الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مكتبة الجوادين أبرز إنجازات هبة الدين الشهرستاني

بواسطة azzaman

سلسلة أبنية تراثية بغدادية

مكتبة الجوادين أبرز إنجازات هبة الدين الشهرستاني   1 - 2

صلاح عبد الرزاق

هبة الدين الشهرستاني فقيه وشاعر ووزير ومجدد إصلاحي في مطلع القرن العشرين. إذ دعم نشر العلم والمعرفة كسبيل لترسيخ الثقافة والحضارة في مجتمع نهض للتو من الظلام العثماني الذي دام أربعة قرون جاثماً على صدر العراق. قدم العديد من الإنجازات الفكرية والثقافية لكن أبرزها كان تأسيسه لمكتبة الجوادين العام عام 1941.

الأسرة والنشأة

هو السيد محمد علي الشهير بـ (هبة الدين) بن حسين بن محسن بن مرتضى بن محمد بن الأمير علي الكبير الحسيني الحائري ، ينتهي نسبه إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). وهو من أسرة كربلائية لذا عُرف بالحائري نسبة للحائر الحسيني الشريف. واشتهر بالشهرستاني نسبة إلى أسرته الشهرستانية المعروفة المتواجدة في كربلاء والفرات الأوسط في القرنين الثاني عشر والثالث عشر للهجرة. وفي الكاظمية تُطلق الشهرستانية على أسرة السيد هبة الدين وما تفرع عنها بعد استقراره فيها. (1)

وكان جد الأسرة السيد محمد مهدي بن أبي القاسم الشهرستاني المعاصر للسيد محمد مهدي بحر العلوم والمتوفى عام (1216 هـ / 1802 م) قد هاجر من إيران إلى كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي. وهذه العائلة منتشرة في كربلاء واصفهان. وكان السيد إسماعيل صدر الدين الوزير في سنة (963 هـ / 1556م) في الدولة الصفوية هو أحد أجداد السيد محمد مهدي المذكور.

ثورة الدستور

ولهذه الأسرة فروع في كربلاء والنجف والكاظمية في العراق ، وفي طهران وكرمنشاه وهمدان في إيران. وكان السيد محمد بن صادق بن محمد مهدي بن الأمير السيد علي الكبير من الثوار الذين ساهموا في ثورة الدستور عام 1905 ، وفي عام 1920 أصبح رئيس المجلس النيابي. (2)

ولد هبة الدين في مدينة سامراء في ( 24 رجب سنة 1301 / 20 مايس 1884 م) ونشأ بها برعاية والده (توفي 1320 هـ / 1903م) الذي رحل إلى كربلاء مع المرجع الأعلى السيد محمد حسن الشيرازي (1815 - 1896) الذي كان قد اتخذ من سامراء مقراً لمرجعيته ، وأسس هناك حوزة علمية جذبت المئات من طلاب العلوم الإسلامية. وهو صاحب فتوى التنباك الشهيرة عام 1891 م التي أصدرها لوقف الامتيازات البريطانية المجحفة في إيران آنذاك.

دراسته في حوزة النجف الأشرف

في كربلاء درس هبة الدين علوم العربية والفقه والأصول ، وأكمل المقدمات الأولية قبل البلوغ . وبعد وفاة والده عام 1902 عن عمر (73) عاماً ، وكان عمر هبة الدين 18 عاماً ، هاجر مع والدته إلى النجف الأشرف بنصيحة من المحدث المشهور السيد مرتضى الكشميري. وبقي فيها ست عشرة سنة ، درس فيها على يد الملا محمد كاظم الآخوند الخراساني (1839- 1911) وشيخ الشريعة فتح الله الأصفهاني (1850- 1920) والسيد محمد كاظم اليزدي (1831- 1919).

وكان الشهرستاني يدرّس العلوم العربية والفنون المالية فنبغ من تلامذته الشيخ جعفر النقدي والشيخ محمد رضا الشبيبي والسيد سعيد كمال الدين والشيخ علي الشرقي والشيخ عبد العزيز الجواهري وآخرين.

وحصل السيد هبة الدين على إجازات الفتوى من كبار العلماء كالسيد مصطفى الكاشاني والسيد محمد المجتهد الكاشاني والسيد علي الداماد التبريزي والسيد محمد مهدي الحكيمي والسيد محمد الحجة الفيروزآبادي. (3)

نشاطاته الفكرية والثقافية

      اكتسب معرفة في علوم شتى منها الفقه وأصوله، الهيئة، الرياضيات، وانتشر حديثه في كافة الأقطار الإسلامية، واتصل بأحرار مصر ثم سافر إليها وأكمل بها دراسته في الفلك. وكانت له سجالات أدبية مع السيد عبد الحسين شرف الدين على صفحات مجلة (العرفان).

كانت البيئة التي عاش فيها الشهرستاني بعيدة عن الآداب الحديثة والعلوم العصرية . وكان الجمهور يرفضون قراءة الجرائد والمجلات ، لكن السيد الشهرستاني كان ميالاً للتطلع إلى جميع العلوم والفنون رافضاً الجمود والتخلف الذي ساد في المجتمع العراقي آنذاك. هذا الأمر جعله يراسل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية والسيد محمد رشيد رضا صاحب مجلة (المنار) التي تأسست عام 1898 في القاهرة وكذلك صاحبي مجلتي (المقتطف) التي أسسها يعقوب صروف (1852- 1927) وفارس نمر (1856- 1951) عام 1876 في سوريا أولا ثم انتقلت إلى القاهرة، ومجلة (الهلال) التي أسسها جرجي زيدان عام 1892 في القاهرة، فربط النجف بمصر وسوريا بينما لم تكن بينهما أدنى صلة أدبية.

وكان العراق قد شهد نهضة إصلاحية في عهد (1869- 1872) الوالي مدحت باشا (1822- 1883)  حيث قام ببناء عدد من المؤسسات الصحية والتعليمية والعسكرية وتأسيس المدارس الرشدية الملكية أي المدنية. في عام 1871 أنشأ مدرسة الصنائع في بغداد وهي مختصة بالتعليم المهني لتخريج عمال مهرة ومصلحي الآلات المستخدمة ، إضافة إلى القيام بالأعمال الكتابية في دوائر الحكومة.  كما أصدر أول صحيفة في العراق باسم (زوراء) باللغتين التركية والعربية. (4)

في حادثة وباء 1903 م انقطع إلى تدريس الأخلاق من الوجهتين النفسية والاجتماعية معاً ، وتدريس الفنون العقلية الأخرى. وكان الاشتغال بها قبل ذلك نادراً أو ممقوتاً.

في عام 1910 م أسس الشهرستاني مجلة (العلم) فكانت السبب في توسيع نطاق المطبوعات في النجف وبين الحوزة العلمية. إذ كان لا يقنع بنشرها بين المتعلمين بل كان يوصلها إلى طلاب وأساتذة الحوزة العلمية.

وكان لنشر كتابه (الهيئة والإسلام) عام 1909 أثر كبير في الصالونات الأدبية والأوساط المثقفة. وقد أعيدت طباعته عدة مرات ، وترجم إلى الإنكليزية والفارسية والتركية والهندية والهيئة هي علم الفلك . آذ يقارن الشهرستاني بين الظواهر الفلكية والآيات القرآنية والروايات من كبار الأئمة المسلمين في صدر الإسلام، والتوفيق بين ما تم اكتشافه حديثاً وبين قواعد الفلك والنجوم مع المأثورات الإسلامية.

يقول الشهرستاني في مقدمة الكتاب عن أسباب تأليفه الكتاب فيقول:

(صيانة عقائد المشتغلين بالفنون الفلسفية لا سيما الهيئة العصرية ، سواء الأساتذة والتلامذة في المدارس والمستمعون للمحاضرات والخطابات وقراء الصحف والمجلات والمتطلعون على المكتشفات الغربية. ففي الناس أناس غرّتهم الشبهات والنظريات. فزعموا أن سلوك أولياء الشريعة مسلك الحكماء في مباحث الفلك والطبيعة ، وفيهم من ظن أن الهيئة القديمة هي الموافقة للشريعة الإسلامية القويمة ، فتراهم اذا اعتقدوا بطلان تلك الفلسفة الغابرة ضعف إيمانهم بنواميس الشريعة الطاهرة. فقصدت من تصنيف هذا الكتاب إيضاح كون الإسلام بمعزل عن طرق الفلاسفة بل تهدم مقالاته معظم المباني من الهيئة السالفة وتحالف مذاهب الأوائل أشد المخالفة.

فعلى هذا ينبغي أن يكون تصديق الناس للعلوم سبب قوة إيمانهم بالمعارف الإسلامية ومزيد يقينهم بصدق البقية من مقالات النبي الأمين والأئمة من آله الميامين صلى الله عليهم أجمعين). (5)

غادر النجف في ( 14 رمضان 1330 هـ / 26 آب 1912 ) فقام بجولة في السواحل العربية والهند لمدة عامين ، وحج بيت الله الحرام ، وعاد إلى النجف في ( رجب 1332 هـ / حزيران 1914م).

كان من أقطاب الحركة الدستورية في العراق وايران منذ عام ( 1324-1330 هـ / 1905- 1912 م) 

وبعد عودته من رحلته عام 1914 كانت طلائع الحرب العالمية الأولى قد أطلت. ولما هاجم الانكليز ميناء الفاو في جنوب العراق في 4 تشرين الثاني 1914 ، كان الشهرستاني ممن خرج مع علماء الحوزة العلمية وثوار العشائر لقتالهم في جبهة الشعيبة. وقد دوّن ذكرياته عن تلك الحوادث في رسالة سماها (الخيبة في الشعيبة). (6)

أفكاره الإصلاحية

بدأت الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وبرز علماء مسلمون حملوا مشعل النهضة الفكرية والدينية والسياسية أمثال السيد جمال الدين الأفغاني (1838-1897 ) وتلميذه الشيخ محمد عبده (1849-1905) وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا (1865- 1935)  . كما برز الشيخ عبد الرحمن الكواكبي (1855- 1902 ) وكتابه الشهير (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) ، والشيخ محمد حسين النائيني (1860- 1936 ) وكتابه (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) في وجوب إقامة النظام الدستوري ، والصادر عام 1908.

وكانت الحركة الإصلاحية تتركز في أمرين: الأول تنقية الدين الإسلامي من الشوائب والخرافات . والثاني: الانفتاح على التجارب الإنسانية والاستفادة منها علمياً وحضارياً وتحقيق ازدهار صناعي وتجاري ، وتحول سياسي لخدمة الحقوق والحريات وتداول السلطة سلمياً ومشاركة الشعوب في اختيار حكامها.

ودعا السيد الأفغاني إلى توحيد كلمة المسلمين في بلادهم ولمواجهة الغزو الأوربي الممنهج وفرض الاستعمار ونهب الثروات وإنشاء أنظمة حكم دكتاتورية متعاونة مع الغرب وخططه وشركاته. ودعا عبد الرحمن الكواكبي إلى منح الشعوب المسلمة حرية التعبير والقول والنشر.

وقد اتسم المنهج الإصلاحي للسيد الشهرستاني بما يأتي:

1 -ربط النظريات الحديثة والاكتشافات العلمية بالآيات القرآنية ، وأن لها أصل في القرآن والسنة كما أوضح في مناقشته لعلم الفلك. وأنه كانت هناك نظريات قديمة قبل الإسلام لكن النظريات الحديثة أبطلتها مثل كروية الأرض. في حين أن لها ما يوافقها في النصوص الإسلامية. كما أكد في كتابه (الهيئة والإسلام) أن أحاديث وروايات النبي (ص) (هي أنباء غيبية وخفية ولم تستند إلى أدوات فنية أو آلات واختراعات. فهي موحاة من عوالم الغيب وحقائق خفية لا يقتضي وجودها عقل ، ولا يدركها حس. فقد أخبروا عن وجود أقمار وشموس وراء المحسوس قبل وجود الأنظمة والاكتشافات والمخترعات بألف سنة يذعن له القلب السليم والعقل المستقيم). (7)

 لقد حاول السيد الشهرستاني ربط علوم الحاضر بنصوص دينية من الكتاب والسنة. وهذه مجازفة ومواجهة مع الحقائق العلمية لسببين:

الأول: أن العلم والاكتشافات والنظريات تتطور يوماً بعد آخر ، وتأتي نظريات واكتشافات تهدم النظريات القديمة والحديثة. فكيف يربط النص القرآني والوحي الإلهي الخالد والأبدي بأمور وضعية زائلة ومتغيرة؟ وقد نشأ هذا التيار في التفسير العلمي للقرآن وأن كل ما جاء من اختراعات واكتشافات لها أصل في القرآن. كما أسس بعض الغربيين معالم هذا المنحى أمثال الطبيب الفرنسي المسلم موريس بوكاي (1920 - 1998 ) وقلده كثير من الكتاب والنشطاء الإسلاميين انبهاراً وإعجابا معتقدين أنهم يخدمون الدين والدعوة إلى الإسلام.

الثاني: أن القرآن الكريم كتاب هداية للعقول وليس كتاب علوم ونظريات قابلة للتغيير. وقد وردت في القرآن آيات ذات معاني علمية فلكية أو فيزيائية أو بيولوجية أو جيولوجية أو طبية من باب أنها من آيات الله للبشر وضرورة التدبر فيها للإيمان بالله والعودة للفطرة السليمة.

2 -نشر العلم والمعارف

وهو أسلوب علمي وحضارية يهدف إلى محاربة الجهل والتخلف والتوجه نحو الرقي والتقدم. ففي بداية القرن العشرين شهد العراق صدور عدة مجلات عربية ودينية وأدبية وسياسية وثقافية واجتماعية مثل (مجلة العلم) التي أصدرها الشهرستاني ، ومجلة (زهيرة بغداد) عام 1905 من قبل الآباء الكرمليين ، ومجلة (الايمان والعدل) . وفي الموصل صدرت مجلة (إكليل الورد) بالفرنسية من قبل الآباء الكرمليين. وكانت هذه المجلات ذات صفات دينية تبشيرية. وكان توزع بين الطوائف المسيحية. لقد شعر السيد هبة الدين بخلو الساحة من وجود مجلة تعنى بالفكر الإسلامي في العراق توازي المجلات التبشيرية المسيحية. فقرر إصدارها عام 1910 في النجف الأشرف لأنها تضم الحوزة العلمية والمرجعية الدينية التي تُعد من القواعد الرصينة للإسلام. لقد سعى لتبيان موقف الإسلام من العلاقة بين العلم والدين. وكانت محاولته جدية في عرض أفكاره بشكل عملي ومكثف ، متخطياً العزلة الفكرية ، ومتجاوزاً -قليلاً – الدائرة الفكرية المتشكلة حول التراث فقط ، حين كانت حواضر النجف وكربلاء وبغداد تمثل مكانة مرموقة علمياً ولكنها مشوبة بسلبية الانقطاع عن العالم الخارجي وعدم الاطلاع على ما يدور فيه من تطورات ثقافية وعلمية. (8) لقد آمن الشهرستاني بأهمية ودور وتأثير الصحافة فيصفها بقوله (أليست هي للأمة عيناً مراقباً ، ولساناً ناطقاً ، وخطيباً صادقاً ودرعاً واقياً ، ومعلماً هادياً .

ومؤدباً ناصحاً، وصراطاً واضحاً؟ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، لا تحمي في الباطل حميماً ، ولا تهضم في الحق خصيماً. وكل صحيفة أخطأت هذا الصراط فعلى الأمة تأديبها). (9)

 

كان ينقل في (مجلة العلم) الأخبار العلمية والاكتشافات الحديثة ، كما تولى فيها الرد على بعض المستشرقين الذين نالوا من الإسلام في كتاباتهم. لقد طبع بعض أعدادها في بغداد ، والأكثر قد طبع في النجف في مطبعة (حبل المتين) ، وكانت تصدر شهرياً ، أي ( 12 ) عدداً في السنة. وكان مديرها المسؤول عبد الحسين الأزري. (10) صدر منها في السنة الأولى (12) عدداً ، وفي الثانية (9) أعداد، ثم توقفت بإرادة الشهرستاني ، مع أنها لقيت انتشاراً وإقبالاً كثيراً.

كانت السيد يكتب أغلب مقالاته مع أنها نشرت مقالات لمجموعة من الكتاب ، بعضهم بأسماء حقيقية وبعضهم الآخر بأسماء مستعارة خشية الإشارة إليهم في مجالس أهل العلم في النجف ووصفهم بالانحدار العلمي والأدبي!!

وكتب فيها كبار الشعراء والأدباء في العراق أمثال جميل صدقي الزهاوي والشيخ محمد رضا الشبيبي ومعروف الرصافي وعلي الشرقي.

 

لقد تناولت (مجلة العلم) بعض الأفكار والمفاهيم السياسية كالديمقراطية والوطن. كما عمدت إلى التعريف ببعض الشخصيات الإصلاحية كالسيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد كاظم الخراساني ، وكلاهما من خريجي الحوزة العلمية في النجف.

أكدت المجلة في أغلب أبوابها على الإصلاح والذي كان يقسمه إلى خمسة أقسام:

1-إصلاح سياسة الحكومة

2- إصلاح العلوم وإداراتها

3- إصلاح الكتب المدرسية والمعتمدات منها في الأمور الدينية.

4- إصلاح العقائد الشائعة

5- إصلاح العادات السيئة العامة. (11)

 

لقد أُعجب كثيرون بمجلة العلم فأنشروا شعراً في مدحها ومدح مؤسسها. فقد أرخها الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء بقوله:

هبة الدين أتانا بعلوم مستضيفة *** وله التاريخ (أهدى طلب العلم فريضة)

 

كما كتب الشاعر علي الشرقي (1890- 1964):

آمنت فيك وحب العلم إيمان*** فآية العلم إنجيل وقرآن

العلم للمجد والعلياء مرشدنا*** المرشدان له عقل ووجدان

ما فقدك المال حرمان وإن زعموا*** جهلاً ولكن فقد العلم حرمان

 

وقرضها الشاعر خيري الهنداوي بالقول:

طرقتني (مجلة العلم) والفكر*** كليل من شدة الاطراق

وخيول الهموم تركض في الأحشاء*** ركضاً كالنار في الاحراق

 

كما أثنى على المجلة الشيخ محمد رشيد رضا (12) في مجلته الشهيرة (المنار). وأسس للمجلة مكتبة عامة يرتادها العلماء والأدباء من مختلف الطبقات والأعمار.

 

3- محاربة العادات السيئة

فعلى سبيل المثال تصدى السيد هبة الدين الشهرستاني لعادة نقل الجنائز فأصدر عام 1911 رسالته الموسومة (تحريم نقل الجنائز) مستعرضاً فيها آراء المجوّزين والمانعين مع أدلة كل رأي. وكانت آنذاك وسائل النقل بطيئة  وغالباً كانت تنقل على الحيوانات، وطرق حفظ الجثث كانت بدائية قبل مائة عام. وكانوا يدفنون الجثث بشكل مؤقت لحين تتوفر القدرة لحين نقلهم. فكانت تتفسخ وتنتشر روائحها قبل نقلها إلى النجف أو كربلاء.

لم تكن هذه الدعوات لمنع نقل الجنائز تجد استجابة أو قبول عند الناس بل استنكروها. كما وقف معهم بعض رجال الدين الذين يرون جواز نقل الموتى. هذا الأمر أدى إلى هياج العامة ضد الشهرستاني وتعريض حياته للخطر ، معتبرين دعوته مخالفة للشرع ، حتي تجرأ بعضهم فوصفه بالكفر والزندقة طالباً منه التوبة والاستغفار. إثر هذه الضجة اضطر الشهرستاني إلى مغادرة النجف ليبداً رحلته في البلدان الإسلامية عام 1912. ويصف الكاتب الصحفي جعفر الخليلي (13) موقف الشهرستاني بالقول:

 

(لقد كان هذا الرجل الذي تقدم مضحياً بمقامه ومستقبله الروحاني في سبيل الدعوة إلى نبذ تلك الخرافات هو السيد محمد علي الحسيني (أو هبة الدين الشهرستاني) . وكان يومذاك رجلاً من المراهقين للاجتهاد ، وعلى جانب غير قليل من الاطلاع على العلوم الحديثة والأفكار الجديدة إلى جانب اختصاصه في الفقه وعلم الأصول وعلم الكلام.

نقول يضحي بمستقبله الروحاني لأن الوصول إلى المرجعية الكبرى مراسيم وأساليب والتزامات خاصة إذا خرج عليها الروحاني بعدت عنه الزعامة والمرجعية على قدر ابتعاده عن الأخذ بتلك الاعتبارات والالتزامات. فالعرف والمفاهيم العام تتطلب من المرشح للزعامة الدينية الكبرى أن لا يضحك مثلاً ، وأن يكتفي بابتسامة خفيفة إذا اقتضى أن يضحك. وأن يبتعد عن التجديد في هيئة في هيئته وحياته الخاصة والعامة. وأن يقتصر اهتمامه وأكثر اهتمامه في الزهد والقناعة . وأن يقتصد في الكلام ، وأن يمشي مشية رتيبة موزونة ثقيلة ، وإلا كان كبعض الناس). (14)

 

قضية تحرير المرأة

عاصر السيد الشهرستاني قضية تحرير المرأة التي انطلقت من مصر على يد قاسم أمين ، وكمال أتاتورك في تركيا ورضا شاه في إيران. واقتصرت على محاور تعليم المرأة وهذا أمر مطلوب لكنها تركزت على كشف الحجاب الذي اعتبر مشكلة تخلف المرأة في المجتمعات الإسلامية. وأطلق حكام تلك الدول حملات لنزع الحجاب بالقوة كما حدث في تركيا وإيران. فيما ظهرت بنات وزوجة الملك فيصل الأول سافرات. وقلده الرؤساء والوزراء والوجهاء في ظهور زوجاتهم سافرات.

 انتقلت قضية نزع الحجاب إلى العراق من قبل بعض الشخصيات مثل الشاعر جميل صدقي الزهاوي الذي قال:

أخّر المسلمين عن أمم الأرض*** حجاب تشقى به المسلمات.

 

فيما دعا محمد أمين عالي باشا اعيان إلى ( تعليم المرأة المسلمة العلوم أمر لازم شرعاً وعقلاً).

أما السيد الشهرستاني فقد دعا إلى استلهام الجانب الشرعي الفقهي في قضايا الزواج والطلاق والإرث ، وعدم الخروج على الشريعة الإسلامية بالتأثر بالقوانين الوضعية الغربية، ومناقشة موضوع الحجاب من خلال مشروعيته ومنافعه وأهميته. وكان ينشر آراءه عام 1910 في جريدة (المؤيد) المصرية التي أصدرها الشيخ علي يوسف والشيخ أحمد ماضي أبو العزائم عام 1889. وكذلك نشر في مجلة (تنوير الأفكار البغدادية) عام 1910. وكان ينشر مقالاته باسم (كاتب من كربلاء) في (مجلة العلم) تضمنت أفكاراً جديدة حول قضايا المرأة. (15)

 

نشاطه السياسي

تعود اهتمامات السيد هبة الدين بالقضايا السياسية مع ظهور الحركات الدستورية في ايران (ثورة المشروطة عام 1905) ، وتركيا (إعلان الدستور العثماني عام 1908). وكانت الحركتان تشترك في الدعوة إلى تدوين دستور وإجراء انتخابات لاختيار ممثلي الشعب وتشكيل برلمان يراقب الحكومة والسلطان. وكان الشهرستاني يؤيد الفقهاء والمراجع الذين ساندوا ثورة المشروطة وضرورة اتخاذ الشورى والحرية ووجود دستور وحفظ القوانين ومنع الاستبداد والقهر لأنها من أسس الدين الإسلامي.

 

وكان يدعو إلى هذه الأفكار في خطبه في الاجتماعات العامة في النجف مثل غيره من المؤيدين لها. فالدعوة إلى الحكومة النيابية وتدوين الدستور كنموذج لنظام الحكم المرتبط بالمعايير الإسلامية نظرياً وعملياً.

وتعاون السيد هبة الدين سراً مع بعض الشخصيات النجفية خوفاً من المعارضين للدستور من جماعة المرجع السيد كاظم اليزدي. فقد كان يجتمع وينسق مع الشيخ جواد الجواهري ، محمد علي بحر العلوم ، محمد رضا الشبيبي ، سعيد كمال الدين ، أحمد الصافي النجفي ، الشيخ عبد الكريم الجزائري وغيرهم.

وتأييدا للحركة الدستورية في الدولة العثمانية (جمعية الاتحاد والترقي) أرسل السيد الشهرستاني في عام 1908 برقية إلى السلطان العثماني ينصحه فيها إلى الاستجابة لحركة الدستور ، إلا أنه قبل أن تصل برقيته كان المعارضون قد عزلوا السلطان عبد الحميد الثاني ونصبوا محمد رشاد بدلاً عنه.

وبعد إعلان الدستور العثماني عام 1908 أرسل علماء النجف برقية إلى السلطان الجديد أفتوا فيها بوجوب تنفيذ الدستور وتأسيس مجلس نيابي. وهو أول اتصال مباشر بين مراجع وفقهاء النجف الشيعة بالسلطان العثماني السني.

وعارض الشهرستاني إنشاء سكة حديد تربط البصرة ببرلين عبر بغداد و الموصل وإسطنبول وعواصم أوربية. فقد اعتبر المشروع أداة من أدوات تغلغل النفوذ الألماني في العراق. كما شكك في دوافع ألمانيا في ترويج الإسلام في بلادها ، واعتبرها من وسائل الاستعمار وكسب قلوب المسلمين إلى القوى الاستعمارية. فصار يصب جهده لمواجهة الاستعمار وأخطاره. ففي عيد الغدير في ( 18 ذي الحجة 1329 هـ / 8 كانون الأول 1911) ألقى خطبة في جامع عمران في النجف الأشرف وبحضور أكثر من ألفي رجل من بينهم عدد كبير من العلماء ورجال الدين ، قال فيها:

(أيها المسلمون احذروا سياسة الافرنج ، فإن غايتها امتلاك بلادكم واستلاب أموالكم ، وتغيير آدابكم ، وتبديل شرائعكم وأحكامكم ... إن أعداءكم الافرنج يتوسلون بأخذ الامتيازات التجارية والاقتصادية منكم ، وخوض السفن في بطون بحاركم ومد الحديد (السكك) على متون أراضيكم ، تذرعاً إلى تقوية النفوذ في حكوماتكم ، وامتصاص لعابكم ، وابتلاع لبابكم). (16)

 

شارك السيد هبة الدين في التصدي للقوات البريطانية التي نزلت في سواحل البصرة في بداية الحرب العالمية الأولى (1914-1918). فقد احتلوا البصرة في 22 تشرين الثاني 1914 ، وواصلوا تقدمهم نحو القرنة فاحتلوها في 9 كانون الأول 1914. وشارك في معركة الشعيبة عام 1915.

 

 أرسلت الحكومة العثمانية وفداً إلى النجف الأشرف لزيارة المراجع وكبار الفقهاء. كان الوفد يضم شخصيات بغدادية وحكومية ورجال دين من بينهم محمد فاضل الداغستاني وشوكت باشا والشيخ حميد الكليدار سادن العتبة الكاظمية. عقد الاجتماع في جامع الهندي وحضره العلماء والزعماء وشيوخ العشائر في الفرات الأوسط. وتحدث في الاجتماع عدد من علماء النجف وهم كل من السيد هبة الدين الشهرستاني

، السيد محمد سعيد الحبوبي ، الشيخ عبد الكريم الجزائري ، الشيخ جواد الجواهري ، منوهين بضرورة مشاركة الحكومة المسلمة لدفع الكفار عن بلاد المسلمين. ثم تكلم بعض شيوخ العشائر ومنهم مبدر آل فرعون رئيس عشيرة آل فتلة الذي قال: (إن الأتراك إخواننا في الدين ، وواجب علينا مساعدتهم في طرد الاعداء من بلادنا). وقبل أن ينفض الاجتماع أعلن علماء الدين الجهاد ووجوب الدفاع عن البلاد الإسلامية. (17)

 

في الكاظمية أصدر الشيخ مهدي الخالصي حكماً أوجب فيه على المسلمين صرف جميع أموالهم في الجهاد حتى تزول غائلة الكفر. وحكم السيد مهدي الحيدري بوجوب الجهاد ، وأبرق إلى علماء النجف وكربلاء وسامراء يخبرهم بعزمه على محاربة الكفار مهما كلف الأمر.

لم يكتف العلماء بإصدار فتاوى الجهاد ، بل خاضوا الحرب بأنفسهم أمثال السيد محمد سعيد الحبوبي ، الشيخ عبد الكريم الجزائري ، الشيخ عبد الرضا الشيخ راضي ، الشيخ جواد صاحب الجواهر ، الشيخ رحيم الظالمي ، السيد عبد الرزاق الحلو ، السيد محسن الحكيم ، الشيخ محمد رضا الشبيبي ، الشيخ علي الشرقي ، السيد سعيد كمال الدين ، السيد هبة الدين الشهرستاني وأبو القاسم الكاشاني.

 

ساهم الشهرستاني في الثورة العراقية الكبرى عام 1920 التي طالبت بريطانيا بتأسيس حكم وطني وتشكيل مجلس نيابي وحكومة تخضع للدستور. ونشبت الثورة بعد إعلان قرار مؤتمر الحلفاء في 25 نيسان 1920 ووضع العراق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني ، وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. وصدرت فتوى الجهاد من قبل المرجع الأعلى الشيخ محمد تقي الشيرازي التي نصها: (مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين . ويجب عليهم ضمن مطالبتهم رعاية السلم والأمن. ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الانكليز من قبول مطالبهم).

 

كان للسيد الشهرستاني دور كبير في إعلان الجهاد في كربلاء في 6 آب 1920 ، والاتصال بشيوخ العشائر ، والمشاركة في تشكيل إدارة عربية بتوجيه الشيخ محمد تقي الشيرازي للنظر في شؤون المدينة.

وقامت هذه الإدارة قد تشكلت بمجلسين:

 المجلس الحربي الأعلى ، الذي تألف من رئيس وأربعة أعضاء: السيد هبة الدين ، السيد أبو القاسم الكاشاني ، الشيخ أحمد الكربلائي ، محسن أبو طبيخ ، وعبد الحسين نجل المرجع محمد تقي الشيرازي.

وانتخب هذا المجلس مجلساً شعبياً آخر عرف بالمجلس الملي أو التنفيذي الذي مثل العلماء فيه الشيخ محمد حسن أبو المحاسن ، وكان يرأسه في الغالب.

واقتدت النجف بما جرى في كربلاء فتشكل مجلسان: تشريعي وتنفيذي. كما تشكلت إدارة مدنية من قادة حزب الاستقلال في بعقوبة ، قامت برفع العلم العربي.

بعد انتهاء الثورة تم اعتقال الشهرستاني في 19 تشرين الأول 1920 في مرقد الحر الرياحي بكربلاء. ثم نُقل إلى الهندية 27 تشرين الثاني 1920 . وفي 25 كانون الأول 1920 بدأت محاكمته في كربلاء وتم الحكم عليه بالاعدام شنقاً لتحريضه على الثورة وإسقاط الحكومة في كربلاء ، والحث على الجهاد. تم إرساله إلى سجن الهندية مع السجناء الآخرين. بعد ذلك نقلوه إلي سجن الحلة وبقي فيه تسعة أشهر ثم أطلق سراحه بعد إعلان العفو العام الذي صدر في 30 مايس 1921.    

 

الشهرستاني وزيراً للمعارف

لما تشكلت أول وزارة في عهد الملك فيصل الأول عام 1921 تم اختيار الشهرستاني وزيراً للمعارف (التربية) ، ثم استقال منها. وكانت له إنجازات مثل إحلال اللغة العربية محل الإنكليزية التي فرضتها الإدارة البريطانية في العراق. كما حاول إدخال اللغة العربية في المدارس الأجنبية. كما دعا إلى جعل المدارس الأهلية التي تضم 80٪ من الطلاب العراقيين إلى مدارس وطنية ووضعها تحت إشراف وزارة المعارف. وقدم مقترحاً بتأسيس مجلس معارف في كل لواء. ووافق مجلس الوزراء على هذا المقترح. وضم مجلس بغداد أكثر من عشرين عضواً منهم محمد رضا الشبيبي ، يوسف عز الدين إبراهيم ، فهمي المدرس ، جميل صدقي الزهاوي ، أنستاس ماري الكرملي ، محمود شكري الآلوسي ، السيد محمد خليل ، ساطع الحصري ، سليمان فيضي. ومهمة هذا المجلس (تقديم الاستشارات إلى وزارة المعارف في الأمور المهمة ، وحث الأهالي على إرسال أولادهم إلى المدارس ، ومساعدة الطلاب المحتاجين ، بالإضافة إلى جمع التبرعات لإنشاء الأبنية المدرسية أو توسيعها وإصلاحها). (1)

 

وكان للشهرستاني دور في إرسال بعثة عراقية إلى الخارج. ففي 11 تموز 1921 لإرسال عدد من الطلاب. وبعد إجراء المقابلات مع طلاب يمثلون بغداد (3 طلاب) والموصل (2) وكربلاء (1) والبصرة (1) ، تم إرسالهم إلى الخارج.

يتحدث الشهرستاني عن أيامه في الوزارة فيقول:

 (باشرت شخصياً بتقليم أظافر السياسة العسكرية الاحتلالية التي تمركزت في الوزارة أو تفرعت في المناطق ... وأعدت إلى الوزارة الصبغة الوطنية ، واللغة العربية ، والتقاليد القومية ، والآداب الإسلامية. ثم اتجهت إلى ناحية الدراسة ، فعممت فيها ضرورة أداء الفروض الدينية كالصلاة والآذان ، والاكثار من دروس الدين والقرآن في المدارس ، وضرورة دراسة العقائد ، والتاريخ وتفسير الكتاب والسنة ، والاهتمام بالنواحي الوطنية ، وإشعال روح الحماسة الوطنية في النفوس ، والعناية البالغة بالأناشيد الوطنية). (19)

 

دعا السيد هبة الدين إلى ضرورة الفصل بين المعاهدة العراقية البريطانية والانتداب البريطاني على العراق. وطالب باعتراف بريطانيا بالعراق دولة مستقلة ذات سيادة. لكن بريطانيا رفضت ذلك. عندها اضطر الشهرستاني إلى تقديم استقالته من الحكومة. رفض رئيس الوزراء الاستقالة ، مطالباً إياه بالاستمرار في الوزارة في عمله كوزير لحين تشكيل وزارة النقيب الثالثة في 30 أيلول 1922.

 

رئيس مجلس التمييز الجعفري

بعد انسحاب السيد هبة الدين من وزارة المعارف ، طلب منه الملك فيصل تسنم رئاسة مجلس التمييز الشرعي الجعفري لما وجد فيه الرجل المناسب لهذا المنصب. وقد أصدر وزير العدلية ناجي السويدي في 14 آب 1923 أمر التعيين. وكان لا يصادق على حكم إلا إذا كان مطابقاً وموافقاً لفتاوى مراجع التقليد المشهورين في النجف وكربلاء والكاظمية.

وقدم السيد هبة الدين مقترحاً إلى وزارة العدلية يتضمن تشكيل لجنة لتوحيد الأحكام ، ليرجع إليها القضاة ، لما رأى أن بعض القضاة لا يحكم وفق الحكم الشرعي بصورة مطردة ، وربما أصدروا أحكاماً متناقضة في قضية واحدة. ويقضي هذا المقترح بإثبات الأحكام المجمع عليها عند الفقهاء. أما المختلف فيها بين الذاهب الفقهية في العراق فيذكر الحكم عند كل مذهب ، ليلتزم القاضي بالحكم المدون طبق الاجماع أو طبق مذهب المتداعيين.

في 10 نيسان 1933 وافق وزير العدلية محمد زكي على تشكيل لجنة توحيد الأحكام. ضمت اللجنة من السيد هبة الدين ، الشيخ عبد الملك الشواف ، الحاج حمدي الأعظمي ، محمد نافع المصرف ، الشيخ موسى كشكول.

 

وكان السيد هبة الدين الشهرستاني قد أصيب بعينيه بمرض الرمد الصديدي في بداية ترؤسه لمجلس التمييز الجعفري. ولم يتحسن عيناه رغم التداوي المستمر. في 11 حزيران 1927 أجريت له عملية من قبل الدكتور طوبليان المشهور في المستشفى المجيدي (الجمهوري لاحقاً ثم مدينة الطب حالياً). لم تنجح العملية وفقد السيد هبة الدين بصره ، لكنه استمر في عمله القضائي والإداري ، بالإضافة إلى مواصلته البحث والكتابة إملاء على كاتب. وقام الطامعون بالمنصب بإثارة قضية تولي الأعمى منصباً قضائياً ، لكن الشيخ عبد الكريم الجزائري أصدر فتوى خاصة في ( 15 جمادى الأولى 1347 هـ / 28 تشرين الأول 1928 م) امتدح فيها الشهرستاني وعلمه ودينه ومعرفته بالأحكام الشرعية ثم قال (الجميع واثقون ومأنوسون بإسناد رئاسة مجلس التمييز الجعفري إليه . ولا يضر ضعف البصر أو عدمه بوظيفته شرعاً). بعد قضائه أحد عشر عاماً ترك العمل في المجلس بسبب فقد بصره.

 

 

 وفاته ودفنه

في الأيام الأخير من حياة السيد هبة الدين ، أصيب بضعف في الذاكرة والإدراك حتى عاد لا يعرف زواره إلا بعد حين ، ربما أصيب بالزهايمر وكان قد بلغ خمسة وثمانين عاماً. في فجر الاثنين ( 25 شوال 1386 هـ / 6 شباط 1967 ) توفي ، وتم تشييع جثمانه في اليوم نفسه تشييعاً مهيباً من جامع براثا في الكرخ إلى الكاظمية ، بحضور عدد من الوزراء وسفراء الدول


مشاهدات 75
الكاتب صلاح عبد الرزاق
أضيف 2024/04/27 - 1:04 AM
آخر تحديث 2024/05/05 - 6:12 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 101 الشهر 2524 الكلي 9140562
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير