فاتح عبد السلام
فجأةً، تحول شهر رمضان الذي سيطل علينا في الأيام القليلة المقبلة الى خط فاصل ما بين السلم والحرب، وما بين عقد صفقة الرهائن والأسرى والانزلاق الى اعتداء جديد لاجتياح رفح في قطاع غزة.
إنّ الغرب والشرق يتحدثان عن ضرورة انجاز استحقاقات أساسية لوقف هذه الحرب الكبيرة في غزة استباقا لشهر رمضان الذي يشهد صيام المسلمين.P1
معالجة الوضع الفلسطيني ليس رهين هذا الشهر الفضيل، ولا يلتفت العالم الى حرمة هذا الشهر حتى بين المسلمين أنفسهم الا نادرا، فقد شهدنا حروبا طحنت العراق وسوريا في الماضي القريب وها هي الحرب مستمرة في السودان، وكلها حروب مرت من خلال رمضان او عبرت نحوه من دون أن يوقفها احد.
المعادلة لا تبدو أخلاقية او مستقيمة مع القيم البشرية، حين يوافق العالم على استمرار حصار مليونين وثلاثمائة ألف فلسطيني في قطاع غزة طوال هذه السنوات الممتدة، من دون ان يتذكروا يوماً انّ لشهر رمضان حرمة وجلالاً.
والمسألة ليست جديدة فقد مرّ على الشعب العراقي ثلاثة عشر رمضاناً وهو محاصر في التسعينات من القرن الماضي، ذلك الحصار البشع الذي طبّقه على العراق العرب والمسلمون قبل الدول الغربية.
الاعتبارات المعنوية باتت شكلية وذات استخدام سياسي غالباً، وهناك قريباً منّا « الإسلام السياسي» الذي ينتهز الفرصة في كل شهر صيام ليلعب لعبة من ألعابه.
هل وضع العرب والمسلمون اعتبارات حقيقية للشهور التي تقترن بدينهم وتراثهم وقيمهم ومناحيهم الروحية، لكي يقوم العالم بوضع اعتبارات لمناسباتنا الدينية؟
سيأتي شهر رمضان، وأعداد الفقراء في بلداننا تزداد، والتراحم الاجتماعي يقل بالأيام والساعات والثواني، وسط استباحة للقيم من خلال سلوك سياسيين أفسدوا في الأرض، وينعكس فسادهم على قوت الشعب وكرامته ومعيشته.
الدول ذات الأغلبية المسلمة لم تعتن بالمناسبات ذات الطابع الروحي والأخلاقي لتسمو من خلالها بالمجتمع وتشيع في أوساطه حبّ مساعدة الفقراء والدعم الانساني والاخاء ونبذ الكراهية.
يجب ان يفيض المسلمون في شهر رمضان في العراق مثلا بالخيرات على جميع أبناء البلد من الأديان والملل والنحل الأخرى لأنّ الإسلام وشهوره المقدسة رسالة إنسانية ، وبلاغ رحمة وتواد واخلاق لا نهاية له.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية