال الدراسة كنت مولعاً بالفن وتدربت على آلة العود ورجعت الى بغداد ودخلت معهدالفنون الجميلة وكانت أول أغنية لي( للمصيف يلا) وكانت على الهواء مباشرة.. سجل عام 2005 أغنية (العراق للعراقيين) واغنية فرحة و مسرّة وعلى حسابه الخاص وسجل عام 2015 اغنية ع الكرادة الشرقية وآخر عمل له كان عام 2018 سجل أغنية مع  حنان نيسان (ديوتو) من فرقة طيور دجلة../حقيقة كان الحوار معه رحمه الله  ممتعاً  جداً، كنت أطلب منه ان يغني بعضاً من اغنيات الصباح فكان يغني بصوته الذي لم ينلْ الزمن منه ، اغنية ياجامع الياسمين للفرحة والزينة والاغنية التي اعشقها مذ كنت صغيرة (صباح الخير على بلادي على جبالها وعلى الوادي) مازالت بذاكرتي واحفظها.. انقطع مدة ولم يزرنا حاولت الاتصال هاتفياً عدة مرات دون نتيجة.. قالوا سافر، بعدها سمعت بوفاته رحمه الله.

عشرات الاغاني

كان يعيش وكأنه في عمر الشباب يقضي أوقاته مع عوده رفيقه ويعزف ويغني ويلحن.. كنت أستغرب من المطربين الشباب لِمَ لم ياخذوا من الحانه وفنه الراقي.. كان يقول : لدي من الالحان ما يكفي  لعشرات الاغاني ولكن لم يطلب مني أحد… سجل اغنية (تمر البصرة وراشي الموصل) واغنية عن الاهوار سجلها لقناة العراقية الفضائية وكان يتمنى ان تبث حسب قوله لانه صرف وتعب على تسجيلها ويقول وكلماته تملؤها العبرات ، كانت سابقا لجان فحص كلمات الاغاني واللحن والاداء لتخرج الاغنية كاملة وناجحة بدليل مازالت اغاني زمان تُذكر ويتغنى بها الشباب اما الان لا يوجد هذا الاهتمام لا بالكلام ولا باللحن.. كنت مستمتعة جداً وهو يشرح لي ذكريات بعض صوره في البومات مع فنانين كبار كان يحتفظ بذكرياته ويعتز بفنه جداً… كنت قبل أن التقي به شخصياً أعددت  وقدمت حلقةً عن حياته وسيرته الفنية الطويلة في برنامج (أصوات لا تُنسى) من إعدادي وتقديمي، الذي نال شهرة واسعة وسط جمهور المستمعين من راديو الرشيد فقد أعددت وقدمت تسعين حلقة عن فنانين عراقيين وعرب… حزنت لوفاته الانسان الراقي النقي المثقف رحم الله المطرب والملحن والممثل أحمد سلمان.