في حفل توقيع كتاب.. السامرائي يفكّك طلاسم عنوان كتابه ليت لكن لعل
رياض عبد الكريم
في امسية شتائية رائعة ، وبحضور نخبوي ملفت للانتباه ، زاد عن عدد الكراسي المخصصة للجلوس ، اقامت دارة س ع في ضاحية الرابية بعمان الاردن احتفالية ابتهجت بأشهار وتوقيع كتاب الفدكتور مجيد السامرائي المعنون ليت لكن لعل والذي صدر حديثا في المانيا ويقع في 264 صفحة من القطع المتوسط وتم توزيعه في عمان وسيصل لبغداد قريبا .
منطلقات فكرية
قدمت للكتاب في هذه الامسية بضعة صفحات تطرقت فيها مستمزجا ابعاد شخصية السامرائي بمحتويات الكتاب وما دار من حوارات مع الشخصيات التي شكلت ركيزة لمنطلقات فكرية وسايكولوجية تركت اثارها على شخصية السامرائي الذي تبحر في شجون وافكار وامزجة شخصياته كاشفاً ومستخلصا تجاربهم الحياتية والفكرية .
الدكتور السامرائي :
رائد ومخضرم ومتفاعل مع الحياة بروح اليافعين وحلم المتأملين .... يكرر البدايات وكأنه قد ابتدأ الان .... لانه يدرك ان تكرار البدايات تعني الارادة والعزم ومابعدهما الهدف والنجاح .... لذلك فهو يظهر في كل مرة بلون جديد وفكر محتواه المعرفة والثقافة والوعي متضمنا عمقا في سايكولوجية الحوار ومبتغياته .امضى اكثر من ثلاثين عاما .... وهو يتجول ويبحث في عقول ونفوس شخصيات متنوعة الفكر والثقافة والاختصاص مستسهلا اللقاء بهم دون ان تخيفه ثقافاتهم وتخصصاتهم وهو العارف ربما بما يوازي مايعرفون وبماذا يفكرون انه عراب الاستكشاف والتوغل .... والباحث عن المجهول والمستخلص من العقول والتجارب .... في برنامجه التلفازي اطراف الحديث والذي مضى عليه اكثر من عقدين من الزمن يناقض عنوانه تواضعا لانه يدرك ويعرف عمقه اكثر من كونه طرفا من الحديث .
عندما اتصل به هاتفيا وأسأله .... كيفك يامجيد ؟ يجيني والله ما اعرف شبيه !! لكني اعرف مابه انه يبحث عن اناس يتشابهون مع طيبته وبساطته وتلقائيته ، لكنه يتعثر في العثور عليهم .... لذلك يلجأ للحديث مع ذاته عوضا عن الاخرين وكأنه قد انصاع لحكمة فرويد عندما يقول :
(نستطيع ان نقاوم الهجوم والنقد ، لكننا عاجزون امام الثناء ، ونحن نسعى لان نتجنب الالم اكثر من سعينا لأن نجد السعادة) .ليت لكن لعل هذا هو عنوان كتاب الدكتور السامرائي ، والذي وصفه بالعبثي في منشور له في الفيس بوك .... ولا اعرف ماذا كان يعني ؟ هل اراد ان يستفز القاريء لدفعه بأتجاه اقتناء الكتاب ، ام انه اراد ان يعبر عن احساسه بعبثية بعض مكونات الوجود ؟ عموما سنعرف ذلك من خلال حديثه عن الكتاب .انا اجد في الكتاب وهذه وجهة نظري كقاريء يعي ما يقرأ ، وليس كناقد ، انه سريالية فكرية تبحث في المنظور واللامنظور .... وتغوص في حيثيات التكوين والاستنتاج .... وفي اختزان الرؤى والتفسير ....للبحث في شواهد حياتية مكوناتها .... شخوص واحداث .... تحركها سايكولوجية ذاتية متعلقة بالامكنة والزمانات وبحسب تفاصيلها ومعانيها ....لقد كتب السامرائي اكثر من ستين نصا في كتابه ، مبدعا ومبتكرا في اختيار الاسلوب الذي تنوع مابين السرد الحكواتي .... والتأملات الشعرية .... والطروحات الفلسفية .... والتي شكلت بمجملها نموذجا من الكتابة التي تجاوزت التقليد والمشاع ....لتقف عند حد التعبير عن ذاتية الكاتب في الوصف والتفسير لتجارب حياته ونمطية التعامل مع متنوعات التكوين الوجودي وقيم المكان وتأريخ الزمان ....فهذه المتنوعات هي حتما رمزية الذكريات التي تأسست عبر علاقات نمطية احتوت الكثير من الاسئلة والاجوبة من خلال شحصيات لها من الاعداد ما انتجت الاف الاجوبة لمختلف شؤون الحياة لتختزنها ذاكرة السامرائي في حدود التعامل الفكري والمعرفي .... ولينسج منها فيما بعد قصصا وحكايات لها من القيمة والمعنى ما يجعل المرء يتناغم معها ويحب امكنتها ويسعد بزمانها.
ويؤكد ذلك الدكتور السامرائي بقوله :
هذه مدوناتي ويومياتي وسيلفي حياتي
سوالف ليل بطعم الهيل
نثرتها ولملمتها مثل خرزات الساحر وجمعتها بين منشور ومنثور .
ولم يبق غير العنوان ..
ولقد قرأت وفق نصح الناصحين ان يكون العنوان : مختصرا مميزا ، غير خادع ، بعيدا عن السجع ما امكن ومن ثم الانزياح ايضا.وان احتوى على لمسة شاعرية فشيء يزيد من الرونق ، والشاعرية قد تكون بتقليل الجرعة المنطقية .
فن اسلامي
بقى ان اشير الى ان المجيد السامرائي قد حصل على شهادة الماجستير عام 1993 وعنوان رسالته : تصاوير المستشرقين في مصر والعراق في القرن التاسع عشر .
ليكمل بحثه في الشان الاكاديمي ويحصل عل الدكتوراه عام 2005 في المدلول الرمزي لتصوير الحيوان في الفن الاسلامي ، له خمسة كتب قد صدرت سابقا وهذا الكتاب هو السادس والسابع في طريقه للصدور ، قدم اكثر من خمسمائة حلقة تلفازية من برنامجه الشهير اطراف الحديث والذي ابتدأ به عام 2007 ومازال مستمرا لحد الان وقبله قدم عدة برامج تلفزيونية منها ، قطار العمر ، شيء ما ، حوار بلا اسوار ، كيف يبدعون ، حوار في الشريعة ، وبرنامج أثر .
هذا يعني انه اكبر من حجم المخضرم واوسع من حدود الرواد !!
اكتفي بهذا القدر لئلا ازاحم اخي وصديقي ابا سميح ولا اريد ان اكثر من وصفه ، وهو الذي وصفني او شبهني بالفنان توفيق الدقن خلال حواره معي في اطراف الحديث دون ان اعرف مالذي ذكره بالدقن وما علاقي به ...تلك هي واحدة من قفشات السامرائي المحببة في الحوارات ، كي يجعل الحوار رطبا وليخلصه من الرتابة والجفاف .