الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
استباحة‭ ‬الشهر‭ ‬أم‭ ‬البشر؟

بواسطة azzaman

استباحة‭ ‬الشهر‭ ‬أم‭ ‬البشر؟

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

‭ ‬فجأةً،‭ ‬تحول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬سيطل‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭ ‬الى‭ ‬خط‭ ‬فاصل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السلم‭ ‬والحرب،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬عقد‭ ‬صفقة‭ ‬الرهائن‭ ‬والأسرى‭ ‬والانزلاق‭ ‬الى‭ ‬اعتداء‭ ‬جديد‭ ‬لاجتياح‭ ‬رفح‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

إنّ‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ ‬يتحدثان‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬انجاز‭ ‬استحقاقات‭ ‬أساسية‭ ‬لوقف‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬استباقا‭ ‬لشهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬صيام‭ ‬المسلمين‭.‬P1

معالجة‭ ‬الوضع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ليس‭ ‬رهين‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬ولا‭ ‬يلتفت‭ ‬العالم‭ ‬الى‭ ‬حرمة‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬حتى‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬أنفسهم‭ ‬الا‭ ‬نادرا،‭ ‬فقد‭ ‬شهدنا‭ ‬حروبا‭ ‬طحنت‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الحرب‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وكلها‭ ‬حروب‭ ‬مرت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رمضان‭ ‬او‭ ‬عبرت‭ ‬نحوه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يوقفها‭ ‬احد‭.‬

المعادلة‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬أخلاقية‭ ‬او‭ ‬مستقيمة‭ ‬مع‭ ‬القيم‭ ‬البشرية،‭ ‬حين‭ ‬يوافق‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬حصار‭ ‬مليونين‭ ‬وثلاثمائة‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الممتدة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يتذكروا‭ ‬يوماً‭ ‬انّ‭ ‬لشهر‭ ‬رمضان‭ ‬حرمة‭ ‬وجلالاً‭.‬

‭ ‬والمسألة‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭ ‬فقد‭ ‬مرّ‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬رمضاناً‭ ‬وهو‭ ‬محاصر‭ ‬في‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬ذلك‭ ‬الحصار‭ ‬البشع‭ ‬الذي‭ ‬طبّقه‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭.‬

الاعتبارات‭ ‬المعنوية‭ ‬باتت‭ ‬شكلية‭ ‬وذات‭ ‬استخدام‭ ‬سياسي‭ ‬غالباً،‭ ‬وهناك‭ ‬قريباً‭ ‬منّا‭ ‬‮«‬‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬ينتهز‭ ‬الفرصة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬صيام‭ ‬ليلعب‭ ‬لعبة‭ ‬من‭ ‬ألعابه‭.‬

هل‭ ‬وضع‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬اعتبارات‭ ‬حقيقية‭ ‬للشهور‭ ‬التي‭ ‬تقترن‭ ‬بدينهم‭ ‬وتراثهم‭ ‬وقيمهم‭ ‬ومناحيهم‭ ‬الروحية،‭ ‬لكي‭ ‬يقوم‭ ‬العالم‭ ‬بوضع‭ ‬اعتبارات‭ ‬لمناسباتنا‭ ‬الدينية؟

سيأتي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وأعداد‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬تزداد،‭ ‬والتراحم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يقل‭ ‬بالأيام‭ ‬والساعات‭ ‬والثواني،‭ ‬وسط‭ ‬استباحة‭ ‬للقيم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سلوك‭ ‬سياسيين‭ ‬أفسدوا‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬وينعكس‭ ‬فسادهم‭ ‬على‭ ‬قوت‭ ‬الشعب‭ ‬وكرامته‭ ‬ومعيشته‭.‬

الدول‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسلمة‭ ‬لم‭ ‬تعتن‭ ‬بالمناسبات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الروحي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬لتسمو‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بالمجتمع‭ ‬وتشيع‭ ‬في‭ ‬أوساطه‭ ‬حبّ‭ ‬مساعدة‭ ‬الفقراء‭ ‬والدعم‭ ‬الانساني‭ ‬والاخاء‭ ‬ونبذ‭ ‬الكراهية‭.‬

يجب‭ ‬ان‭ ‬يفيض‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مثلا‭ ‬بالخيرات‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬الأديان‭ ‬والملل‭ ‬والنحل‭ ‬الأخرى‭ ‬لأنّ‭ ‬الإسلام‭ ‬وشهوره‭ ‬المقدسة‭ ‬رسالة‭ ‬إنسانية‭ ‬،‭ ‬وبلاغ‭ ‬رحمة‭ ‬وتواد‭ ‬واخلاق‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬له‭. ‬

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 492
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/02/24 - 3:01 PM
آخر تحديث 2024/10/31 - 6:39 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 47 الشهر 47 الكلي 10043191
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير