قمة بغداد: هل تكون بداية لعقد عربي جديد؟
محمد علي الحيدري
تتجه الأنظار إلى قمة بغداد المقبلة وسط أزمات عربية متشابكة، من حرب غزة، إلى النزيف السوداني، وتحديات ما بعد سقوط النظام السوري. فهل تكون قمة العراق محطة مختلفة في تاريخ القمم العربية، أم أنها ستعيد إنتاج البيان الختامي المعتاد؟
منذ قمة أنشاص عام 1946، نادرًا ما خرجت القمم العربية بقرارات قابلة للتنفيذ. الصيغ البلاغية ظلّت سيدة الموقف، بينما بقيت الأزمات تتراكم بفعل غياب آليات ملزمة، وتضارب الأولويات الوطنية.
قمة بغداد تختلف في رمزية المكان وتوقيتها، إذ تنعقد بعد تحولات إقليمية عميقة، وتستضيفها دولة تسعى لاستعادة دورها العربي بعد عقود من الغياب والتمزق. وفي الوقت الذي تعاني فيه المنظومة العربية من ضعف بنيوي وغياب المشروع الجامع، تأتي القمة في سياق محاولة عراقية لجمع الأطراف المتنافرة، والتأسيس لحوار عربي جديد.
لكن التحديات لا تقل عن الطموحات: الخلافات البينية، والتأثيرات الدولية، وضعف الثقة بمؤسسات العمل العربي المشترك، تجعل النجاح رهينة بقرارات جريئة غير تقليدية.
إن أرادت قمة بغداد أن تُذكر بوصفها نقطة تحوّل، فعليها أن تتجاوز لغة المجاملات، وتطرح بجرأة ملفات السيادة، والتكامل الاقتصادي، وإعادة تعريف العلاقة مع القوى الدولية، والأهم: صياغة موقف موحّد وفاعل تجاه فلسطين. ليس المطلوب قمة مثالية، بل بداية واقعية لعقد عربي جديد، يُبنى على المصالح المشتركة لا على الحسابات الضيقة. فهل تجرؤ بغداد على فتح هذا الباب؟