الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جبال الكحل تفنيها المراود

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

جبال الكحل تفنيها المراود

محمد صاحب سلطان

 

هنالك مثل شعبي، تردده العامة في أغلب الاقطار العربية، ولاسيما في حواضر البادية والريف، ما نصه (جبال الكحل تفنيها المراود، وكثر المال تفنيه السنين)، وجدت من المفيد أن أكرس شطره الأول، عنوانا لمقالتي هذه، لما أجد فيه خير تجسيد لواقع حال الغالبية من الدول المنتجة للنفط ومشتقاته، وباقي الثروات الطبيعية التي حباها الله رزقها، وأنعم عليها بخيراته من كنوز مدفونة في الأرض وفوقها، إكتشفها المستعمرون الاوائل، وجثوا فوق الصدور مذ ذلك الحين، بالتواجد العسكري وقواعده أو بالقيود  التي جعلت جل الاقتصاد مرهون بها، فأضحت تلك الثروات نقمة بعد أن كانت نعمة، أفقدت الدول إستقلاليتها  وحرية التصرف بثرواتها، بعد أن غزى الاجانب المدن، مثل جراد ينهش ويخرب ويتحكم بكل شيئ، مفاتيح مالها بأيديهم، وعجلة الاقتصاد يتحكمون بها كيفما يشاؤون!، وباتت لا تملك القدرة على القول، وأستمرأت الصمت والإنصات الى ما يعجز اللسان عن قوله!، فقط الذكريات، هي من تعتمل في النفوس وتفصح عن مكنونات دواخلنا الرافضة لما يجري، وأبرز مثال، ما تقوم به صاحبة القطب الأوحد بحمارها المتوحش وفيلها الاعمى، والمدارة بالكنترول الصهيوني، وما تفرضه على العالم، التي جعلت الناس في بلدان الأرض، مشرقها ومغربها، غرباء تمام الغربة في عالم لم يعد لهم، عالم قاتم تتآكله الوحشة، فثمة دليل ساطع، يؤكد أن أصحاب (الحظ والبخت) من دول الفيتو، هم من يتحكمون بوعينا ويوغرون بجراحنا، ويتلاعبون بمقدراتنا، وبخزائن الكنوز التي باتت بأيديهم، شئنا أم أبينا، وبمشروعية الارغام للبنك الفيدرالي الأمريكي ووصايته بقيمومة دائمة لنا ، بعد أن بات النهب والسلب للخيرات، مباح من دون رادع، فلقد تحول الفساد والنهب من حالة تستدعي أقصى التدابير لإجتثاث جذورها، والدعوة الى حلول فعالة لها ،الى ظاهرة مشروعة إتسعت بمرور الزمن، وباتت إحدى العلامات الفارقة في وجه الحال العربي، وبقيت الدعوة لمحاربة الفساد وتجفيف منابعه، مجرد شعارات فضفاضة، لا تفضي إلا إلى المزيد من النهب والفساد!،، وهكذا أصبحت الخيرات، مجرد جبال (كحل) تفنيها (مراود) الفاسدين، بل معاول الهدم، بعد أن كان الناس يأملون في إجراءات وقوانين، تكرس قيمة المواطن وتضمن حماية إنسانيته، بحياة كريمة، وتفعل قواعد الخدمة العامة، بقرار العودة الى الانتاج والتصنيع، وتحويل إقتصاد البلدان، من أقتصاد إستهلاكي ريعي، إلى إقتصاد منتج، لا أن نعتمد على ما يعطيه لنا النفط من عوائد مهما كانت ضخمة، لكنها تتشظى بالاستهلاك وبالعوائد المقيدة، التي تمعن في توصيف هشاشة الدولة وتشوهاتها، بحيث تبقى (البلاد) مرهونة بما يسفر عنه عداد أسهم السوق العالمية، لما يباع من النفط الخام، وهكذا أصبحنا داخل (أرجوحة) المزايدة، التي تتحكم بإقتصاد العالم، فالاخطبوط الصهيوني وتوابعه، هو من يتحكم بمال العالم وباقتصاده وصناعته وإعلامه، والبحث عن مخرج للإزمة الطاحنة التي تحيق بإمة العرب، تتطلب أولا: تشخيص الداء وتوصيفه بخبرة الماهرين من المختصين بمختلف المجالات، وثانيا: تحديد ما وصلت إليه الاوضاع من تراجعات وأختناقات، خدميا ومعيشيا، وثالثا: القبض بيد من حديد على المتسببين بتسريب المال بملياراته، الذين أوغلوا بترهل الوظائف العامة بالمحسوبيات والبطالة المقنعة، على حساب الكفاءة والخبرة المكتسبة بما يمليه الاستحقاق الوظيفي، وفي مثل هذه الأحوال تضيق الحلول أمام من بيدهم همة الحل والربط من حسني النية، ما لم يبدأوا بإنفسهم في تطهير الذات من الشوائب المفضية الى زيادة الطين بلة، والتخلص من السلوك السيئ في الاداء، الذي بات منتشرا عن طريق تقديم الولاء و(الطبطبة) لشخص المسؤول، قبل الكفاءة والرأي الحصيف الخادم للمجموع، وكفى الطيبين الصمت، وضرورة الاصغاء إلى نبض الشارع وهمومه، فالحقيقة، هي وحدها من توقظ الحواس التي ماتت!!.

 

 


مشاهدات 43
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/05/10 - 1:10 AM
آخر تحديث 2025/05/10 - 4:59 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 315 الشهر 11564 الكلي 11005568
الوقت الآن
السبت 2025/5/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير