أخوة تاريخية تجمع بغداد والقاهرة بوشائج لا تنقطع
الجنابي: الجالية العراقية أمانة في أعناقنا وعلاقتنا بمصر نموذج عربي مضيء
القاهرة - جاسم حيدر
خلال زياراتي المتكررة إلى جمهورية مصر العربية، لم احظ بفرصة للقاء سعادة السفير العراقي في مصر الدكتور قحطان طه خلف الجنابي، وذلك بسبب كثرة ارتباطاتي و انشغالاتي بحضور المناسبات والمشاركة في مهرجانات ومؤتمرات و أمسيات فنية وثقافية، لكن كثرة حديث الأحبة والأصدقاء العراقيين هناك عن سعادة السفير، جعلتني اقصده، حيث ذهبت إلى مقر السفارة رغبة باللقاء به ، هناك وجدته يستقبل العراقيين سواء الجاليات في مصر أو الطلبة والسواح العراقيين خارج مكتبه الرسمي ، ببساطته وتواضعه، كما لو لم يكن مسؤولا دبلوماسيا، فقد رحب بزيارتي لمقر السفارة ودعاني إلى مكتبه، وللتعرف على نشاطات السفارة العراقية في مصر، كان لنا معه هذا الحوار، قلنا له:
مرحلة ازدهار
كيف تقيمون واقع العلاقات بين العراق ومصر في المرحلة الحالية؟
- العلاقة بين العراق ومصر هي علاقة تاريخية تمتد لعقود، ولكنها اليوم تشهد مرحلة ازدهار استثنائية، هناك تنسيق سياسي وثيق، وتفاهم متبادل تجاه القضايا الإقليمية، كما أن هناك رغبة حقيقية من كلا الجانبين لتحويل هذا التقارب إلى مشاريع ملموسة تخدم الشعبين الشقيقين، نراه اليوم هو مرحلة انتعاش حقيقية، كما ان العلاقات انتقلت من مستوى التشاور التقليدي إلى مستوى الشراكة الفعلية، فهناك زيارات متبادلة رفيعة المستوى، واتفاقات تتم دراستها بعناية، وإرادة سياسية قوية تدفع بهذه العلاقة إلى مسارات أكثر عمقا، لذلك أستطيع القول إن ما يجمع بغداد والقاهرة اليوم هو رؤية مشتركة لمستقبل عربي مستقر ومتعاون.
ما هي أهم الملفات التي يعمل عليها الجانبان حاليا؟
- هناك ثلاثة محاور أو ملفات رئيسية نركز عليها في علاقاتنا مثل التعاون الاقتصادي والاستثماري، خصوصا في مجالات الطاقة والإعمار، و أيضا الملف الثقافي، إذ نؤمن أن مصر والعراق يمتلكان إرثاً عريقاً يستحق مواصلة التفاعل بينهما، وكذلك التعاون الأمني في مواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، فنسعى لجذب الشركات المصرية للمشاركة في إعمار العراق، ونعمل على تذليل العقبات أمام القطاع الخاص، وهناك مشاريع في الطاقة والبنى التحتية والسكن تشهد حراكا جديا، كما نبحث إقامة مصانع مشتركة، وتبادل خبرات في مجالات الأمن الغذائي، والتكنولوجيا الزراعية والمياه، إضافة إلى التشاور حول الملفات الإقليمية الحساسة، كما نعمل على زيادة مقاعد الدراسة للطلبة العراقيين في الجامعات المصرية، وتسهيل العلاج في المستشفيات المصرية المعتمدة.
ماذا عن الجالية العراقية في مصر؟ وكيف يجري التعامل مع احتياجاتها؟
- بلاشك لاحظتم كيفية تعاملنا مع الجالية العراقية في مصر بمقر السفارة، فإن الجالية العراقية تحظى باهتمام خاص، حيث نسعى لتسهيل إجراءات الإقامة والدراسة والعلاج، ونعمل على إنشاء قنوات تواصل مباشرة تضمن سرعة الاستجابة.
كما أن أبواب السفارة مفتوحة لكل عراقي، ونعمل بروح الخدمة لا الرسمية، فالجالية العراقية في مصر لها حضور محترم، وتضم طلابا وأكاديميين ورجال أعمال وفنانين، ونحن في السفارة نعتبر خدمة الجالية من أهم أولوياتنا، فقد قمنا خلال الفترة الماضية بتطوير آليات العمل القنصلي، وتخصيص نافذة مباشرة لحالات المرضى وكبار السن، بالإضافة إلى توفير منصة إلكترونية للتواصل وتلقي الطلبات. كما نعمل على تنظيم لقاءات دورية مع أبناء الجالية للاستماع إلى مشاكلهم وتقديم الحلول، ونحرص دائما على أن يشعر كل عراقي في مصر بأن السفارة هي بيته الأول وليس مجرد مؤسسة رسمية.
تراث موصلي
هل هناك خطط لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين؟
- بكل تأكيد، نعمل على تنظيم أسابيع ثقافية عراقية في القاهرة، وأخرى مصرية في بغداد، إضافة إلى دعم مبادرات الباحثين والطلاب، سيما وأن الثقافة هي الجسر الأكثر رسوخا بين الشعوب، ونحن نؤمن بدورها في تعزيز الانسجام العربي، كما نأمل ان يساهم جنابك أيضا في هذا المجال، باعتباركم تمثلون الفن والإعلام وأيضا رئيس لجمعية احياء التراث الموصلي التي تعنى بالتراث والفلكور، وإن شاء الله نتعاون فيما بيننا بما يخدم عراقنا العظيم، فلدينا أيضا اتفاقيات بين الجامعات العراقية والمصرية، وهناك مشاريع بحثية مشتركة يجري التحضير لها، خاصة في مجالات الآثار والتاريخ والعلوم الإنسانية.
ما تقييمكم للدور المصري في المنطقة؟ وكيف ينسجم ذلك مع الرؤية العراقية؟
- مصر دولة مركزية في الشرق الأوسط، وصوتها مسموع في الملفات العربية والدولية، العراق ينظر بإيجابية بالغة للدور المصري، ويرى فيه عنصر توازن واستقرار، نحن نتقاطع في الكثير من المواقف، ونعمل على التنسيق المستمر داخل الجامعة العربية، وفي الملفات التي تخص الأمن الإقليمي، ما يجمعنا هو الإيمان بأن العالم العربي يحتاج إلى قيادة متعاونة، لا متنافرة، وأن المصالح المشتركة أكبر بكثير من نقاط الاختلاف.
ما أهم التحديات التي تواجه عمل السفارة؟ وكيف يتم التعامل معها؟
- أبرز التحديات هي حجم الطلبات الكبير من أبناء الجالية، خاصة في ذروة فترات الدراسة والسفر، نعمل على زيادة عدد الموظـــفين في بعض الأقسام، وتطوير الخدمات الرقمية للتقليل من الازدحام.
كما نواجه أحياناً تعقيدات في بعض المعاملات القانونية، ولكننا نعمل بالتنسيق مع الجهات المصرية لتسهيلها بما يخدم المواطن ويحترم القوانين.
كلمة أخيرة توجهونها للجمهور؟
- رسالتي لأبناء العراق داخل الوطن وخارجه أن يواصلوا الإيمان ببلدهم وبقدراته على النهوض، أما لإخوتنا في مصر، فأقول إن العلاقة بيننا أكبر من السياسة والاقتصاد، هي علاقة محبة وتاريخ ومصير مشترك، نحن نعمل من أجل مستقبل عربي متعاون، يكون فيه العراق ومصر ركنين أساسيين في استقرار المنطقة.