فاتح عبد السلام
هناك مشكلة بنيوية في الفكر السياسي المتداول في العراق، تكمن في انه هناك نقصا في المعلومات التي تضيء صورة السؤال المهم: كيف ينظر العالم، عبر الأمم المتحدة الى العراق؟
مضي عشرين سنة على إقامة النظام العراقي السياسي الجديد لا تعني انّ هناك نضوجا في جميع الملفات يعادل عقدين من الزمن، لا يمكن أن ننسى انَّ العراق من العام 2003 وحتى نهاية العام 2017 كان عبارة عن جغرافيا متشظية بالصراعات والحروب المتصلة ذات العناوين المختلفة، وبعضها ما يطعن في هيكلية الدولة وبنائها وشرعية كثير من قضاياها، لم تسفر عن أي صورة من صور الدول الحديثة في هذا الكوكب. وإزاء ذلك الوضع العراقي المُعقد، وفي ظل وجود التحالف الدولي، وارتهان إيرادات بيع النفط العراقي للممر الآمن عبر البنك الفيدرالي الأمريكي حتى اللحظة، كان وجود بعثة الأمم المتحدة أمراً طبيعيا، كما يحصل ذلك في بلدان ذات أوضاع مشابهة، وقد ساعدت الأمم المتحدة في كثير من الملفات التي شهدت اختناقات سياسية، كما وفرت “جهة أمان” لمَن لم تنصفه العملية السياسية ولا أقول الدولة العراقية في موازنات الأوضاع السياسية والاجتماعية العامة.
اليوم، تبدي الحكومة العراقية انزعاجها من أداء بعثة الأمم المتحدة، وهذا من حقها أن تبرره بما لديها من أسباب وقرائن، ولكن أن تطالب هذا الراعي الدولي الكبير بعدم ارسال بعثة جديدة، فتلك مسألة اشكالية تعود بنا الى النقص الموجود في بغداد في فهم المنظار الدولي الذي تمر من خلاله الرؤية الى هذا البلد.
قد يتحقق هذا المطلب ويخلو العراق من بعثة « يونامي” لكن المقارنة بين السلبيات والايجابيات يجب ان تكون في معالجة ذات رؤية واسعة ومدروسة ومتأنية وليس تحت ضغوط حالات مرحلية أو انفعالات عاطفية.
في هذا البلد، لا تزال هناك خلافات، تتوسط فيها عواصم كبرى لحلها، ولعل وجود بعثة للأمم المتحدة يكون عاملا مساعدا ومحايدا ويعزز الاتصالات الدولية للعراق على نحو أوثق.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية