الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حقيبة الثقافة ليست فائضة

بواسطة azzaman

حقيبة الثقافة ليست فائضة

فاتح عبدالسلام

 

أرض العراق كلها متحف، ليست هناك بقعة فوقها غير اثارية وموغلة في الزمن وعليها نفحات من حقب تاريخية ملونة بالأحداث والمنجزات والشخصيات. لا يمكن حصر التاريخ العراقي بحادثتين او اكثر من باب الاستخدامات الدينية الطقوسية في حين انّ التاريخ العراقي الثري مهمل، لا أحد يسلط عليه الضوء ولا أحد معني بتسويقه للعالم، وفي أحسن الحالات يوجد عددمحدود” جدا من المتاحف التي تلقت طعنات النهب والتخريب عبر مختلف موجات الحروب في السنوات الأخيرة.

الاثار تستحق أن يكون لها وزير وحقيبة مستقلة، واذا بقيت ملحقة بوزارة الثقافة فيجب ان يتم اختيار الوزير المناسب الذي يعرف حق المعرفة أهمية الواجهة التاريخية الاثارية للبلد في صنع الهوية ورفع السمعة في الصعيد الدولي فضلا عن فتح مسارات جديدة للإيرادات المالية.

 قبل  اكثر من سنتين جاء وزير الثقافة الى لندن فرحاً لأنه سيصطحب معه الى بغداد الاف القطع الاثرية المتصلة بالحضارات الاشورية والبابلية والسومرية وسواها من الفترات الغنية في تاريخ اقدم بلدان الكوكب، ولكن لم يفهم من مهمته سوى الاستلام والتوصيل وكأنه لا توجد إمكانية في إعادة ارسال القطع الاثرية عبر الشحن العادي بالطائرات او البواخر. القطع الاثرية كانت مودعة ومستخدمة في عروض المتحف البريطاني منذ مائة عام، وهذا الزمن ليس سائباً او مجانياً ، فكل زيارة الى المتحف في لندن لها تذكرة، بثمن يزداد مع الزمن منذ قرن كامل، وانّ الوزير الذي لا يدرك خطورة مهمته ومسؤوليته التاريخية لا يستحق المنصب، وانّ من الاجدر ايفاد موظف له خبرة في مجال المتاحف ليفاوض المتحف البريطاني عن حقوق المشاهدة في خلال قرن كامل. كما انه لا توجد علامات على التعاون الاثاري بين الدول الكبيرة ذات الباع الطويل في مجال المتاحف مع الجهات العراقية باستثناء بعثات التنقيب الاكاديمية، والسبب قد يرجع معظمه على وزارة الثقافة والاثار والسياحة التي ليس لها دليل سياحي اعلامي واحد بمستوى لائق من اللغات الحية والإخراج المميز والانتشار الواسع. فالعراق حتى اليوم بقعة مجهولة في مكاتب السياحة الدولية، ولولا ظهور جهود  هي محل تقدير في تسويق الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة وأوربا لفكرة زيارة اثار” بابل” ومراقد انبياء « بني إسرائيل” المنتشرة في العراق لما كان هناك أي اندفاع لدى شركات السياحة العالمية لإرسال سائح واحد.

 مدرسة ابتدائية خاصة قد تجلب للبلد إيرادات مالية اكثر مما تجلبه المتاحف والزيارات والمطبوعات الاثارية للعراق بوضعها وزارتها الحالية. لماذا هذا التردي، ولماذا تكون وزارة يقع عليها دور تمثيل واجهة العراق الحضارية والتاريخية امام العالم، بهذا المستوى الضعيف مع أداء وزير غير مراقب من جهات تخصصية. أعتب على رئاسة الوزراء لماذا لا تتعاقد مع شخصيات عراقية ثقافية عالية المستوى من الخبرات المنتشرة في دول شتى، أو حتى شركات اجنبية لمراقبة سير أداء الناتج الحقيقي لوزارة الثقافة والاثار والسياحة بوصف انّ المكون الثقافي للعراق هو صناعة مستقلة وهو مورد اقتصادي، وليس كلاما فارغا بلا معنى كما يظهر في أداء هذه الحقيبة .

لقد كنتُ أظن انّ هناك مَن يسمع ويعي ويحلل ويستدرك، عندما طالبت قبل اكثر من سنتين بتأسيس المجلس الأعلى للثقافة والفنون والمعارف على نحو استشاري واعتباري ليضع خطط خريطة الطريق المناسبة لبلد يمكن أن يصنع من الثقافة نهرا اقتصاديا يدر المليارات على خزينة الدولة، كما حال دول أصغر حجما من العراق، ونراها متألقة في مواردها الثقافية.

 

fatihabdusalam@hotmail.com


مشاهدات 50
الكاتب فاتح عبدالسلام
أضيف 2025/11/22 - 1:58 PM
آخر تحديث 2025/11/23 - 8:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 291 الشهر 16592 الكلي 12678095
الوقت الآن
الأحد 2025/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير