الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشاعر‭ ‬والبلاد‭ ‬‭(‬10‭)‬

بواسطة azzaman

الشاعر‭ ‬والبلاد‭ ‬‭(‬10‭)‬

حسن‭ ‬النواب

 

في‭ ‬الركن‭ ‬القصي‭ ‬تحت‭ ‬موضع‭ ‬التلفاز‭ ‬المعلَّق‭ ‬على‭ ‬الجدار‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬حسن‭ ‬عجمي،‭ ‬جلس‭ ‬الشعراء‭ ‬الثمانينيون‭ ‬وعيونهم‭ ‬ترقب‭ ‬باب‭ ‬المقهى‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬مداهمة‭ ‬مفارز‭ ‬الانضباطية‭ ‬لهم؛‭ ‬ليس‭ ‬كلهم‭ ‬كانوا‭ ‬قلقين؛‭ ‬فلقد‭ ‬كان‭ ‬سعد‭ ‬جاسم‭ ‬طالبا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬أكاديمية‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة؛‭ ‬والأمر‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬باسم‭ ‬المرعبي‭ ‬ومحمد‭ ‬مظلوم‭ ‬ومحمد‭ ‬تركي‭ ‬النصار‭ ‬وحتى‭ ‬صلاح‭ ‬حسن‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬الحرب‭ ‬وهي‭ ‬تلفظ‭ ‬أنفاسها‭ ‬الأخيرة؛‭ ‬هناك‭ ‬وسام‭ ‬هاشم‭ ‬يصهل‭ ‬كفرس‭ ‬في‭ ‬برية‭ ‬وحميد‭ ‬كاظم‭ ‬الصائح‭ ‬الذي‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬صفحة‭ ‬النقد‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬الجمهورية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تشرف‭ ‬عليها‭ ‬نازك‭ ‬الأعرجي؛‭ ‬كانت‭ ‬مسرحية‭ ‬الرهن‭ ‬مازالت‭ ‬تعرض‭ ‬خلف‭ ‬سينما‭ ‬النصر‭ ‬لفرقة‭ ‬مسرح‭ ‬الفن‭ ‬الحديث،‭ ‬ومنها‭ ‬برز‭ ‬اسم‭ ‬الفنان‭ ‬عبد‭ ‬الأمير‭ ‬شمخي‭ ‬الذي‭ ‬أعدَّ‭ ‬المسرحية‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬قصصية‭ ‬لفؤاد‭ ‬التكرلي‭ ‬بعنوان‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر،‭ ‬وكان‭ ‬الصائح‭ ‬مطمئنا‭ ‬لما‭ ‬كتبه‭ ‬عن‭ ‬المسرحية،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬زعيم‭ ‬نصار‭ ‬وحسين‭ ‬الصعلوك‭ ‬يتجولان‭ ‬على‭ ‬مهل‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭ ‬منسي‭ ‬على‭ ‬الأرائك؛‭ ‬إذْ‭ ‬أنَّ‭ ‬أحدهما‭ ‬أمهر‭ ‬سارق‭ ‬للكتب؛‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬صديق‭ ‬الغجري‭ ‬كيف‭ ‬خبَّأ‭ ‬حسين‭ ‬الصعلوك‭ ‬كتاباً‭ ‬شعرياً‭ ‬لأمل‭ ‬دنقل‭ ‬تحت‭ ‬قميصه‭ ‬بخفَّة‭ ‬ساحر‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الشتاء؛‭ ‬ولما‭ ‬ضبطه‭ ‬صاحب‭ ‬المكتبة‭ ‬علَّل‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬قائلاً‭: ‬

‭- ‬رأيت‭ ‬أمل‭ ‬دنقل‭ ‬يرتجف‭ ‬من‭ ‬البرد‭ ‬فوضعته‭ ‬تحت‭ ‬قميصي‭ ‬ليتدفأ‭.‬

بينما‭ ‬كان‭ ‬المانعي‭ ‬مضطرباً‭ ‬بعد‭ ‬البيان‭ ‬الشعري‭ ‬الذي‭ ‬ضمَّنهُ‭ ‬مع‭ ‬مجموعته‭ ‬الشعرية‭ ‬طقوس‭ ‬الطين؛‭ ‬فلقد‭ ‬كتب‭ ‬عنه‭ ‬الصحفي‭ ‬أحمد‭ ‬هاتف‭ ‬نقداً‭ ‬لاذعاً‭ ‬في‭ ‬زاويته‭ ‬الأسبوعية‭ ‬بجريدة‭ ‬القادسية‭ ‬وأدرك‭ ‬شهريار‭ ‬الصباح؛‭ ‬وبعدها‭ ‬كشف‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الصحفي‭ ‬قد‭ ‬استولى‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مقالة‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬التراث‭ ‬القديمة‭ ‬ودبلجها‭ ‬بقليل‭ ‬من‭ ‬المفردات‭ ‬الحديثة‭ ‬لتتماشى‭ ‬وروح‭ ‬العصر‭. ‬فيما‭ ‬دخل‭ ‬إلى‭ ‬المقهى‭ ‬الشاعر‭ ‬سلام‭ ‬كاظم‭ ‬بشعر‭ ‬حليق‭ ‬وكتاب‭ ‬دخان‭ ‬المنزل‭ ‬بيده‭ ‬وهو‭ ‬ديوانه‭ ‬الشعري‭ ‬البكر؛‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬قرأ‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قصيدة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬اتحاد‭ ‬الأدباء‭ ‬أثارت‭ ‬لغطاً‭ ‬وأعجبت‭ ‬الحاضرين‭ ‬وكان‭ ‬اسمها‭ ‬الملوك‭ ‬العُزّل،‭ ‬ها‭ ‬هو‭ ‬يجلس‭ ‬بجوار‭ ‬كمال‭ ‬سبتي‭ ‬الذي‭ ‬نشرت‭ ‬له‭ ‬مجلة‭ ‬ألف‭ ‬باء‭ ‬نصاً‭ ‬نثرياً‭ ‬جريئا‭ ‬بعنوان‭ ‬الأقبية؛‭ ‬رباح‭ ‬نوري‭ ‬المصحح‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬القادسية‭ ‬والذي‭ ‬يمرح‭ ‬ويسرح‭ ‬بسيارة‭ ‬أخيه‭ ‬الشهيد‭ ‬كان‭ ‬ملازماً‭ ‬للقاص‭ ‬ثامر‭ ‬معيوف‭ ‬رئيس‭ ‬القسم‭ ‬الثقافي‭ ‬لجريدة‭ ‬القادسية،‭ ‬الذي‭ ‬كوَّر‭ ‬يده‭ ‬اليمنى‭ ‬محرِّكاً‭ ‬إياها‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬والخلف‭ ‬وقال‭ ‬متهكماً‭: ‬

‭- ‬فيضان‭ ‬بحجم‭ ‬الكف‭.‬

وكانت‭ ‬حركة‭ ‬يده‭ ‬تشير‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬جنسية؛‭ ‬أراد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬ذم‭ ‬كاتب‭ ‬تلك‭ ‬القصة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬هذا‭ ‬العنوان؛‭ ‬القاص‭ ‬محمد‭ ‬مزيد‭ ‬دخل‭ ‬المقهى‭ ‬مرتبكاً‭ ‬فلقد‭ ‬كتب‭ ‬بواحدة‭ ‬من‭ ‬قصصه‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬الفرامل‭ ‬فانطلقت‭ ‬السيارة؛‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬يتباهى‭ ‬بقصته‭ ‬غرفة‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬شوقي‭ ‬كريم‭ ‬حسن‭ ‬مخبوص‭ ‬بجماعة‭ ‬تضاد‭ ‬يفبرك‭ ‬البيانات‭ ‬وينشر‭ ‬الإعلانات،‭ ‬بينما‭ ‬حميد‭ ‬المختار‭ ‬مازال‭ ‬يعتمر‭ ‬قبعة‭ ‬زرقاء‭ ‬وقد‭ ‬أرسل‭ ‬شعره‭ ‬ليلامس‭ ‬كتفيه‭ ‬وهو‭ ‬مطمئن‭ ‬لردود‭ ‬الأفعال‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬النزلاء‭ ‬التي‭ ‬طبعها‭ ‬على‭ ‬حسابه‭ ‬الخاص‭. ‬أما‭ ‬عبد‭ ‬الرضا‭ ‬الحميد‭ ‬كان‭ ‬أترابه‭ ‬يحسدونه‭ ‬على‭ ‬غزارة‭ ‬النشر؛‭ ‬إذْ‭ ‬تمكَّنَ‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬ثلاث‭ ‬مجاميع‭ ‬قصصية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬سيدة‭ ‬المياه‭ ‬وكنت‭ ‬مع‭ ‬العريف‭ ‬والمجموعة‭ ‬الثالثة‭ ‬ستصدر‭ ‬قريباً‭ ‬بقصص‭ ‬لها‭ ‬لباس‭ ‬المعركة‭ ‬كما‭ ‬تسميها‭ ‬السلطة‭. ‬يمرق‭ ‬مثل‭ ‬طائر‭ ‬قطا‭ ‬خائف‭ ‬الشاعر‭ ‬أحمد‭ ‬عبد‭ ‬الحسين‭ ‬ويختفي‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هارباً‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬بعد‭ ‬فصله‭ ‬من‭ ‬الدراسة؛‭ ‬وفجأةً‭ ‬يخيم‭ ‬السكون‭ ‬على‭ ‬المقهى؛‭ ‬هل‭ ‬دخل‭ ‬جان‭ ‬دمو‭ ‬كلا؛‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يزل‭ ‬يستحم‭ ‬في‭ ‬حمَّام‭ ‬الفندق‭ ‬كي‭ ‬يزيل‭ ‬عرق‭ ‬الليالي‭ ‬عن‭ ‬جسده‭ ‬المتهالك‭ ‬بالشعر‭ ‬المترجم؛‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬صراع‭ ‬قصيدة‭ ‬النثر‭ ‬وبنيوية‭ ‬مالك‭ ‬المطلبي‭ ‬وواقعية‭ ‬كزار‭ ‬حنتوش‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬المقهى‭ ‬بقميص‭ ‬أبيض‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬رماد‭ ‬الشعر‭ ‬بين‭ ‬عينيه‭ ‬وهدوء‭ ‬عبد‭ ‬الزهرة‭ ‬زكي‭ ‬الذي‭ ‬ينذر‭ ‬بعاصفة‭ ‬مقبلة؛‭ ‬يرى‭ ‬صديق‭ ‬الغجري‭ ‬أدباء‭ ‬المحافظات‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬أحدهم‭ ‬يحتلون‭ ‬إحدى‭ ‬زوايا‭ ‬المقهى‭ ‬بخجل‭ ‬ووقار‭ ‬وفي‭ ‬صدورهم‭ ‬تنضج‭ ‬على‭ ‬مهلٍ‭ ‬أحلام‭ ‬أدبية‭ ‬وإبداعية‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها‭.‬

 


مشاهدات 144
الكاتب حسن‭ ‬النواب
أضيف 2024/04/15 - 6:18 PM
آخر تحديث 2024/05/20 - 7:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 120 الشهر 7797 الكلي 9345835
الوقت الآن
الإثنين 2024/5/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير