الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تمثال ساحة الواثق في بغداد

بواسطة azzaman

تمثال ساحة الواثق في بغداد

لطيف القصاب

 

تشرّفت في الأسبوع الماضي باختياري عضوا (عاملا) بإحدى لجان (التحضير) لانتخابات المجلس المركزي في الاتحاد العام لأدباء وكتّاب العراق لدورته الجديدة التي أعلنت نتائجها يوم أمس الجمعة، ومبارك لمن ربح ، وحظا سعيدا لغيرهم.

كانت رحلتي نافعة ممتعة من دون شك تعرّفت فيها على شخصيات مهمة، ومنهم أخوة من العرب والكرد والتركمان. والمفارقة أن بعضهم أصدقائي في العوالم الافتراضية، لاسيما «الفيس»، ولكن شتان بين الواقعي وغير الواقعي!

صباح يوم الخميس الفائت نهضت باكرا كعادتي التي (ربحتها) من تجربتي في الجيش نهاية الثمانينات؛ ولأنني أحد مشائيي العراق البارزين كما ازعم فقد توجهت من الفندق الذي أسكن فيه وموقعه بالقرب من ساحة التحريات قاصدا باب الشرجي ثم الشورجة ثم منطقة علاوي الحلة لشراء بعض اللوازم، وما أن وصلت إلى ساحة الواثق حتى خطرت لي فكرة سؤال أحد المارّة سؤالا تاريخيا!

كان رجلا أربعينيا تبدو عليه إمارات النعمة والثراء وبرفقته زوجته على ما أظن. ركن سيارته الفارهة بمحاذاة الساحة؛ فسألته: ماذا تسمى هذه الساحة أخي العزيز، فرد علي بابتسامة جميلة قائلا : ((والله سؤالك واقعي جدا بس اعذرني ما أعرف))، ثم سأل زوجته التي بدا على وجهها الجهل باسم صاحب التمثال أيضا . شكرتهما، وأضمرت في نفسي أن أسأل آخرين السؤال نفسه، فسمعت أجوبة متعددة. أحدهم وكان يرتدي بدلة عامل مطعم قال لي : ((اعذرني استاد آني مو من أهل بغداد)). الآخر كان شرطيا أنيقا لكنه لم يعرف الجواب أيضا؛ لأنه من محافظة أخرى، فقلت له تخيل معي يا أخي لو أن أحد الأجانب سألك عن صاحب التمثال، وقلت له إني من محافظة أخرى ماذا سيكون انطباعه، فقال لي: (اسأل الحجي) وأشار إلى رجل عمره لا يجاوز الخمسين عاما بحسب الظاهر، وأغلب الظن أنه مسؤول حكومي رفيع، فقلت له هل أنت من بغداد قال نعم، فقلت له مَن الواثق؟، فردّ بعد صمت طويل نسبيا: الواثق ملك قديم!

لم اكتف بهؤلاء الثلاثة. سألت إحدى السيدات لم تجبني أيضا. وسألت رجلا طاعنا بالسن فقال لي بثقة مطلقة : التمثال لأحد دكاترة بغداد، فقلت له( حجي انت شجنت تشتغل قبل فقال : كنت أعمل في مستشفى كمال السامرائي))...

انتقلت إلى الجانب الآخر من الشارع الذي احتفت لافتاته باسم (الواثق)؛ مختبر الواثق، ومجمع الواثق، وصيدلية الواثق...الخ، وحين وصلت إلى مصرف أهلي – الحمد لله إن اسمه لم يكن الواثق- سألت حارسه الأمني الذي كان يصغرني بعشرة أعوام : هل أنت مولود في بغداد، فردّ في الحال: (مسقط رأسي بالكرادّة)، فقلت له مباشرة من هو الواثق الذي صنعتم له تمثالا في الكرادة أيها الكرادي الجميل؟، وبضحكة مصحوبة بقهقهة وخفة دم قال لي : (التمثال لشخص واثق من نفسه)!

قبل أن أصل الشارع المؤدي إلى ساحة الأندلس صادفت شابا جامعيا يدرس في كلية علوم الحياة كما قال ، فسألته أيضا السؤال ذاته، فردّ علي منزعجا : (والله آني تخصصي بايلوجي اسالني بالبايلوجي أجاوبك)، فقلت له(تعرف الفنان السوري دريد لحام قال: لا، قلت له: غوار الطوشي يمعود، فقال ما أعرفه منو هذا؟ فقلت له هذا ممثل كوميدي قديم وفي إحدى تمثيلياته ذهب لخطبة فتاة، فقالت له أمها: احمد الله على عروستك؛ لأنها (فهمانة) بالفزيولوجي والتكنلوجي والبايلوجي، فرد عليه بالقول: أنا لا أريدها (فهمانة) بالفزيلوجي، والتكنلوجي، والبايلوجي خالتي : أنا أريدها (فهمانة ) بالطبخلوجي والكنسلوجي والمسحلوجي!

ما أريده من هذه السطور على وجه التحديد هو لفت عناية الأخوة الأعزاء في وزارة الثقافة لاسيما المسؤلين والمستشارين، وأضرابهم إلى ضرورة الترويج للثقافة العراقية العامة التي لا تنحصر بالشعراء فقط ، وأقول لهم مخلصًا: صدقوني يا أعزائي إن الناس في العراق صاروا يعرفون بدر شاكر السياب، وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي، ومن على شاكلتهم أكثر من معرفتهم بالأنبياء فضلا عن الأئمة والعلماء والخلفاء والفقهاء وسائر المثقفين العظام ولنبتدئ بالجاحظ من القدامى، وبجلال الحنفي من المعاصرين على سبيل المثال لا الحصر...


مشاهدات 71
الكاتب لطيف القصاب
أضيف 2025/06/02 - 12:33 AM
آخر تحديث 2025/06/03 - 12:25 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 678 الشهر 3407 الكلي 11138061
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/6/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير