معدل الإعالة في العراق حسب تعداد 2024
حسين الزيادي
معدل الإعالة العمرية هو مقياس ديموغرافي يُعبّر عن عدد الأشخاص غير النشطين اقتصاديًا (عادة الأطفال أقل من 15 سنة + كبار السن 65 سنة فأكثر) مقابل عدد الأشخاص في سن العمل (عادة من 15 إلى 64 سنة)، وعندما يكون المعدل 50 بالمئة مثلاً: يعني أن هناك 50 شخص غير عامل (طفل أو مسن) مقابل كل 100 شخص في سن العمل، وكلما ارتفع المعدل زاد عبء الإعالة على فئة العاملين، سواء من الأسرة أو الدولة، من حيث التعليم، الصحة، الرعاية، السكن، خدمات اجتماعية، الخ، ولهذا المؤشر أهمية كبيرة في التخطيط السكاني، الاقتصادي، الاجتماعي — فهو يعطي لمحة عن هيكل الأعمار في المجتمع، والتحديات والفرص المحتملة في المستقبل.
يُعد مؤشر معدل الإعالة العمرية من أهم المؤشرات الديموغرافية التي تعكس هيكلة السكان وعلاقتها بالاقتصاد والاجتماع. يقيس هذا المؤشر نسبة عدد المعالين، وهم الفئات العمرية غير النشطة اقتصاديًا (الأطفال دون 15 سنة وكبار السن فوق 65 سنة)، إلى عدد السكان في سن العمل (15-64 سنة). ويعطي هذا المؤشر دلالة على حجم الضغط الذي يتحمله السكان النشطون اقتصاديًا لدعم غير القادرين على العمل.
التباين بحسب المحافظات
تشير البيانات إلى تفاوت واضح في معدلات الإعالة بين محافظات العراق المختلفة فمثلاً، تسجل محافظات مثل ميسان وذي قار معدلات إعالة كلية مرتفعة تصل إلى 76بالمئة و74 بالمئة على التوالي، وهو ما يعني وجود حوالي 76 معيلًا لكل 100 عامل في ميسان، بالمقابل، هناك محافظات مثل السليمانية وكركوك تسجل معدلات أقل، تصل إلى 54بالمئة و65بالمئة على التوالي، ويوضح أن معدلات إعالة الصغار (الأطفال) تفوق بشكل واضح معدلات إعالة كبار السن في جميع المحافظات، وهو ما يشير إلى هيكلة سكانية شابة إلى حد كبير في العراق، مثلاً، في محافظة ميسان، تصل نسبة إعالة الأطفال إلى 70 بالمئة مقابل 5 بالمئة فقط لإعالة كبار السن، مما يعكس نسبة خصوبة مرتفعة وعبء تعليمي واجتماعي كبير، وقد جاءت محافظة ميسان بالحد الاعلى من معدلات الاعالة بعدد قدره 76 بالمئة تليها محافظة المثنى بمعدل اعالة 74 بالمئة الامر الذي يعكس ارتفاع معدلات الخصوبة ،بينما مثلت محافظة السليمانية بمعدل اعالة بلغ 45 بالمئة وهي النسبة الاقل بين المحافظات العراقية، الامر الذي يعكس انخفاض نسبة الخصوبة السكانية.
مقارنة بالمعدلات العالمية والعربية
على الصعيد العالمي، يُقدر متوسط معدل الإعالة الكلية بحوالي 58بالمئة، وتختلف هذه المعدلات باختلاف دول العالم حسب المرحلة الديموغرافية التي تمر بها كل دولة، ففي الدول ذات الخصوبة العالية مثل العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، تكون معدلات الإعالة مرتفعة بسبب كثرة الأطفال، بينما في الدول المتقدمة مع شيخوخة السكان، يرتفع نصيب كبار السن من الإعالة.
وبمقارنة المحافظات العراقية بالمعدل العالمي، نلاحظ أن عدة محافظات عراقية مثل ميسان وذي قار ونينوى تتجاوز هذا المتوسط، مما يدل على وجود عبء ديموغرافي ثقيل على القوى العاملة.
وهذا يتطلب اهتمامًا خاصًا من صناع القرار لضمان توفير الخدمات الاجتماعية والتعليمية المتزايدة.
في المنطقة العربية، يتراوح متوسط معدل الإعالة الكلية بين 40 بالمئة إلى 50 بالمئة في أغلب الدول، ويصل إلى مستويات أقل في دول الخليج نظرًا لتركيبة سكانية تختلف عن بقية الدول العربية، تتميز بنسبة عالية من العاملين الوافدين مقابل عدد أقل من المعالين، ومعظم المحافظات العراقية تسجل معدلات أعلى من المتوسط العربي، وهو ما يعكس وجود شريحة سكانية شابة، وضغوطًا متزايدة على الموارد والخدمات الاجتماعية، على سبيل المثال جاءت محافظة ميسان بنسبة 76 بالمئة وهي أعلى بكثير من متوسط المنطقة العربية، وهذا يشير إلى حاجة ملحة لخطط تنموية تستهدف توفير التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل.
تداعيات الفوارق في معدلات الإعالة
ان ارتفاع معدلات الإعالة خصوصًا في محافظات مثل ميسان وذي قار، يعكس تحديات كبيرة تتمثل في زيادة الطلب على التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، كما يشير إلى وجود ضغط اقتصادي على القوى العاملة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والهجرة في حالة عدم توفير فرص عمل كافية، وفي ضوء ذلك من الضروري أن تركز الاستراتيجيات التنموية على تعزيز التعليم والرعاية الصحية، خلق فرص عمل للشباب، وتحسين جودة الحياة لدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام في هذه المحافظات.
أما المحافظات ذات معدلات الإعالة الأقل، مثل السليمانية وكركوك، فتواجه تحديات مختلفة، حيث قد تبدأ بالاقتراب من مظاهر شيخوخة السكان في المستقبل، مما يتطلب خططًا لدعم الرعاية الصحية طويلة الأمد ومعاشات كبار السن.
المخاطر والتحديات
ارتفاع معدلات الاعالة يعني ضغط على الخدمات العامة والبنية التحتية :مدارس، مستشفيات، وحدات سكنية، مرافق اجتماعية ، كلها ستكون تحت ضغط كبير إذا لم تخطط بشكل مسبق، في ظروف بطالة أو نقص فرص عمل وهناك تحديات متعلقة بالشيخوخة (إذا تغير الهيكل العمري)، إذا بدأ عدد كبار السن في الارتفاع (كما يحدث في العديد من الدول مع تراجع الخصوبة وارتفاع متوسط العمر) — سيزداد العبء على نظام التقاعد، والرعاية الطويلة الأجل، والصحة، والخدمات الاجتماعية، وهذا كان الاتجاه العام في الدول المتقدمة منذ عقود.