الانتخابات تحت وطأة التسقيط
وفاء الفتلاوي
التسقيط الخبيث أصبح من الظواهر المؤلمة التي تلوح في أفق الانتخابات في العديد من الدول ومنها العراق، حيث يلجأ البعض إلى أساليب غير أخلاقية لقتل الخصوم السياسيين معنوياً بدلاً من منافستهم بطرق قانونية وعادلة.
هذه الظاهرة أصبحت متفشية في الكثير من الحملات الانتخابية، إذ يستخدم بعض الأفراد أو الأحزاب الأكاذيب والشائعات وسيلة لتحطيم سمعة خصومهم وتشويه صورتهم في عيون الناخبين، حيث يعد التسقيط الخبيث شكلاً من أشكال الحرب الإعلامية غير الشريفة، التي لا تقتصر على القضايا السياسية فحسب، بل تتعداها إلى تشويه الحياة الشخصية للمرشحين ومحاولة التأثير على الرأي العام بأدوات قذرة.
ففي معظم الأحيان يعود سبب تسطيح الحملات السياسية بهذا الشكل إلى حالة من الصراع على السلطة والمكاسب الشخصية، فالكثير من القوى السياسية في الانتخابات تجد نفسها مضطرة لاستخدام أساليب غير نزيهة، خاصة عندما يتصاعد التنافس السياسي إلى درجات تتطلب انتصاراً بأي ثمن.
كما أن غياب الرقابة الإعلامية الصارمة وضعف المحاسبة القانونية قد يساهم في انتشار هذه الظاهرة، إذ يصبح من السهل على من يرغب في إلحاق الضرر بمنافسيه أن يقوم بذلك دون خوف من المساءلة، بالإضافة إلى ذلك، يؤدي فقدان الثقة في العملية الانتخابية برمتها إلى مزيد من الانقسام السياسي، حيث يبدأ الناخبون في الشك في نزاهة الانتخابات ما يعزز من ميل بعض السياسيين لاستخدام هذه الأساليب.
ان التسقيط الخبيث لا يؤثر فقط على الأحزاب والمرشحين بل يمتد أثره إلى القوى السياسية كافة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، فالقوى المتنفذة التي يتم استهدافها بواسطة حملات تشويه يمكن أن تتعرض لضغوط معنوية قد تؤثر في مصداقيتها أمام الجمهور، حتى وإن كانت قد حققت إنجازات ملموسة، بينما تجد القوى السياسية الصغيرة نفسها أكثر عرضة لهذه الهجمات إذ يساهم التسقيط في تحطيم قدرتها على جذب الدعم الشعبي، ما يجعلها تصبح عاجزة عن خوض المنافسة بشكل عادل.
في هذا السياق لا تقتصر الآثار على القوى السياسية فقط، بل تمتد لتؤثر بشكل سلبي على المجتمع بأسره، حيث يفقد الأفراد الثقة في عملية الانتخابات وتصبح الديمقراطية نفسها مهددة.
وعليه إذا أردنا الحد من تأثير هذه الظاهرة الخطيرة لا بد من معالجة جذورها عبر اتخاذ إجراءات فعالة منها تعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين لكي يستطيعوا التمييز بين الحقيقة والشائعة، وبالتالي يصبحون أقل عرضة للانخداع بالأكاذيب بالإضافة إلى ذلك، يجب العمل على تعزيز الرقابة الإعلامية لتكون أكثر استقلالية وفعالية مما يضمن عدم استخدام وسائل الإعلام كأداة للتسقيط والتشويه.
كما أنه من الضروري أن تضع الدول قوانين صارمة لمكافحة نشر الأكاذيب والتشهير في سياق الانتخابات حيث يمكن أن تساهم العقوبات في تقليص هذه الظاهرة.
لذا التركيز على البرامج الانتخابية بدلاً من التركيز على الحياة الشخصية للمرشحين يمكن أن يساهم بشكل كبير في الحد من التسقيط، فحينما تركز الحملات الانتخابية على تقديم رؤى سياسية وبرامج حقيقية تفيد المجتمع بدلاً من الانغماس في الصراعات الهامشية يصبح الناخب أمام خيارات أكثر وضوحاً ونزاهة.
وختاماً التسقيط الخبيث في الانتخابات لا يهدد فقط نزاهة الانتخابات بل يقوض القيم الديمقراطية التي من المفترض أن تكون أساساً للعمل السياسي، ومن خلال التوعية، الإصلاحات القانونية، وتعزيز الرقابة الإعلامية، يمكننا الحفاظ على انتخابات نزيهة وتعزيز الثقة بين المواطنين وصناديق الاقتراع، مما يؤدي إلى بيئة سياسية أكثر عدلاً وشفافية.